عودة التوتر إلى طرابلس... واشتباكات مسلحة في بني وليد وصبراتة

تصاعد التوتر الأمني في العاصمة الليبية طرابلس، بعد تعرض مساعد بارز لعبد الغني الككلي (إغنيوة)، رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع لحكومة «الوحدة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لعملية استهداف فاشلة بأحد شوارع المدينة. وقال شهود عيان إن عبد الحميد المضغوطة، أحد مساعدي إغنيوة، أصيب إثر تعرضه لإطلاق نار في شارع الصريم بطرابلس، على يد شقيق لقيادي في «كتيبة النواصي»، بينما توعد المضغوطة أمس في بيان مقتضب «اللواء 444 قتال» التابع لحكومة «الوحدة» بما وصفه برد قاسٍ على محاولة قتله.
كما اندلعت مساء أول من أمس اشتباكات مسلحة جنوب مدينة بني وليد (180 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس)، عقب اعتقال مسلحين مجهولين لعدد من المواطنين. وقال ناشطون وسكان محليون، إنهم سمعوا قصفاً لما بدا أنه طيران حربي لم تحدد هويته، بينما أشارت وسائل إعلام محلية إلى تصاعد مخاوف المواطنين من ارتفاع وتيرة الاشتباكات بين التشكيلات المسلحة؛ خصوصاً مع إخفاق كل الترتيبات الأمنية والمصالحات الاجتماعية في الحد منها. كما وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين ميليشيات متنافسة في منطقة دحمان، شرق مدينة صبراتة الساحلية (70 كيلومتراً غرب طرابلس)؛ حيث أكد سكان محليون ووسائل إعلام محلية سماع دوي قذائف «آر بي جي»، ما تسبب في حالة من الذعر والخوف بين المدنيين.
وسعت حكومة «الاستقرار»، برئاسة فتحي باشاغا، لاحتواء القتال في مدينة الزاوية، بعدما اجتمع وزير داخليتها عصام أبو زريبة مع مشايخ وأعيان وأحد أعضاء المجلس البلدي للمدينة، بحضور عدد من قادة الميليشيات المسلحة، وحسن أبو زريبة نائب رئيس جهاز دعم الاستقرار الذي دافع عن عمله في المدينة. وقال إن عناصره «لم تتجاوز اختصاصاتها، ولم تقم بتصرفات خاطئة يعاقب عليها القانون». بينما قالت وسائل إعلام محلية إنه «تم الاتفاق على وضع ميثاق شرف بين جميع مكونات الزاوية، وتحديد مهلة لا تتجاوز عشرة أيام لإعداده».
في غضون ذلك، ووسط آمال أميركية وأممية وترقب داخلي في ليبيا للجولة الثانية من اجتماعات اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة المعنية بالمسار الدستوري في القاهرة اليوم، صعّد مجلس النواب من حدة خلافه مع المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز، بتلويحه المفاجئ أمس بالرغبة في تغييرها.
ونقل عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب، في بيان له أمس عن عيسى العريبي، أحد أعضائه، أن مجموعة من أعضاء المجلس بصدد إرسال مذكرة إلى رئاسته لمطالبتها بمخاطبة أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، لتغيير ويليامز بسبب ما اعتبره «عدم احترامها لقرارات السلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب، بالإضافة إلى مماطلتها، وفتحها لمسارات حوار لا علاقة لها بالأطراف الفاعلة في ليبيا».
كما أكد العريبي أن ويليامز «ليس لها توجه ثابت؛ بل تماطل لعدم إيجاد أرضية توافقية». واعتبر أن «فشل التوافق الحاصل مع مجلس الدولة سيكون نتيجة لتوجهاتها؛ لأنها لم تتعامل بإيجابية مع الاتفاق الليبي- الليبي الذي أنتج السلطة التنفيذية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، والتعديل الدستوري الثاني عشر».
في غضون ذلك، استبقت يائيل لمبرت، القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، محادثات مجلسي النواب والدولة التي تستضيفها مصر بتيسير من الأمم المتحدة، بالإشارة إلى أهميتها. واعتبرت في بيان وزعته السفارة الأميركية، عقب اجتماعها أمس في تونس مع ويليامز، أن «هذه المحادثات تمثل فرصة حاسمة لتحديد خريطة طريق انتخابية جديدة موثوقة، بينما تنتقل خريطة الطريق هذه إلى مرحلة جديدة».
ومن جهتها، قالت ويليامز إنها اتفقت مع لمبرت على «ضرورة تحقيق اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة المعنية بالمسار الدستوري نتائج ملموسة في جولتها الثانية من محادثات القاهرة». واعتبرت أنه «يتعين احترام حق الشعب الليبي في انتخاب من يحكمه بشكل ديمقراطي، من خلال صندوق الاقتراع، وبناءً على إطار دستوري ثابت»، مشيرة إلى «أهمية الحفاظ على الهدوء في البلاد».
وكانت ويليامز قد أطلعت مساء أول من أمس وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، في تونس العاصمة على اجتماعاتها الأخيرة مع مسؤولين ليبيين؛ فضلاً عن مشاوراتها مع عدد من ممثلي المجتمع الدولي؛ مشيرة إلى أنهما ناقشا مباحثات مجلسي النواب والدولة في القاهرة. وأكدت «ضرورة أن تخرج اللجنة المشتركة بنتائج ملموسة، تتفق وتطلعات 2.8 مليون ليبي تسجلوا للتصويت»، مشددة «على أهمية الحفاظ على الهدوء والحاجة لموقف موحد من المجتمع الدولي»؛ بينما جددت تونس على لسان الجرندي «حرصها على أهمية استكمال المسار السياسي في ليبيا، والنأي به عن كل التدخلات الأجنبية، ودعمها لجهود منظمة الأمم المتحدة في ليبيا، بهدف تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السياسية».