ميركل حريصة على لقاء السيسي رغم «التشاحن الدبلوماسي العابر» بين القاهرة وبرلين

الرئيس المصري يستقبل لويد أوستن وسط توقعات بعودة «النجم الساطع»

ميركل حريصة على لقاء السيسي رغم «التشاحن الدبلوماسي العابر» بين القاهرة وبرلين
TT

ميركل حريصة على لقاء السيسي رغم «التشاحن الدبلوماسي العابر» بين القاهرة وبرلين

ميركل حريصة على لقاء السيسي رغم «التشاحن الدبلوماسي العابر» بين القاهرة وبرلين

أشارت مصادر دبلوماسية مصرية وألمانية أمس إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حريصة على لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارة مقررة إلى برلين مطلع الشهر المقبل، وأكدت المصادر أن «المشاحنة الدبلوماسية العابرة بين القاهرة وبرلين التي حدثت خلال الساعات الماضية لا يمكن أن تؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين»، لكنهم أوضحوا أن ملف الزيارة الآن في حوزة الرئيس المصري.
وكان وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير، ورئيس البرلمان الألماني (بوندستاغ) نوربرت لامرت، قد وجها انتقادات إلى القاهرة عقب قرار محكمة مصرية قبل يومين بإحالة أوراق الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان البارزين إلى المفتي لاستطلاع رأيه في حكم متوقع بإعدامهم.
وعلق شتاينماير السبت الماضي على قرار المحكمة بالقول إنه يراه «شكلا من أشكال العقاب الذي نرفضه (في ألمانيا) رفضًا باتًا». متابعا بقوله: «من المهم بالنسبة للحكومة الألمانية أن يتصرف القضاء المصري وفقًا للحق والقانون وليس وفقًا للمعايير السياسية»، مشيرًا إلى أنه سيتضح خلال الأيام المقبلة، إن كان هذا سيحدث في هذه الحالة أم لا.
وأول من أمس، أعلن لامرت، رئيس البوندستاغ، أنه أبلغ السفير المصري لدى ألمانيا «إلغاء لقاء مقرر مع الرئيس المصري خلال زيارته لبرلين»، موضحا أن السبب يعود إلى «انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر»، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
لكن السفير المصري لدى ألمانيا محمد حجازي قال تعقيبا على البيان إن «الجانب المصري لم يطلب أو يتطلع إلى عقد لقاء للرئيس المصري مع لامرت، وإنما تم إدراج المقابلة في إطار بلورة الجانب الألماني لمشروع برنامج الزيارة».
وأوضحت مصادر دبلوماسية مصرية لـ«الشرق الأوسط» أنه «عقب دعوة ميركل السيسي لزيارة برلين، جرى إعداد برنامج مقترح يتضمن أبرز الشخصيات الألمانية التي يمكن أن يلتقيها الرئيس المصري، ومن بينها لامرت، لكن الرئاسة المصرية لم ترد حتى الساعة على ذلك البرنامج، وبالتالي لم يتقرر ما إذا كان الجانب المصري وافق على لقاء رئيس البوندستاغ من عدمه.. مما يعني أن لامرت يقوم بإلغاء شيء لم يقرر أصلا، ويبدو أنه يسعى لاستعراض إعلامي»، بحسب المصادر.
لكن مصادر مصرية وألمانية أكدت أمس أن المستشارة ميركل متمسكة بدعوة الرئيس المصري إلى برلين، وأنها حريصة على لقائه خلال زيارته المرتقبة، والمتوقع أن تكون يومي 3 و4 يونيو (حزيران) المقبل. وقال متحدث باسم المكتب الصحافي الاتحادي في برلين إن «دعوة المستشارة للسيسي قائمة». كما أكد مصدر دبلوماسي مصري المعلومة نفسها لـ«الشرق الأوسط»، لكنه لم يؤكد أو ينفي إذا ما كان هناك أي تعديل على جدول الرئاسة المصرية بخصوص الزيارة، مشيرا إلى أن «قرار المضي قدما في الزيارة في حوزة الرئيس السيسي، وهو وحده من سيتخذ القرار».
وأبدت الإدارة الألمانية حرصها على قيام الرئيس المصري بأول زيارة له إلى ألمانيا. وقال وزير خارجيتها شتاينماير الأسبوع الماضي، خلال زيارة إلى القاهرة، إن «بلاده تتطلع خلال الفترة المقبلة للتعرف على رؤى الرئيس السيسي فيما يتعلق بتطور الدولة والمجتمع المصري خلال السنوات المقبلة»، مشددا على أن «مصر شريك أساسي لضمان الاستقرار في المنطقة». كما أوضح أن الزيارة ستشمل تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات الاقتصادية وتشغيل الشباب وتطوير التعليم الفني، إلى جانب أنه سيتم خلال زيارة الرئيس السيسي لألمانيا بحث التطورات الخارجية، خاصة المخاطر التي تهدد استقرار المنطقة، وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
لكن الدبلوماسية المصرية تؤكد دائما أنها لا تقبل التعليق أو التدخل في الشأن الداخلي المصري، وخصوصا الأحكام القضائية، مشددة على أن «القضاء المصري مستقل وغير مسيس»، وأن الفهم الخاطئ لأحكامه وقراراته يعود غالبا إلى «نقص معلوماتي لدى الأطراف التي تعلق سلبا على هذه الأحكام»، موضحة أن «هناك منظمات وجهات دولية معروفة بالإساءة عمدا للإدارة المصرية والقضاء، وتريد ترسيخ صورة مغلوطة أنه مسيس، وللأسف فإن بعض السياسيين الغربيين يستقون معلوماتهم من هذه التقارير، ويصدرون تصريحات، من دون العودة إلى القاهرة لاستكمال معلوماتهم».
من جهة أخرى، استقبل الرئيس السيسي أمس الفريق أول لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأميركية، والوفد المرافق له الذي يزور مصر حاليًا. وذلك وسط توقعات بعودة التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة بين مصر والولايات المتحدة التي تحمل اسم «النجم الساطع»، والتي جرى تعليقها منذ عام 2013 على خفية توتر سياسي بين القاهرة وواشنطن.
وكان الفريق أول صدقي صبحي استقبل الفريق أول أوستن مساء أول من أمس، حيث تناول اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، والتدريبات المشتركة بين الجانبين، وسبل تدعيم أوجه التعاون العسكري في المجالات المختلفة في ضوء العلاقات المتميزة التي تربط الدولتين.
وعلى صعيد ذي صلة، وصل إلى القاهرة أمس سباستيان كورتس، وزير خارجية النمسا، قادما ممن فيينا على رأس وفد رسمي في زيارة تستغرق يومين في إطار جولة تقوده إلى الأردن يلتقي خلالها الرئيس السيسي لبحث آخر تطورات الوضع بالمنطقة.
وقالت مصادر مصرية إن «الوزير النمساوي سيلتقي خلال زيارته مع وزير الخارجية سامح شكري والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كما سيلتقي عددا من الشخصيات ورجال الأعمال، ويزور المركز الثقافي النمساوي بالقاهرة».



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.