ما سر التحول «الخفي» للكائنات الحية؟

أصبح بإمكان علماء الأحياء تفسير ظاهرة التحوُّل «الخفي» لبعض الكائنات الحية
أصبح بإمكان علماء الأحياء تفسير ظاهرة التحوُّل «الخفي» لبعض الكائنات الحية
TT

ما سر التحول «الخفي» للكائنات الحية؟

أصبح بإمكان علماء الأحياء تفسير ظاهرة التحوُّل «الخفي» لبعض الكائنات الحية
أصبح بإمكان علماء الأحياء تفسير ظاهرة التحوُّل «الخفي» لبعض الكائنات الحية

تمتلك بعض الكائنات الحية القدرة على إحداث تحول داخلي، ولكنها تبقيه في الخفاء، وتظهره فقط عند حدوث التغيرات الجينية والبيئية الخطيرة. ولكشف سبب إخفائه؛ اضطلع باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) بمهمة دراسة هذا التحوّل وأسبابه، مستعينين بعمليات المحاكاة الحاسوبية.

محاكاة حاسوبية
تكشف المحاكاة الحاسوبية للخلايا التي تتطور على مدى عشرات الآلاف من الأجيال عن سبب احتفاظ بعض الكائنات بآلية تَحوُّل غير مستخدمة تعمل تحت ضغط شديد، وتغير بعضاً من خصائصها. ويُعد الحفاظ على هذا التحوُّل «الخفي» إحدى وسائل الكائنات الحية للحفاظ على درجة عالية من استقرار التعبير الجيني في ظل الظروف العادية.وبالكشف، تبيّن أن يَرَقات دودة الطماطم ذات القرون تكون خضراء في المناطق الأكثر دفئاً؛ مما يسهّل عملية التمويه، ولكنها تكون سوداء في درجات الحرارة الباردة؛ حتى تتمكن من امتصاص المزيد من ضوء الشمس. وهي ظاهرة موجودة في بعض الكائنات الحية، تسمى «تحويل النمط الظاهري». وفي المعتاد يتم إخفاء هذه القدرة على التحوُّل، إلا أنها تنشط فقط للاستجابة للتغيرات الجينية أو البيئية الخطيرة.
ولتفسير هذه الظاهرة، أقدم العلماء على دراسة هذه العملية من خلال تتبع التغيرات التي مرت بها الكائنات الحية في ظل ظروف مختلفة وعلى مدى أجيال عديدة. فعلى سبيل المثال، قام فريق منذ سنوات عدة بتربية أجيال من يرقات دودة التبغ ذات القرون لمراقبة وإحداث تغييرات في اللون مشابهة لتلك التي حدثت في يرقات دودة الطماطم.
يقول البروفسور أكسين غاو، عالم الأحياء الحاسوبي في «كاوست»، «إن عمليات المحاكاة الحاسوبية تعد أداة قوية جداً لمحاكاة الوضع الحقيقي، وذلك عندما تُبنى على افتراضات معقولة وتُجرى تحت رقابة دقيقة». ويضيف «كما أنها تساعد العلماء على ملاحظة وفهم المبادئ التي يصعب أو يستحيل مراقبتها من خلال تجارب مختبرات التجارب العملية».
ولتفسير هذا التحوُّل؛ قام غاو رفقة عالم الأبحاث في «كاوست»، الدكتور هيرويوكي كواهارا بتصميم محاكاة حاسوبية لتطوير 1000 كائن حي دقيق لاجنسي. وبعدها تم إعطاء كل كائن منهم نموذجاً لدائرة جينية (هي الدوائر التي تتكون من مكونات قائمة على الحمض النووي) لتنظيم التعبير عن بروتين معين X. وفي نهاية المطاف طورت هذه المحاكاة الكائنات على مدى 90.000 جيل.

ظروف متقلبة
ولمزيد من التوضيح، فإن الكائنات المؤسسة الأصلية كان لديها دوائر جينية متطابقة وغير متغيرة، وبالتالي تطورت على مدى 30000 جيل في ظل ظروف مستقرة، يطلق عليهم جميعاً «المجموعات القديمة». أما الأجيال الثلاثون ألفاً التالية، المسماة «المجموعات المتوسطة»، فقد تعرضت لبيئات متقلبة تغيرت كل 20 جيلاً. ثم تعرض آخر ثلاثين ألف جيل، وهي «المجموعات المشتقة»، لبيئة مستقرة.
علاوة على ذلك، فإن الأفراد في المجموعات القديمة والمشتقة، تطوروا في بيئات مستقرة، وتوفرت لديهم مستويات التعبير الجيني التي تم تحسينها لتحقيق الاستقرار. لكنهم كانوا مختلفين: فاستقرار المجموعات القديمة لم يكن ينطوي على تحوُّل النمط الظاهري، في حين أن المجموعات المشتقة منهم فعلت ذلك.ويُرجع كوهارا هذا الاختلاف إلى أنه ينشأ من «المجموعات المتوسطة»، حيث تم التحوُّل من أجل التعامل مع الظروف المتقلبة.
وتشير عمليات المحاكاة إلى أن المجموعات تحافظ على آلية التحوُّل الخاصة بها لفترة طويلة من الاستقرار البيئي، وذلك من خلال التطور التدريجي لعمليات التحوُّل المنخفضة، والتي تتحول بسهولة في الظروف المتقلبة، لتصبح عمليات تحوُّل عالية عندما تكون البيئة أكثر استقراراً.
يقول كوهارا «هذا أسهل من العودة إلى حالة غير قابلة للتحوُّل من خلال التحولات الطفرية الصغيرة». ويردف قائلاً «فبدلاً من ذلك، تنتهي بنوع من التحوُّل الظاهري (الخفي) الذي يعمل كمكثف تدرجي التحوُّل، فيخزن الاختلافات الجينية، ويطلق أنماطاً ظاهرية بديلة في حالة حدوث اضطرابات شديدة».



لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»