تبادل اتهامات في لبنان حول «المال الانتخابي»

تحوَّل إلى عنوان أساسي في المعركة بين «القوات» و«التيار»

TT

تبادل اتهامات في لبنان حول «المال الانتخابي»

يحتل عنوان «الإنفاق والمال الانتخابي» حيزاً أساسياً في المعركة بين حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، إضافة إلى المعارك السياسية الأخرى التي يعتمد عليها الحزبان المسيحيان الخصمان في التعبئة للاستحقاق الانتخابي، في 15 مايو (أيار) المقبل. وأول من تحدث عن هذا الموضوع هو رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، متّهماً كل من «القوات» وحزب «الكتائب اللبنانية» بـ«تجاوز سقوف الإنفاق الانتخابي».
وهذا الموضوع بدأ يأخذ حيزاً واسعاً من المعركة الانتخابية المفتوحة بين هذه الأحزاب واتهامات متبادلة بينها، ليعود بعدها وينبّه إليه رئيس الجمهورية ميشال عون؛ مشيراً إلى حصوله على تقارير موثقة تؤكد حجم الإنفاق، وداعياً هيئة الإشراف على الانتخابات للقيام بعملها، وهو ما تضعه «القوات» في خانة «الذرائع والحجج لتبرير فشلهم».
وتقدم باسيل بدعوى قضائية ضد «القوات» و«الكتائب»، طالباً «إحالة المخالفين إلى النيابة العامة المختصة، لانطباق وصف الجرائم المالية والجزائية على مخالفاتهم الثابت ارتكابها»، ولفت في الشكوى «إلى تكاثر الإعلانات الخاصة بحزبي (الكتائب) و(القوات) لدرجة فضح ظاهرها الكلفة الحقيقية، وأكد تجاوزها سقف الإنفاق المسموح به»؛ مشيراً إلى أنه «لا يُعقل أن يبقى هذا الكم من الإعلانات دون سقف الإنفاق بمعزل عن صحة البيانات الحسابية التي يتم التقدم بها، ومع التأكيد على التفاوت الكبير لمصلحة (القوات) على (الكتائب)».
وهذه الاتهامات كانت قد استدعت ردود فعل من «الكتائب» و«القوات»؛ مذكرين باسيل بأن «اسمه مدرج على لائحة العقوبات بتهمة الفساد، وهو الذي أهدر أكثر من 40 مليار دولار ديناً في الكهرباء بسبب فشله وفساده».
لكن رئيس الجمهورية ميشال عون عاد وأعلن عن حصوله على تقارير تؤكد المبالغة في إنفاق المال، وهو ما تؤكده مصادر في «التيار» مقربة من الرئاسة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «تقارير وصلت للرئيس من الأجهزة الأمنية، تثبت أن هناك دفع أموال انتخابية، وهي مسؤولية هيئة الإشراف على الانتخابات التي عليها التدقيق في الأمر، ومعالجة الموضوع مباشرة، وهو الحق الذي يعطيها إياه القانون، وأن ترفع الدعوى للجهات القضائية المختصة».
ورد على هذه الاتهامات مسؤول الإعلام والتواصل في «القوات»، شارل جبور، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أن يقدر البعض أن هناك فريقاً سياسياً تجاوز السقف الانتخابي والانتخابات لم تحصل بعد، كما أن هيئة الإشراف لم تطّلع على كل التقارير، ولم تصدر تقريرها النهائي بعد، يعني أن هذا الكلام استباقي من أجل التشكيك في نتائج الانتخابات، انطلاقاً من أن الفريق الذي يرمي الاتهامات يملك تقارير واضحة عن وضعيته الشعبية المأزومة، وبالتالي يقوم بالحملة لسببين: الأول لحرف الأنظار عن الواقع المأزوم الذي هو فيه، وعن المآسي التي يعيشها الشعب اللبناني نتيجة أدائه السيئ، والثاني هو تحضير جمهوره لخسارة مسبقة وليعزو سببها إلى الإنفاق الانتخابي»، ويذكر من جهة أخرى بـ«امتلاك هذا الفريق محطة تلفزيونية تبث 24 ساعة الأضاليل والأكاذيب والحقد والافتراءات».
ومع اعتبار جبور أن كل ما يقوم به هذا الفريق هدفه «خلق ذرائع وحجج لتبرير فشله»، يؤكد أن «الانتخابات النيابية تحصل اليوم ضمن مواجهة سياسية بين مشروعين، بعيداً عن المال الانتخابي وشراء الأصوات»، ويذكّر «التيار الوطني الحر» بـ«المال الإيراني الذي تدفعه طهران لحليفه (حزب الله) في لبنان، بموازنة سنوية واضحة».
ومن المعلوم أن القانون اللبناني حدد سقف المبلغ الأقصى الذي يحق لكل مرشح إنفاقه أثناء فترة الحملة الانتخابية، ويقسم إلى «قسم ثابت مقطوع قدره 750 مليون ليرة (30 ألف دولار)»، ويُضاف إليه «قسم متحرك مرتبط بعدد الناخبين في الدائرة الانتخابية التي ينتخب فيها، وقدره خمسون ألف ليرة لبنانية (دولارين فقط) عن كل ناخب مسجل في قوائم الناخبين في الدائرة التي يترشح فيها». أما سقف الإنفاق الانتخابي للائحة، فهو مبلغ ثابت مقطوع قدره 750 مليون ليرة لبنانية عن كل مرشح (30 ألف دولار).



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.