«العفو الدولية» تدعو المغرب إلى توفير مزيد من الضمانات القانونية للحد من التعذيب

أقرت بأنه غير ممنهج.. ولا يمارس على نطاق واسع

«العفو الدولية» تدعو المغرب إلى توفير مزيد من الضمانات القانونية للحد من التعذيب
TT

«العفو الدولية» تدعو المغرب إلى توفير مزيد من الضمانات القانونية للحد من التعذيب

«العفو الدولية» تدعو المغرب إلى توفير مزيد من الضمانات القانونية للحد من التعذيب

دعت منظمة العفو الدولية السلطات المغربية إلى توفير المزيد من الضمانات القانونية للحد من التعذيب، وقالت إنها وثقت نحو 173 حالة من حالات التعذيب، والمعاملة السيئة على أيدي الشرطة وقوات الأمن ما بين سنتي 2010 و2014.
وأوضحت المنظمة خلال لقاء صحافي، عقدته أمس في الرباط، خصص لتقديم تقريرها حول التعذيب في المغرب، أن هناك فجوة كبيرة بين القوانين والممارسة. بيد أنها أقرت أن «التعذيب غير ممنهج ولا يمارس في البلاد على نطاق واسع».
ويعد التقرير جزءا من حملة المنظمة التي حملت شعار «أوقفوا التعذيب»، الرامية إلى مكافحة التعذيب في العالم، والتي أطلقت في مايو (أيار) 2014، شملت أربع دول أخرى إلى جانب المغرب هي، المكسيك ونيجيريا، والفلبين وأوزبكستان.
وكان المغرب قد احتج بشدة على تقرير المنظمة، الذي أطلقته العام الماضي، وعده بمثابة تشهير بالبلاد لأنه «حشر المغرب في إطار حملة دولية لمدة سنتين مع أربع دول أخرى من الصعب مقارنة وضعها الحقوقي مع التطور الحاصل في البلاد».
وتحركت وزارة العدل بعد صدور التقرير بشكل غير مسبوق، حيث أمر وزير العدل مصطفى الرميد بفتح تحقيقات بشأن مزاعم عن حالات التعذيب التي يعلن عنها أصحابها عبر وسائل الإعلام، متهمين أفراد الأمن بالتورط فيها، وتوعد أصحاب الادعاءات الكاذبة بالمتابعة، وهو ما أسفر عن اعتقال عدد منهم. بعدما بينت التحريات أن ادعاءاتهم غير صحيحة. ويوجد حاليا ناشطان حكم عليهما بالسجن سنتين وثلاث سنوات، بعد أن توبعوا بتهمة الوشاية الكاذبة، وهما وفاء شرف، وأسامة حسن.
وفي هذا السياق، أقر محمد السكتاوي، المدير العام لفرع المنظمة في المغرب، خلال اللقاء الصحافي، بأن التعذيب في المغرب لا يجري بشكل ممنهج، كما لا يمارس على نطاق واسع، بيد أنه ما زال مستمرا، ويطال شرائح مختلفة من المجتمع.
وذكر السكتاوي أن المغرب شرع في تنفيذ إصلاح شامل للعدالة، وهو ما سيمكنه من إدراج الكثير من الضمانات التي يفتقر إليها القانون الحالي، رغم تجريم التعذيب في القانون الحالي والمسطرة الجنائية وفي الدستور. ودعا السلطات إلى سد الفجوة مابين القوانين والممارسة، والحد من التعذيب من خلال عدد من الإجراءات، من بينها ضمان حضور المحامي منذ الساعات الأولى للاعتقال، وإجراء فحوصات طبية عند ظهور آثار تعذيب على المعتقلين، وتقديم المسؤولين عن التعذيب إلى العدالة، وحماية المبلغين عن التعذيب.
وردا على رفض المغرب حشره ضمن حملة المنظمة لوقف التعذيب ضمن الدول المذكورة، قال السكتاوي إن «اختيار المغرب لإطلاق حملة وقف التعذيب ليس لأنه الأسوأ بين بلدان المنطقة، بل لأن حملة المنظمة سيكون لها تأثير أكبر في المغرب بحكم الإصلاحات التي شرع في تنفيذها، الأمر الذي سيكون له أثر ارتدادي على دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط»، مضيفا أن المغرب يمكن أن يصبح نموذجا في المنطقة.
بدوره، أقر فيليب لوتر، مدير منظمة العفو الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باتخاذ المغرب خطوات إيجابية في السنوات الأخيرة، مستشهدا في هذا الصدد بإعلان الملك محمد السادس خلال لقائه العام الماضي بنافي بيلاي، المفوضة السامية السابقة لمناهضة التعذيب، خلال زيارتها إلى المغرب، بأنه لن يتسامح مع التعذيب، مقرا بوجود حالات تعذيب معزولة في البلاد، وإعطائه تعليمات إلى وزير العدل لفتح تحقيقات بشأن تلك الحالات.
وذكر تقرير المنظمة أن 8 أشخاص تُبعوا بتهم من قبيل «الوشاية الكاذبة» و«تقديم تبليغ كاذب»، و«الإهانة» و«التشهير»، بعد أن تقدموا بشكاوى عن التعذيب، أو نشروا مواد عن التعذيب في المغرب، منذ مايو 2014، وأن مرة واحدة فقط ألغت فيها إحدى المحاكم حكمًا بالإدانة، وأقرت بأنه استند إلى اعترافات تشوبها شبهة الإدلاء بها تحت التعذيب، ومن ثم قضت بالإفراج عن ضحية التعذيب، وذلك في الحالات التي وثقتها منظمة العفو الدولية، وأن واحدا فقط من ضحايا التعذيب تضمن الفحص الطبي الذي أُجري له تقييما للضرر النفسي، أو الصدمة النفسية من جراء التعذيب، وذلك في الحالات التي وثَّقتها منظمة العفو الدولية. وفي المقابل انتقد التقرير عدم صدور أي حكم بالإدانة بالتعذيب في حق أي من المسؤولين المغاربة خلال ما يعرف بسنوات الرصاص (1956 - 1999).



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.