أنقرة ترهن عودة اللاجئين بالحل الشامل للأزمة السورية

حذرت من التحريض ضدهم في مواقع التواصل الاجتماعي

نازحون سوريون وسط أطلال العصر الروماني القديم قرب سرمدا شمال إدلب (أ.ب)
نازحون سوريون وسط أطلال العصر الروماني القديم قرب سرمدا شمال إدلب (أ.ب)
TT

أنقرة ترهن عودة اللاجئين بالحل الشامل للأزمة السورية

نازحون سوريون وسط أطلال العصر الروماني القديم قرب سرمدا شمال إدلب (أ.ب)
نازحون سوريون وسط أطلال العصر الروماني القديم قرب سرمدا شمال إدلب (أ.ب)

في حين استمر الجدل حول مسألة ترحيل اللاجئين السوريين لديها أو إعادتهم طوعاً إلى بلادهم، رأت تركيا أن تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم يجب أن يكون جزءاً من الجهود الشاملة لحل الأزمة السورية؛ لأن الوضع في سوريا لا يزال يشكل مصدر قلق للمجتمع الدولي.
وقال نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، إن تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم «يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من الجهود الشاملة لحل الأزمة السورية»، مضيفاً، أمام الدورة السادسة لمؤتمر «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، المنعقد في بروكسل، أن الوضع في سوريا لا يزال يشكل مصدر قلق بالغ للسلم والاستقرار الدوليين. وأضاف أونال أنه «على الرغم من الأزمات العديدة التي صرفت انتباه المجتمع الدولي عن الأزمة السورية، فإن إيجاد حلول سياسية واقتصادية واجتماعية وإنسانية لهذه الأزمة أصبح أكثر إلحاحاً وأهمية مما كان عليه في الماضي، وأنه كلما طال التأخر في إيجاد حل فعال للأسباب الجذرية للأزمة السورية، فستكون تداعيات هذه الأزمة أكثر حدةً، وبالتالي؛ فإن إيجاد حل سياسي مستدام للأزمة يجب أن يظل هدفاً أساسياً».
ودعا أونال المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لإحياء العملية السياسية؛ بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254»، وأكد أن تركيا تدعم في هذا السياق جهود ومساعي المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون. وعدّ المسؤول التركي أن وجود بلاده في شمال سوريا لا يمنع مآسي إنسانية جديدة، فحسب؛ بل يساعد أيضاً في ضمان الاستقرار والأمن اللازمين لحماية المدنيين وتهيئة بيئة مناسبة لجهود تحقيق الاستقرار.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الأسبوع الماضي، عن خطة تتضمن 13 مشروعاً في مناطق سيطرة تركيا والفصائل السورية الموالية لها في شمال وشمال شرقي سوريا لإعادة مليون لاجئ سوري إلى هناك. وكشفت مصادر سورية معارضة عن إبلاغها من قبل تركيا بالخطة، لكنها عدّتها غير مدروسة وقد تؤدي إلى نتائج عكسية بمناطق شمال سوريا المكتظة، بعد تدفق أعداد كبيرة من النازحين من جميع مناطق سوريا إليها، وأن تفاقم المشكلات قد يؤدي إلى انسحاب تركيا من الملف السوري، أو أن تكون أقل حماساً فيما يتعلق بتغيير النظام السوري.
من جانبها، عدّت رئيسة حزب «الجيد» التركي المعارض، ميال أكشينار، أنه لا يمكن حل مشكلة اللاجئين من خلال ما سمتها «العقلية السطحية للسيد إردوغان»، قائلة إنه «يبسطها بخطبه المبنية على إيماننا.. هدفنا ليس ترحيل اللاجئين إلى بلدانهم في إطار غير إنساني، ولكن تسهيل عودتهم، ونرى أنه من الضروري على الحكومة اتخاذ إجراءات لردع إقامة السوريين في تركيا». وأضافت أكشنار، في كلمة خلال اجتماع نواب حزبها بالبرلمان، أمس: «نعتقد أن المشروعات التي جرى تطويرها لطالبي اللجوء، خصوصاً من جانب الاتحاد الأوروبي، يجب أن تركز الآن على تسهيل عودة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية، بغض النظر عمن في السلطة في دمشق. يجب أن تقوم علاقاتنا مع سوريا على الحوار البناء». في الوقت ذاته، حذرت رئاسة الهجرة التركية من تداول معلومات مغلوطة على وسائل التواصل الاجتماعي حول وضع اللاجئين السوريين في تركيا، في وقت أطلق فيه ناشطون أتراك، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة إلكترونية تحت عنوان: «معلومة صحيحة»، بهدف تصحيح المعلومات الخاطئة التي يتداولها الشارع التركي حول اللاجئين السوريين. وقال المدير العام لـ«الاندماج والتواصل» في رئاسة الهجرة التركية، جوكشه أوك، في تصريحات، أمس، إن عدد اللاجئين في تركيا يبلغ 5.4 مليون لاجئ؛ بينهم 3.7 مليون سوري، مؤكداً أنهم غير مخولين التصويت في الانتخابات، وإن بلاده منحت الجنسية لنحو 201 ألف لاجئ سوري، استوفوا معايير الجنسية من خلال القيمة الإيجابية والمساهمة المقدمة من قبلهم، وإن الدولة لا تدفع رواتب للاجئين، إلا في حال كان هناك عمل معهم. وأشار إلى أن 500 ألف لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم، في وقت تخطط فيه الحكومة التركية لإعادة توطين أكثر من مليون لاجئ سوري في مناطق «آمنة».
في غضون ذلك، أعلنت إدارة معبر جرابلس الحدودي مع تركيا، استئناف استقبال السوريين الراغبين في قضاء إجازة داخل الأراضي السورية، وكذلك العائدين من إجازاتهم إلى تركيا، بدءاً من أمس. وقالت الإدارة، في بيان، إن أصحاب الجنسية المزدوجة، وحملة بطاقات الحماية المؤقتة (الكيملك) من ولاية غازي عنتاب التركية، الراغبين في دخول الأراضي السورية لقضاء إجازة عبر معبر جرابلس الحدودي، أصبح بإمكانهم الدخول. وأضاف أن المعبر يبدأ باستقبال السوريين المنقضية إجازاتهم والراغبين في الدخول إلى الأراضي التركية، بدءاً من الاثنين المقبل، مشيراً إلى أن الأشخاص الذين صادف موعد دخولهم خلال فترة الإغلاق السابقة؛ سيتم إدخالهم يوم الاثنين.
وكانت إدارة معبر جرابلس قد قررت إغلاق المعبر أمام السوريين بدءاً من 25 أبريل (نيسان) الماضي حتى 13 مايو (أيار) الحالي، بعدما أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو عن وقف إجازات العيد، التي تمنحها الحكومة التركية للسوريين من أجل زيارة سوريا في الأعياد. على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، تحييد 10 من عناصر «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في منطقتي عمليتي «نبع السلام» و«درع الفرات»، كانوا يستعدون لتنفيذ هجمات في المنطقتين اللتين تسيطر عليهما تركيا والفصائل السورية الموالية لها. واستهدف طيران مسيّر تركي سيارة على طريق حلب - عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، وبعده بدقائق جرى استهداف ثان لمنزل في مدينة عين العرب، بحسب ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.