بوتين: إنهاء فنلندا حيادها العسكري «خطأ»

جانب من لقاء بين الرئيسين الروسي والفنلندي في سان بطرسبرغ 9 أبريل 2019 (د.ب.أ)
جانب من لقاء بين الرئيسين الروسي والفنلندي في سان بطرسبرغ 9 أبريل 2019 (د.ب.أ)
TT

بوتين: إنهاء فنلندا حيادها العسكري «خطأ»

جانب من لقاء بين الرئيسين الروسي والفنلندي في سان بطرسبرغ 9 أبريل 2019 (د.ب.أ)
جانب من لقاء بين الرئيسين الروسي والفنلندي في سان بطرسبرغ 9 أبريل 2019 (د.ب.أ)

اتصل الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو، أمس (السبت)، بنظيره الروسي فلاديمير بوتين وتحدث معه بشأن توجه الدولة الإسكندنافية للترشح قريباً للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، الخطوة التي تثير استياء موسكو.
وقال رئيس الدولة الفنلندية، في بيان صادر عن الرئاسة: «كانت المحادثة صريحة ومباشرة ولم تشهد توتراً. اعتبر تجنب التوتر أمراً مهماً. الاتصال تم بمبادرة من فنلندا». وأكدت هلسنكي أن الدولة الإسكندنافية «تريد التعامل مع القضايا العملية المتمثلة في كونها دولة مجاورة لروسيا بطريقة صحيحة ومهنية».
من جهته، اعتبر الرئيس الروسي، خلال الاتصال مع نظيره الفنلندي، أن إنهاء الحياد العسكري لفنلندا سيكون «خطأ». وأعلن رئيس فنلندا ورئيسة وزرائها سانا مارين، الخميس، رغبتهما في الانضمام إلى «الناتو» الذي تقوده الولايات المتحدة «دون تأخير»، مع توقع إعلان الترشح اليوم (الأحد)، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
تعتبر هلسنكي أن حرب أوكرانيا، وكذلك مطالبة موسكو بعدم توسيع الناتو، تبرران تغيير موقفها. فيما هدّدت موسكو باتخاذ إجراءات «تقنية – عسكرية» رداً على ذلك. كما يُتوقع أن تعلن السويد ترشحها لعضوية «الناتو»، في الأيام المقبلة.
وتوقفت إمدادات الكهرباء من روسيا إلى فنلندا ليل الجمعة إلى السبت، عقب إعلان بهذا الصدد من شركة التزويد الروسية، على ما قال مسؤول في شبكة الكهرباء الفنلندية لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس.
وكانت شركة «راو نورديك» الروسية التي توصل الكهرباء إلى فنلندا أعلنت، الجمعة، أنها ستوقف تزويد الكهرباء منتصف الليل، مشيرة إلى تأخير في المدفوعات. وأعلن تيمو كوكونين، مسؤول العمليات في شركة فينغريد المشغلة لشبكة الكهرباء الفنلندية، أن الصادرات الروسية إلى فنلندا «عند الصفر حالياً، وهذا قائم منذ منتصف الليل مثلما أُعلن سابقاً».
وإمدادات الكهرباء مستقرة في فنلندا بفضل إمدادات من السويد، بحسب ما تظهر خارطة فينغريد التي أعلنت، الجمعة، أن بإمكانها الاستغناء «دون صعوبة» عن الكهرباء الروسية. وكانت فنلندا تستورد حتى الآن نحو 10 في المائة من استهلاكها للكهرباء من روسيا المجاورة.
وبررت «راو نورديك»، فرع شركة «إنتراو» الروسية في هلسنكي، الجمعة، قرار قطع الكهرباء عن فنلندا بأنها لم تتلقَّ أي مدفوعات منذ 6 مايو (أيار). ولم توضح الشركة ما إذا كانت مشكلة المدفوعات ناجمة عن العقوبات الأوروبية المفروضة على الاقتصاد الروسي رداً على حرب أوكرانيا.
ويثير مسعى انضمام فنلندا إلى «الناتو» ارتياحاً لدى السكان على الحدود مع روسيا.
فقد دفعت الحرب الدائرة في أوكرانيا المتقاعد الفنلندي مارتي كايليو، البالغ 73 عاماً، إلى الاحتفاظ ببندقية صيد في متناول يده في منزله ببلدة هيفانييمي المطلة على الحدود الروسية. يقول مارتي لوكالة الصحافة الفرنسية: «لشدة غضبي سأكون بين أول المتطوعين الذين سيتوجهون إلى هناك مع بندقية محشوة، رغم أنني لست في عمر يسمح لي أن أكون جندياً». يضيف كايليو: «كان ينبغي أن ننضم (إلى الناتو) من قبل. لا جدوى من إطالة الأمر أكثر».
تتشارك فنلندا بحدود طولها 1300 كلم مع روسيا، وقد بقيت في السنوات الماضية خارج أي تحالفات عسكرية. لكن بعد أن اجتاحت جارتها الشرقية القوية أوكرانيا في فبراير (شباط)، تحوّل الرأي العام السياسي والشعبي بشدة لصالح الانضمام لـ«الناتو». ودعا الرئيس الفنلندي ورئيسة الوزراء إلى انضمام بلادهما إلى الحلف «دون تأخير». فقد أعادت حرب روسيا على أوكرانيا إلى أذهان بعض الفنلنديين ذكريات أليمة لحرب شتاء عام 1939، عندما اجتاحت قوات الجيش الأحمر الدولة الإسكندنافية.
وكما في أوكرانيا، فإن الجيش الفنلندي الصغير أبدى مقاومة شرسة وكبّد السوفيات خسائر فادحة. مع ذلك، أُرغمت فنلندا على التنازل عن مساحات شاسعة من الأراضي لصالح الاتحاد السوفياتي.
يحمل فيلي - ماتي رانتالا (72 عاماً)، الذي يبعد منزله ومزرعته مسافة قصيرة سيراً على الأقدام عن الحدود الروسية في سوكوما، خوذة عسكرية صدئة ويروي قصص المعارك التي دارت في الغابات المجاورة.
وقال: «لم أعد قلقاً بشأن الوضع، الآن فيما ننضم للمجتمع الغربي، المساعدة قادمة»، فهو يرى انضمام فنلندا للتحالف «ضرورة».
أما المعلمة جانا ريكينن، البالغة 59 عاماً، فيبعد منزلها بضع مئات من الأمتار عن الحدود الروسية في فاينيكالا. وهي تقول إن أصوات حرس الحدود تتناهى إليها من الجانب الآخر من البحيرة. وريكينن التي خسرت أعمامها في الحرب، تشعر أيضاً بـ«الارتياح» إزاء مسعى فنلندا للانضمام لـ«الناتو»، وإن راودتها في السابق شكوك إزاء التكتل. وحتى بعد الحرب، تتذكر حصول محاولات عبور غير قانونية للحدود بشكل منتظم قرب منزلها. وتشرح: «كان يحصل ذلك ليلاً على الدوام. يُسمع أولاً نباح الكلاب ثم إطلاق نار»، وتقول إنها كانت تتمنى لو لم تسمع إطلاق النار.
في 2001، اجتاز جندي روسي فارّ، الحدود واقتحم منزلاً مجاوراً قبل أن ينتحر عقب تبادل لإطلاق النار مع الشرطة. وتخشى ريكينن من أنه إذا تدهور الوضع في روسيا، قد يحاول عدد أكبر من الناس عبور الحدود. ورغم ماضي المنطقة، كثيراً ما تقاطعت الحياة اليومية للناس على جانبي الحدود. ويقول رانتالا إنه «رغم أن روسيا دائماً ما تثير الخوف، على مر السنين، أقمنا في هذه المناطق علاقات يومية مع الروس». ويضيف أن الفنلنديين المقيمين على الحدود معتادون على روسيا، والكثير منهم لديهم أصدقاء هناك.
قبل الحرب، كانت ريكينن تتسوق أسبوعياً في الجانب الآخر من الحدود وتذهب إلى سان بطرسبرغ في عطلة الأسبوع، ولم يكن لديها أي شيء «سلبي لتقوله» عن الروس. لكن تلك «الثقة تجاه جيراننا ولّت الآن».
وتقول: «الحدود مغلقة، وإذا ذهبنا هناك لا نعلم ما يمكن أن يحصل».
وإذ ترتبط معظم سبل العيش في فينيكالا بروسيا، فيما توظف محطة القطار وحرس الحدود معظم القرويين، تخشى ريكينن أن تعاني المجتمعات الحدودية بسبب النزاع. وتضيف: «آمل أن تنتهي الحرب».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر المزيد من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إن موسكو بدأت في إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جنود أوكرانيون يستعدون لتحميل قذيفة في مدفع هاوتزر ذاتي الحركة عيار 122 ملم في دونيتسك أول من أمس (إ.ب.أ)

مسيّرات أوكرانية تهاجم منشأة لتخزين الوقود في وسط روسيا

هاجمت طائرات مسيرة أوكرانية منشأة للبنية التحتية لتخزين الوقود في منطقة أوريول بوسط روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يدعو إلى  تحرك غربي ضد روسيا بعد الهجمات الأخيرة

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الغرب إلى التحرك في أعقاب هجوم صاروخي جديد وهجوم بالمسيرات شنتهما روسيا على بلاده

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».