ردود لبنانية واسعة على تهديدات نصر الله

ردود لبنانية واسعة على تهديدات نصر الله
TT

ردود لبنانية واسعة على تهديدات نصر الله

ردود لبنانية واسعة على تهديدات نصر الله

أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله أن قنوات دبلوماسية أبلغت الحزب برسالة تقول إن الإسرائيليين يؤكدون أنهم لا يريدون القيام بأي عمل تجاه لبنان، مشدداً على استمرار استنفار الحزب بالتزامن مع المناورات الاسرائيلية.
وقال نصر الله في كلمة له: «نحن لا نثق بالعدو ولا برسائله الدبلوماسية ولا بتصريحات رئيس وزرائه، وجهوزيتنا ستبقى قائمة وبعيون مفتوحة لحين انتهاء المناورات الإسرائيلية».
وبعد خطاب ناري ليل أول من أمس (الأحد)، خرج نصر الله بخطاب تهدئة داخلية، عادّاً أنه لا يمكن لحزبه أن يكون بديلاً عن الدولة.
وأتى كلام نصر الله في مهرجان انتخابي في الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد يوم واحد على كلمة ألقاها في مهرجان انتخابي في صور والنبطية، شنّ فيها هجوماً على خصومه وعلى من يرفعون شعار نزع سلاح الحزب.
وفي رسالة للمكونات اللبنانية؛ قال نصر الله: «إذا قلت إن حزب الله وحده قادر على بناء دولة عادلة وقادرة لا أكون صادقاً، ولا أحد يستطيع ذلك لوحده في لبنان؛ بل تحتاج لتعاون بين الأحزاب والتيارات؛ لأننا في بلد قائم على الشراكة، وعندما يريد البعض ألا يتحمل المسؤولية؛ فهذا شأنه، ولكن عندما يُراد الإقصاء تحت عنوان أكثرية وأقلية؛ فهذا قد يدفع لبنان إلى مغامرات، ومن هنا أؤكد أننا مع الشراكة الوطنية من أجل إخراج لبنان من أزماته؛ لأنه لا يتحمل طائفة قائدة مهما كان لديها فائض قوة». وأضاف: «قد تصبح حزباً إقليمياً؛ لكنك في لبنان تبقى حزباً مشاركاً في حياة سياسية قائمة على الشراكة بين القوى اللبنانية، ولبنان لا يتحمل حزباً قائداً ولا تياراً قائداً ولا طائفة قائدة مهما بلغ لديها فائض قوة».
وكانت مواقف نصر الله التصعيدية يوم أول من أمس قد لاقت ردود فعل بعدما كان قد رمى كرة «الاستراتيجية الدفاعية» في ملعب الآخرين، وتوجّه لمن يريد نزع سلاح الحزب بالقول: «فشرتوا».
وقال حزب «الكتلة الوطنية اللبنانية»، في بيان له رداً على نصر الله: «خطابه لا يصب إلا في خانة اللعب على المظلومية وتمنين الجنوبيات والجنوبيين بما قدمه وهم من ضحوا بأرواحهم وبيوتهم ودمائهم للدفاع عن قراهم وحدودهم». وأضاف: «لربما يسعى الأمين العام للحزب إلى أن ينسي أهل الجنوب من هو المسؤول عن خسارة أموالهم ومستقبلهم، وعن انهيار الخدمات الصحية والتعليمية. لربما يسعى أن ينسيهم أنه متحالف مع أرباب الفساد، مع أصحاب المصارف ومن هو مسؤول عن إفقار الناس»، مؤكداً: «خطاب التخوين والمظلومية لن ينفع ولن يفيد في هذه المعركة الانتخابية، فهي معركة استرجاع الناس لكرامتها من تجار الدم ومن مافيا المصارف والاحتكارات والتهريب».
ورد كذلك رئيس «حزب الكتاب»، النائب المستقيل سامي الجميل، على كلام نصر الله الذي قال فيه: «فشروا... ينزعوا سلاح (حزب الله)»، بالقول: «فشر إنّك تخلينا نستسلم وتسيطر على البلد وتخلص منّا، وأن تسيطر على مستقبل أولادنا، فنحن نريد العيش كما نريد نحن لا كما تُريد أنت». وشدد على أن «الجيش وحده يدافع عنا، وعندما ينادينا فسنكون بصفوفه لندافع عن لبنان تحت قيادة دولتنا التي نحب».
وردّ النائب السابق فارس سعيد على نصر الله بالقول: «نحن تجاوزنا موضوع السلاح ونتكلم عن احتلال ايران للبنان، ونعتبركم فصيلاً من (الحرس الثوري) الإيراني، ولا جدوى للتفاوض مع احتلال، بل مقاومته واجب وطني». وأضاف: «يؤكد نصر الله أن سلاحه ضمانة وطنية واقتصادية، ونحن نؤكد أن سلاحه خرب لبنان ونسف مقومات الحياة فيه».
وفي الإطار نفسه ردّ مفوض الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، صالح حديفة، عبر حسابه على «تويتر» على نصر الله قائلاً: «عذراً.. هل تقصد أنكم ضعفاء ولا تملكون حجة ودليلاً؟ أسألُك ذلك بناءً على ما قُلتَه اليوم، لأننا نذكر جيداً أننا قدّمنا استراتيجية دفاعية متكاملة وأنتم من تهرّب من نقاشها... فقط للتذكير علّكم تذكرون قبل أن تُمطروا الناس بمزيد من الروايات الخاطئة».
وجاء تعليق حديفة على ما قاله نصر الله في مهرجان انتخابي حول الاستراتيجية الدفاعية: «نحن جاهزون لمناقشة استراتيجية دفاعية وطنية؛ لأننا أصحاب حجّة ودليل، ومن يهرب فهو في موضع ضعف».



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.