النفط حائر على مدار الساعة

التضاربات تؤجج التحركات الحادة... وأنباء عن محور طاقة صيني ـ روسي

تسعى الصين لتعزيز مخزونها الاستراتيجي من النفط الخام بالنفط الروسي الرخيص (رويترز)
تسعى الصين لتعزيز مخزونها الاستراتيجي من النفط الخام بالنفط الروسي الرخيص (رويترز)
TT

النفط حائر على مدار الساعة

تسعى الصين لتعزيز مخزونها الاستراتيجي من النفط الخام بالنفط الروسي الرخيص (رويترز)
تسعى الصين لتعزيز مخزونها الاستراتيجي من النفط الخام بالنفط الروسي الرخيص (رويترز)

تذبذبت أسعار النفط بشدة أمس (الخميس)، لتبدأ على خسائر صباحية مبكرة حين طغت المخاوف المستمرة حيال نقص الإمدادات العالمية على القلق من تباطؤ النمو الاقتصادي، ثم تعافت لاحقاً قبل الظهيرة بفضل آمال في أن يؤدي التخفيف المزمع لقيود الجائحة في مدينة شنغهاي الصينية إلى تحسن الطلب على الوقود، لتعود مع الظهيرة إلى خانة النزف مع عودة مخاوف التباطؤ وأنباء عن استمرار تدفق الخام الروسي خارج أسواقه الاعتيادية... لكنها قلصت الخسائر عصراً مع تزايد الغموض مجدداً حول الإمدادات.
وعند الساعة 13:05 بتوقيت غرينتش، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 2.38 دولار، أي ما يعادل 2.18%، إلى 106.73 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 3.49 دولار، أو 3.49%، إلى 106.10 دولار للبرميل. وانخفضت عقود خامَي القياس العالميين لأقرب استحقاق بنحو 2.5% مساء الأربعاء... لكن بعد نحو ساعة (14:15) قلص خام برنت خسارته إلى 58 سنتاً فقط، 53%، والخام الأميركي إلى 1.37 دولار، أو 1.25%.
وقال ساتورو يوشيدا، محلل السلع الأولية في شركة «راكوتن للأوراق المالية»: «أدى التراجع في (وول ستريت) إلى انخفاض المعنويات في التعاملات المبكرة، إذ أكد المخاوف حيال ضعف الاستهلاك والطلب على الوقود». وأضاف أنه لا يزال «من المتوقع أن يؤدي حظر واردات منتظر من الاتحاد الأوروبي للخام الروسي إلى زيادة تقليص الإمدادات العالمية».
واقترح الاتحاد الأوروبي هذا الشهر حزمة جديدة من العقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، تشمل فرض حظر كامل على واردات النفط الروسي في غضون ستة أشهر، لكن لم يتم اعتمادها بعد.
وتراجعت مخزونات الخام الأميركية الأسبوع الماضي على غير المتوقع، إذ زادت المصافي الإنتاج استجابةً لنقص المخزونات، الأمر الذي رفع أسعار الديزل والبنزين في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية.
وفي الصين، يراقب المستثمرون عن كثب خطط شنغهاي، المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في البلاد، لتخفيف قيود مكافحة الجائحة اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران) المقبل، مما قد يؤدي إلى انتعاش في الطلب على النفط في أكبر مستورد للخام في العالم.
كما تسعى الصين لتعزيز مخزونها الاستراتيجي من النفط الخام بالنفط الروسي الرخيص، في دلالة على أن بكين تعزز علاقاتها في مجال الطاقة مع موسكو، في الوقت الذي تعمل فيه أوروبا نحو حظر واردات النفط بسبب الحرب في أوكرانيا.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مصادر على صلة بالخطة، رفضوا الكشف عن هويتهم، القول إن بكين تُجري مباحثات مع موسكو لشراء إمدادات إضافية. وقال أحد المصادر إن النفط الخام سوف يُستخدم في سد الاحتياطي النفطي الاستراتيجي، مضيفاً أن المباحثات تُجرى على مستوى حكومي مع مشاركة مباشرة محدودة من جانب شركات النفط.
ويشار إلى أن أسعار النفط ارتفعت هذا العام بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكن سعر النفط الروسي انخفض في ظل ابتعاد المشترين، لتجنب الإضرار بسمعتهم أو التعرض للعقوبات المالية.
ولم تعلق وزارتا خارجية الصين وروسيا على الفور على هذا التقرير... لكنه تزامن مع قول نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، في منتدى أمس، إن روسيا ستصدر النفط الذي رفضته الدول الأوروبية إلى آسيا ومناطق أخرى، مؤكداً أن موسكو ستحافظ على أسواق التصدير... وقال نوفاك إن صادرات النفط الروسية تتعافى تدريجياً وإن قطاع الطاقة في البلاد ليس في أزمة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد صهاريج لتخزين النفط الخام في مركز كاشينغ النفطي بولاية أوكلاهوما الأميركية (رويترز)

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية أكثر من التوقعات

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، اليوم (الأربعاء)، إن مخزونات النفط الخام والبنزين والمقطرات في الولايات المتحدة ارتفعت خلال الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من أجنحة العارضين في معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) في أبوظبي (أ.ف.ب)

عقود في الإمارات بقطاع النفط والغاز والكيميائيات بقيمة 2.4 مليار دولار

أعلن في الإمارات عن ترسية عقود في قطاع النفط والغاز والكيماويات بقيمة تصل إلى 7.8 مليار درهم، وذلك لتنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الاقتصاد أمين عام «أوبك» يتحدث في مائدة مستديرة تضم وزراء نفط أفارقة في مؤتمر «أسبوع الطاقة الأفريقي 2024» (حساب «أوبك» على «إكس»)

الغيص يُسلط الضوء على فقر الطاقة في أفريقيا

قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، إن مستقبل النفط والغاز في القارة الأفريقية يتمتع بنظرة إيجابية من توقعات «أوبك».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إحدى الحفارات التابعة لـ«الحفر العربية» (موقع الشركة)

تعليق 3 منصات بحرية يهبط بأرباح «الحفر» السعودية في الربع الثالث

تراجع صافي أرباح شركة «الحفر العربية» السعودية بنسبة 39.4 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع أن يقوم مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، يوم الخميس، بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثانية على التوالي؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

ومع ذلك، أصبحت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات، نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم. كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ولطالما حافظ «الاحتياطي الفيدرالي» على مكانته بوصفه مؤسسةً مستقلةً قادرةً على اتخاذ قرارات صعبة بشأن معدلات الاقتراض بعيداً عن التدخل السياسي. مع ذلك، وخلال ولايته الرئاسية السابقة، انتقد ترمب علناً رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، بعدما قام البنك برفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم، وقد يعيد ذلك الانتقاد مجدداً.

ويضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض، حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف. على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وتمثل الأسواق المالية تحدياً إضافياً لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، فقد دفعت تحركات المستثمرين عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى الارتفاع بشكل حاد منذ أن خفَّض البنك الفيدرالي سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول). ونتجت عن ذلك زيادة في تكاليف الاقتراض في مختلف جوانب الاقتصاد، مما قلل من الأثر الذي كان من المتوقع أن يستفيد منه المستهلكون بتخفيض البنك أسعار الفائدة بنصف نقطة.

على سبيل المثال، انخفض معدل الرهن العقاري الأميركي لمدة 30 عاماً خلال الصيف، عندما أشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى نيته خفض سعر الفائدة، لكنه ارتفع مجدداً بمجرد تنفيذ البنك لتخفيض سعر الفائدة الرئيسي.

ويرتفع سعر الفائدة عموماً؛ نتيجة لتوقعات المستثمرين بزيادة التضخم، وارتفاع العجز في الموازنة الفيدرالية، ونمو اقتصادي أسرع تحت قيادة ترمب. وقد شهدت الأسواق ما وُصف بـ«ترمب ترايد»، حيث قفزت أسعار الأسهم يوم الأربعاء، وارتفعت قيمتا البتكوين والدولار. وكان ترمب قد أشار إلى العملات المشفرة خلال حملته الانتخابية، ومن المتوقع أن يستفيد الدولار من ارتفاع سعر الفائدة، ومن زيادات التعريفات الجمركية المقترحة من قبل الرئيس المنتخب.

وتشمل خطة ترمب فرض تعريفة لا تقل عن 10 في المائة على جميع الواردات، إلى جانب زيادات كبيرة في الضرائب على السلع الصينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل شبه مؤكد، ويجعل من غير المرجح أن يواصل «الاحتياطي الفيدرالي» خفض سعر الفائدة الرئيسي. وقد تراجع التضخم السنوي وفقاً للمؤشر المفضِّل لدى البنك الفيدرالي إلى 2.1 في المائة في سبتمبر.

ويُقدِّر الاقتصاديون في «غولدمان ساكس» أن تدفع تعريفة ترمب المقترحة بنسبة 10 في المائة، إلى جانب ضرائبه على الواردات الصينية والسيارات من المكسيك، التضخمَ للعودة بين نحو 2.75 في المائة و3 في المائة بحلول منتصف عام 2026.

ومن المتوقع أن يتسبب هذا الارتفاع في التضخم في تقويض تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية التي أشار إليها «الاحتياطي الفيدرالي» في سبتمبر. ففي ذلك الاجتماع، خفّض صانعو السياسات سعر الفائدة الرئيسي بنصف نقطة إلى نحو 4.9 في المائة، وأعلنوا توقعهم لإجراء تخفيضين إضافيَّين بمقدار رُبع نقطة لاحقاً هذا العام؛ أحدهما يوم الخميس، والآخر في ديسمبر (كانون الأول) - مع توقع 4 تخفيضات إضافية خلال عام 2025.

لكن المستثمرين أصبحوا يرون أن تخفيضات سعر الفائدة خلال العام المقبل باتت غير مرجحة بشكل متزايد، حيث انخفضت احتمالات تخفيض سعر الفائدة في اجتماع يناير (كانون الثاني) المقبل إلى 28 في المائة فقط، بعد أن كانت 41 في المائة يوم الثلاثاء، وقرابة 70 في المائة قبل شهر، وفقاً لأسعار العقود الآجلة التي تتابعها «فيد ووتش».

وقد أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض على منتجات مثل الرهون العقارية وقروض السيارات، رغم تخفيض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي، إلى تحدٍّ جديد للبنك المركزي؛ إذ إن محاولته لدعم الاقتصاد عبر خفض تكاليف الاقتراض قد لا تحقق الأثر المرجو إذا استمرّ المستثمرون في رفع معدلات الفائدة طويلة الأجل.

وشهد الاقتصاد نمواً بمعدل سنوي يقل عن 3 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، بينما ارتفع إنفاق المستهلكين - بدعم من مشتريات ذوي الدخل المرتفع - بقوة في الرُّبعين الثالث والرابع.

في المقابل، شهد توظيف الشركات تراجعاً، حيث واجه كثير ممَّن فقدوا وظائفهم صعوبةً في العثور على فرص عمل جديدة. وقد أشار باول إلى أن خفض سعر الفائدة الرئيسي هو جزئياً لتعزيز سوق العمل. لكن إذا استمرَّ النمو الاقتصادي بشكل صحي وارتفع التضخم مجدداً، فسيتعرض البنك المركزي لضغوط متزايدة للحد من تخفيضات سعر الفائدة أو إيقافها.