ارتباك في الأسواق مع بيانات التضخم الأميركية

الدولار متماسك قرب أعلى مستوى في عقدين

تراجعت وول ستريت عند الفتح أمس خشية تحركات أسرع من المتوقع لتشديد السياسة النقدية (أ.ب)
تراجعت وول ستريت عند الفتح أمس خشية تحركات أسرع من المتوقع لتشديد السياسة النقدية (أ.ب)
TT

ارتباك في الأسواق مع بيانات التضخم الأميركية

تراجعت وول ستريت عند الفتح أمس خشية تحركات أسرع من المتوقع لتشديد السياسة النقدية (أ.ب)
تراجعت وول ستريت عند الفتح أمس خشية تحركات أسرع من المتوقع لتشديد السياسة النقدية (أ.ب)

اتسمت حركة الأسواق العالمية أمس بالارتباك، بين بيانات تضخم أميركية تظهر تراجعا جيدا، ومخاوف من تشديد سريع للسياسات النقدية. وتباطأ نمو أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بشكل حاد في أبريل (نيسان)، إذ تراجعت أسعار البنزين عن المستويات المرتفعة القياسية، مما يشير إلى أن التضخم قد بلغ ذروته على الأرجح، ولكن من المحتمل أن يظل مرتفعا لفترة من الوقت ليبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي متأهبا لرفع سعر الفائدة من أجل تهدئة الطلب.
وقالت وزارة العمل الأربعاء إن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.3 في المائة الشهر الماضي، وهو أقل ارتفاع منذ أغسطس (آب) من العام الماضي. ويعكس ذلك تغييرا عن الارتفاع على أساس شهري الذي شهده مؤشر أسعار المستهلكين والذي قفز 1.2 في المائة في مارس (آذار)، في أكبر زيادة منذ سبتمبر (أيلول) 2005.
لكن من المحتمل أن يكون التباطؤ في مؤشر أسعار المستهلكين مؤقتا. فأسعار البنزين، التي شكلت معظم التراجع في معدل التضخم الشهري، آخذة في الارتفاع مرة أخرى وبلغت حوالي 4.161 دولار للغالون في وقت مبكر من هذا الأسبوع بعد انخفاضها إلى أقل من أربعة دولارات في أبريل، وفقا لإدارة معلومات الطاقة... وحرب روسيا ضد أوكرانيا هي المحرك الرئيسي لارتفاع أسعار البنزين. كما أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار السلع العالمية.
وفتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض الأربعاء بعد صدور بيانات أظهرت ارتفاع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في أبريل، فيما أجج المخاوف من تشديد السياسة النقدية بشكل سريع.
وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 37.50 نقطة عند الفتح بما يعادل 0.12 في المائة إلى 32123.24 نقطة. وفتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا 10.97 نقطة أو 0.27 في المائة إلى 3990.08 نقطة، بينما تراجع المؤشر ناسداك المجمع 92.10 نقطة أو 0.78 في المائة إلى 11645.57 نقطة.
وعلى النقيض ارتفعت الأسهم الأوروبية الأربعاء مواصلة مكاسبها بعدما بلغت أدنى مستوى في شهرين هذا الأسبوع. وصعد المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.4 في المائة بحلول الساعة 07:15 بتوقيت غرينيتش، وجاء قطاع العقارات في صدارة القطاعات الصاعدة صباحا.
كما ارتفع المؤشر نيكي الياباني عند الإغلاق مع إقبال المستثمرين على أسهم الشركات ذات التوقعات القوية، لكن المكاسب كانت محدودة مع ترقب بيانات التضخم. وزاد نيكي 0.18 في المائة ليغلق عند 26213.64 نقطة بعد انخفاضه في وقت سابق من الجلسة.
وانخفض المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.60 في المائة إلى 1851.15 نقطة متأثرا بتراجع سهم تويوتا موتور 4.43 في المائة بعد توقعات بهبوط الأرباح. وخلال جلسة التداول حذرت تويوتا من أن الأرباح التشغيلية هذا العام قد تنخفض بنحو 20 في المائة «بفعل زيادات غير مسبوقة في تكاليف المواد واللوجيستيات» على خلفية انخفاض أرباح الربع الرابع 33 في المائة. ونزل مؤشر قطاع السيارات 3.31 في المائة.
ومن جانبه، لامس الذهب أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر بعدما أبقى ارتفاع الدولار الأسعار منخفضة. وتماسك الذهب في المعاملات الفورية عند 1838.55 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 05:46 بتوقيت غرينيتش بعدما انخفض إلى أدنى مستوياته منذ 11 فبراير (شباط) في وقت سابق من الجلسة إذ قلل الدولار المرتفع نسبيا جاذبية الذهب للمشترين في الخارج.
وتراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمته أمام ست عملات، في التعاملات الأوروبية المبكرة منخفضا 0.28 في المائة ليسجل 103.65. وظل الدولار قريبا من مستوى 104.19 وهو أعلى مستوياته منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2002 الذي سجله في بداية هذا الأسبوع.
وارتفع سعر الدولار بأكثر من ثمانية في المائة هذا العام مع تشديد البنك المركزي الأميركي سياسته النقدية. ورفع البنك فائدة أموال ليلة واحدة 50 نقطة أساس الأسبوع الماضي وهي أعلى زيادة منذ 22 عاما. واستوعبت الأسواق رفعا آخر متوقعا بخمسين نقطة أساس على الأقل في يونيو (حزيران) وفقا للجنة السوق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وارتفع اليورو 0.26 في المائة إلى 1.0557 دولار بعد أن تأرجح سعره صعودا وهبوطا منذ أن بلغ أدنى مستوياته منذ أكثر من خمس سنوات الشهر الماضي والبالغ 1.04695 دولار.


مقالات ذات صلة

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )
خاص سقوط جدار برلين كَسر القواعد التي كانت تنظّم التنافس بين القوى القديمة (غيتي)

خاص فشل القوة وثلاثة إخفاقات عالمية

هُزمت الولايات المتحدة في الصومال والعراق، ثم في أفغانستان، وسرعان ما ظهرت الصين بوصفها المستفيد الأكبر من العولمة، التي كانت تُحرر نفسها من المجال الأميركي.

برتراند بادي

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
TT

تقرير «مستقبل الوظائف 2025»... 78 مليون فرصة عمل جديدة بحلول 2030

الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)
الزوار يلتقطون صوراً لروبوت «كابتشا» خلال قمة «الذكاء الاصطناعي من أجل الخير» في جنيف (رويترز)

كشف تقرير «مستقبل الوظائف 2025»، الذي نشره «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أن الاضطراب سيصيب 22 في المائة من الوظائف بحلول عام 2030، وأن 170 مليون وظيفة جديدة ستخلق، في حين ستلغى 92 مليون وظيفة، مما يؤدي إلى زيادة صافية قدرها 78 مليون وظيفة. وعدّ أن التقدم التكنولوجي، والتحولات الديموغرافية، والتوترات الجيو - اقتصادية، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسة التي تدفع هذه التغيرات، مما يعيد تشكيل الصناعات والمهن على مستوى العالم.

وبالاستناد إلى بيانات من أكثر من ألف شركة، كشف التقرير أن فجوة المهارات تظل أكبر عائق أمام تحول الأعمال التجارية اليوم، حيث يُتوقع أن تتغير 40 في المائة من المهارات المطلوبة في الوظائف. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، لكن المهارات الإنسانية، مثل التفكير الإبداعي، والمرونة، والقدرة على التكيف ستظل حاسمة. ويُتوقع أن يكون الجمع بين كلا النوعين من المهارات أمراً بالغ الأهمية في سوق عمل سريعة التبدل.

ومن المتوقع أيضاً أن تشهد الأدوار الأمامية والقطاعات الأساسية، مثل الرعاية والتعليم، أكبر نمو في الوظائف بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، سيؤدي تقدم الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة إلى إعادة تشكيل السوق، مما يزيد من الطلب على وظائف تكنولوجية ومتخصصة، مع انخفاض الطلب على وظائف أخرى، مثل التصميم الغرافيكي.

وقال تيل ليوبولد، رئيس شؤون العمل والأجور وخلق الوظائف في «المنتدى الاقتصادي العالمي»: «اتجاهات، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والتحولات التكنولوجية السريعة، تقلب الصناعات وأسواق العمل، مما يخلق فرصاً غير مسبوقة ومخاطر عميقة». وأضاف: «الوقت الآن للعمل معاً من قبل الشركات والحكومات، والاستثمار في المهارات، وبناء قوة عاملة عالمية متكافئة وقادرة على الصمود».

سوق العمل في 2030

من المتوقع أن تشهد الأدوار الأمامية والخدمات الأساسية، مثل عمال المزارع، وسائقي التوصيل، وعمال البناء، أكبر زيادة في عدد الوظائف بحلول عام 2030، كما يُتوقع زيادة كبيرة في الطلب على وظائف الرعاية، مثل الممرضين، ووظائف التعليم، مثل معلمي المدارس الثانوية، مع دفع الاتجاهات الديموغرافية لنمو الطلب في القطاعات الأساسية. وفي الوقت نفسه، سيؤدي التقدم في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وأنظمة الطاقة، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة والهندسة البيئية، إلى زيادة الطلب على الأدوار المتخصصة. في المقابل، تظل وظائف، مثل أمين الصندوق والمساعدين الإداريين، ضمن الوظائف الأكثر انحداراً، بينما انضمت إليها وظائف أخرى، مثل مصممي الغرافيك، مع تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على سوق العمل.

فجوة المهارات

تستمر فجوة المهارات بوصفها أكبر عائق أمام تحول الأعمال في مواجهة التوجهات العالمية الكبرى، حيث يعد 63 في المائة من أصحاب العمل أنها التحدي الرئيس لمستقبل عملياتهم. وإذا تم تمثيل القوة العاملة العالمية من خلال 100 شخص، فمن المتوقع أن يحتاج 59 منهم إلى إعادة تدريب أو تطوير مهاراتهم بحلول 2030، مع احتمال ألا يتلقى 11 منهم هذا التدريب، ما يعني أن أكثر من 120 مليون عامل مهدد بالبطالة على المدى المتوسط. بينما يُتوقع أن يشهد الطلب على مهارات التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة، والأمن السيبراني نمواً سريعاً، وتظل المهارات الإنسانية، مثل التفكير التحليلي، والمرونة، والقيادة، والتعاون أساسية.

الذكاء الاصطناعي وتحسين المهارات

يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل نماذج العمل التجاري، حيث يخطط 50 في المائة من أصحاب العمل لإعادة توجيه أعمالهم للاستفادة من الفرص الجديدة. ويخطط 77 في المائة من أصحاب العمل لتطوير مهارات القوى العاملة، بينما يخطط 41 في المائة لتقليص العمالة بسبب أتمتة المهام. ويتوقع نصف أصحاب العمل تحويل الموظفين إلى مجالات أخرى؛ لتخفيف نقص المهارات، وتكاليف التحول التكنولوجي. ومع النمو السريع للتكنولوجيا، يجب على القادة وصنّاع السياسات والعملاء التعاون لضمان استعداد القوى العاملة، وتقليل مخاطر البطالة.

ما وراء التكنولوجيا

يعد ارتفاع تكلفة المعيشة عاملاً رئيساً في تغيير سوق العمل، مع توقع فقدان 6 ملايين وظيفة عالمياً بحلول 2030 بسبب ضغوط الأسعار والنمو الاقتصادي الأبطأ. كما يعزز التقدم العمري في البلدان ذات الدخل المرتفع من الطلب على وظائف الرعاية الصحية، بينما يعزز نمو السكان في سن العمل في المناطق ذات الدخل المنخفض من وظائف التعليم. وتثير التوترات الجيوسياسية وقيود التجارة قلق 34 في المائة من الشركات، مما يزيد الطلب على مهارات، مثل الأمن السيبراني.

ضرورة التحرك العاجل

تتطلب مواجهة التغيرات الكبيرة تحركاً عاجلاً ومشتركاً من الحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية. تشمل الأولويات سد فجوات المهارات، والاستثمار في برامج إعادة التدريب، وتوفير مسارات للوظائف ذات النمو السريع. ومن خلال التركيز على استراتيجيات انتقال العمل العادلة والشاملة ودعم العمال، يمكن بناء قوة عاملة عالمية مرنة، وقادرة على التكيف، ومؤهلة للنجاح في وظائف المستقبل.