إشارات يمنية بالموافقة على مساعٍ أممية لتمديد الهدنة

غروندبرغ يناقش مع شخصيات سياسية وخبراء أولويات العملية المتعددة المسارات

TT

إشارات يمنية بالموافقة على مساعٍ أممية لتمديد الهدنة

وسط إشارات من الحكومة اليمنية وقادة الميليشيات الحوثية إلى الموافقة على تمديد الهدنة الإنسانية التي تنتهي مطلع الشهر المقبل، يواصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مساعيه في هذا الصدد من خلال لقاءاته في عمان مع شخصيات يمنية متنوعة؛ إذ يأمل أن تتوج جهوده بتمديد الهدنة وإطلاق مسارات متعددة لعملية السلام تتصدرها الأولويات الاقتصادية.
في هذا السياق، كشف قادة الجماعة الحوثية عن تلقيهم طلباً أممياً بالموافقة على تمديد الهدنة السارية، وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام تابعة للجماعة، فإن الطلب الأممي «قيد الدراسة» من قِبل مجلس حكم الانقلاب، مع ورود إشارات إلى موافقة الجماعة على التمديد.
وعلى الرغم من وجود أصوات متصاعدة في الشارع اليمني الموالي للحكومة الشرعية ترى أن الجماعة الحوثية هي المستفيد الأكبر من الهدنة ومن تمديدها بالنظر إلى المكاسب التي حصلت عليها، بخاصة فيما يتعلق بتضاعف إيرادات موانئ الحديدة، لمح مسؤولون حكوميون إلى إمكانية الموافقة على تمديد الهدنة مع التشديد على إعطاء الأولوية لرفع الحصار عن تعز وتسخير عوائد موانئ الحديدة لدفع رواتب الموظفين.
المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ التقى في عمّان الأربعاء، حيث مكتبه، مجموعة متنوعة من الشخصيات اليمنية العامة والخبراء وممثلين عن المجتمع المدني، في سياق المشاورات الرامية إلى «تحديد الأولويات الاقتصادية والسياسية والأمنية - العسكرية للعملية متعددة المسارات» التي ينوي المبعوث إطلاقها.
وأوضح مكتب المبعوث في بيان الخميس، أن المشاركين ناقشوا «مسألة تطبيق الهدنة وتمديدها، وكذلك سبل البناء على زخم الهدنة لإطلاق حوار سياسي شامل».
ونقل البيان عن غروندبرغ قوله «إنني ممتن لهذه الفرصة للتشاور مع مجموعة متنوعة من الشخصيات اليمنية والخبراء البارزين في هذه اللحظة المحورية. فهذا هو الوقت الذي ينبغي علينا فيه اغتنام الفرصة التي أتاحتها الهدنة. فيصبّ تركيزنا على ضمان تمديد الهدنة بما يعود بالمنفعة على المدنيين اليمنيين بينما نحرز تقدماً في العملية السياسية».
ووفق البيان «ركَّز المشاركون على ضرورة الاستمرار في إعطاء الأولوية لتحسين الظروف المعيشية وسبل العيش للمدنيين بما فيه من خلال رفع القيود عن حرية حركة الأفراد والسلع التجارية في جميع أنحاء اليمن. وأكدوا أيضاً على ضرورة التركيز على الاقتصاد اليمني والتحديات المرتبطة بسداد الرواتب وإجراءات الحوالات المصرفية والتباين في أسعار صرف العملة وتوحيد البنك المركزي».
وفي حين سلطت النقاشات الضوء على ضرورة التصدي للتحديات التي تواجه النساء اليمنيات وضمان مشاركتهن الحقيقية في عملية السلام، تطرقت أيضاً «إلى الضرورة الحرجة إلى اتخاذ نهج جامع في العملية السياسية بما يعكس تنوع الحياة السياسية في اليمن».
وأوضح البيان، أن المبعوث الأممي سوف يتابع لقاءاته التشاورية خلال الأسابيع المقبلة مع مختلف المجموعات اليمنية، بما فيها الخبراء الاقتصاديون والمجتمع المدني والمجموعات النسائية والأحزاب السياسية».
ويوم الثلاثاء الماضي كان غروندبرغ أكد، أن اليمن «لا يحتمل العودة إلى وضع ما قبل الهدنة من تصعيد عسكري وجمود سياسي مستمرين»، وقال، إنه سيستمر في «التحاور مع الأطراف لتخطي التحديات القائمة وضمان تمديد الهدنة».
من جهته، أبلغ مجلس القيادة الرئاسي في اليمن الأمين العام للأمم المتحدة، التزامه «بدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وتقديم كل التسهيلات لإنجاح الهدنة ورفع المعاناة عن اليمنيين كافة». بحسب ما جاء في رسالة نقلها وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة.
وتضمنت رسالة رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي «مطالبة الأمم المتحدة بممارسة كل الضغوط لاستكمال تنفيذ بنود الاتفاق كافة، وعلى رأسها رفع الحصار عن محافظة تعز وفتح المعابر والطرق وتسهيل انتقال المواطنين، وكذا تخصيص رسوم الشحنات النفطية الواردة لميناء الحديدة لتسليم مرتبات الموظفين».
ونقلت المصادر الرسمية، أن وزير الخارجية بن مبارك استعرض مع الأمين العام «الجهود والتنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية في سبيل تنفيذ التزاماتها وإنجاح اتفاق الهدنة». وقال «ما زالت الميليشيات الحوثية تتنصل وتتهرب من الإيفاء بالتزاماتها وهو ما يُنذر بزعزعة هذا الاتفاق»، مع تشديده «على أهمية ممارسة الأمم المتحدة الضغوط الكافية على الحوثيين لتنفيذ الجزء المتعلق برفع الحصار عن تعز».
ولا يستبعد المراقبون للشأن اليمني أن تتوج الجهود الأممية بانتزاع موافقة الحكومة الشرعية والحوثيين في الأيام المقبلة على تمديد الهدنة على الرغم من التقارير الواردة بشكل يومي عن الانتهاكات الميدانية من قِبل الميليشيات الحوثية.
أحدث هذه الاتهامات للميليشيات الحوثية بانتهاك الهدنة جاء خلال تصريحات لوزير الدفاع اليمني الفريق الركن محمد المقدشي، أمس (الخميس) خلال لقاءين منفصلين مع الملحق العسكري والأمني في السفارة الأميركية لدى اليمن العقيد مارك رايتمان، ومع الملحق العسكري في السفارة البريطانية لدى اليمن العقيد بيتر لي جاسيك.
ونقلت المصادر الرسمية عن المقدشي قوله «الميليشيا الحوثية لا تؤمن بالسلام، ومشروعها يقوم على السلاح والعنف ونكث العهود والمواثيق»، متهماً إياها بأنها «تستغل الهدنة الأممية لتحشيد قواتها وتحريك القطع القتالية والآليات الثقيلة وبناء التحصينات وإعادة نشر منصات الصواريخ والطيران المسير».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.