عمليات نوعية للمقاومة التهامية ضد الحوثيين في الحديدة

الحراك الشعبي التهامي يشارك في مؤتمر الرياض بينما قائده ما زال مختطفًا لدى ميليشيات التمرد

عمليات نوعية للمقاومة التهامية ضد الحوثيين في الحديدة
TT

عمليات نوعية للمقاومة التهامية ضد الحوثيين في الحديدة

عمليات نوعية للمقاومة التهامية ضد الحوثيين في الحديدة

اتسعت دائرة الصراع المسلح في محافظة الحديدة بين المقاومة الشعبية التهامية والميليشيات الحوثية، الأمر الذي اضطر الحوثيين إلى استقدام مزيد من التعزيزات البشرية من محافظة حجة المجاورة، وأكدت مصادر خاصة في مدينة الحديدة لـ«الشرق الأوسط» أن «المئات من المسلحين الحوثيين وصلوا إلى المحافظة قادمين من محافظة حجة، الواقعة إلى الشمال الغربي للعاصمة صنعاء، وذلك للتمركز داخل مدينة الحديدة، وللقتال بجانب المسلحين الحوثيين ضد المقاومة الشعبية التهامية التي تستهدف الميليشيات الحوثية، في الآونة الأخيرة»، وقال مصدر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن «المسلحين الحوثيين استعانوا بميليشيات مسلحة من خارج المحافظة للقتال في صفوفهم بعدما سقط العديد منهم قتلى وجرحى جراء العمليات التي تقوم بها المقاومة الشعبية التهامية ضد الحوثيين؛ لتجبرهم على الخروج من المحافظة ومن جميع المرافق التي استولوا عليها، والاعتراف بشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي»، وذكرت المعلومات أن المسلحين الحوثيين يتخذون من المستشفى العسكري ثكنات لهم إضافة إلى أماكن أخرى.
في هذه الأثناء، تستمر المقاومة الشعبية التهامية في تنفيذ ما وصفت بالعمليات النوعية دون مواجهة مع المسلحين الحوثيين، وتقوم بعمليات تستهدفهم تؤدي إلى قتلهم؛ الأمر الذي يؤثر كثيرا في صفوف الجماعة بسبب عدم معرفتهم من أين تأتيهم الضربات. قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: «سقط خلال الأيام القليلة الماضية العشرات من المسلحين الحوثيين قتلى وجرحى في عمليات للمقاومة التهامية التي تهاجم دوريات الميليشيات ومراكز وجودهم في مدينة الحديدة ومراكز المديريات ثم تختفي».
من جهة أخرى، يشارك «الحراك التهامي» السلمي في مؤتمر الرياض ممثلا بالقائد الميداني عبد الرحمن شوعي، والقيادي طارق سرور، ومجموعة آخرين من أبناء تهامة.
تأتي مشاركة الحراك التهامي في ظل استمرار جماعة الحوثي المسلحة في اختطاف مؤسس «الحراك التهامي السلمي» قائد المنطقة العسكرية الخامسة عضو الحوار الوطني العميد خالد خليل، وكان الحراك التهامي ممثلا بالقائد الميداني عبد الرحمن شوعي قد طرح أن تهامة تعاني التهميش والإقصاء من النظام السابق والنظام الحالي، ومن سيطرة الحوثيين على جميع المرافق الحكومية في محافظة الحديدة غرب اليمن، وعلى ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن. وتأتي مشاركة الحراك التهامي في المؤتمر رغم أن جماعة الحوثي المسلحة ما زالت تختطف مؤسس الحراك التهامي العميد الركن خالد خليل منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي، وعددًا من النشطاء في الحراك وشباب الثورة.
وتشهد مدينة الحديدة، غرب اليمن، توترات غير مسبوقة بين صفوف جماعة الحوثي المسلحة، وانتشارا قليلا بعدما كانت تنتشر بشكل كبير في المدينة ومداخلها ومخارجها وجميع الأحياء في المدينة؛ بسبب الملاحقات والاغتيالات التي تنفذها ضدهم المقاومة الشعبية التهامية، في حين لاقت المقاومة الشعبية ارتياحا بين أوساط المواطنين في المدينة الذين يدعون إلى طرد جميع الميليشيات المسلحة من إقليم «تهامة».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.