«واحد تاني»... يتصدر الإيرادات في مصر ويتجاهل الانتقادات

فيلم أحمد حلمي لاحقته اتهامات «الاقتباس» و«الإيحاءات الزائدة»

أحمد حلمي
أحمد حلمي
TT

«واحد تاني»... يتصدر الإيرادات في مصر ويتجاهل الانتقادات

أحمد حلمي
أحمد حلمي

رغم تعرضه لبعض الانتقادات، عقب عرضه في دور السينما المصرية بأيام قليلة، فإن فيلم «واحد تاني» للنجم أحمد حلمي، يتصدر إيرادات موسم عيد الفطر السينمائي في مصر حتى الآن، متفوقاً بفارق كبير عن أقرب منافسيه، فيلم «العنكبوت» للفنان أحمد السقا، ومنى زكي؛ إذ حقق فيلم حلمي إيرادات بلغت نحو 32 مليون جنيه مصري، (الدولار الأميركي يعادل 18.6 جنيه مصري)، خلال الأسبوع الأول لعرضه.
وتباينت آراء النقاد والمشاهدين في «واحد تاني»، فبينما قال مغردون إن الفيلم ظريف، بعدما انتزع الضحكات من قلوبهم، لأول مرة منذ فترة طويلة، معتبرين إياه بمثابة عودة قوية لحلمي، فإن آخرين انتقدوا اعتماد الفيلم على إيحاءات، وُصفت بأنها «زائدة عن الحد»، واتُّهم كذلك بأن فكرته مأخوذة عن الفيلم الأميركي «Jonathan»، وأشاروا إلى أن الفيلم لم يتمكن بشكل تام من وقف تراجع أحمد حلمي فنياً، لافتقاد فيلمه الجديد للخيال، حسب وصفهم.
ورغم هذه الانتقادات الدائرة في فضاء «السوشيال ميديا»، والمواقع الإخبارية المصرية، فإنه ميدانياً حقق إيرادات مميزة خلال أيام قليلة، لا سيما أنه الفيلم الوحيد الذي اختارته وزارة الثقافة المصرية لعرضه ضمن مبادرة «سينما الشعب».

                                                                سيد رجب في لقطة من الفيلم
مشهد واحد يقلب حياة بطل الفيلم «مصطفى الحسيني زياد» الذي يعمل اختصاصياً اجتماعياً داخل السجون، ويعيش حياة روتينية، حين يلتقي زملاء دفعته في الجامعة بعد عشرين عاماً من تخرجهم، تستقبلهم في بيتها زميلتهم «فيروز» التي تقدمها الفنانة المصرية روبي، ويتحدث كل منهم بفخر عما حققه من نجاح مادي وأدبي خلال العقدين الماضيين. يأتي الدور على «مصطفى»، فيقول إنه طاف سجون مصر كلها، فيعتقدون للوهلة الأولى أنه ارتكب جرائم تسببت في ذلك؛ لكنه يوضح لهم أن طبيعة عمله هي تأهيل المسجونين. ويشعر مصطفى بخيبة أمل أمام زميلته وحبه القديم «فيروز»، ويغادر اللقاء بمرارة، ويستعيد في بيته فيديو للقاء تلفزيوني معه عن مواهبه في العزف على الدرامز وتأليف القصص، وكان يتدفق حيوية.
ويقنعه شقيق «فيروز» الذي يلعب دوره أحمد مالك، بأن يفعل مثله، ويأخذ حقنة تعيد له الحيوية والشغف بالحياة، لتكون هذه الحقنة «اللبوس» بداية أزماته حين يحدث خطأ، ويصبح حاملاً لشخصيتين: الأولى «مصطفى»، والثانية «إكس».
تحمل أحمد حلمي الممثل عبء أداء الشخصيتين ببراعة كعادته؛ حيث تتصارعان داخله، ينام «مصطفى» فيستيقظ «إكس»، وهكذا تتوالى المفارقات المضحكة وسط تناقض حاد بين شخصيتيهما، فالأول روتيني يتمسك بوظيفته، والثاني يتمتع بكثير من الجرأة والمغامرة، يقدم استقالته من الوظيفة ليعقد صفقات ناجحة، فيفسدها الأول في اليوم التالي.
وربط نقاد بين فكرة «واحد تاني»، والفيلم الأميركي «Jonathan» الذي صدر عام 2018، من إخراج بيل أوليفر الذي تعرض لشخصيتين تعيشان في جسد واحد، وتتبادلان الظهور كل يوم.
وحقق فيلم «واحد تاني» نجاحاً لافتاً في الدول العربية التي عُرض بها، ومن بينها العراق، حسبما يؤكد الناقد العراقي مهدي عباس الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «حقق الفيلم إقبالاً كبيراً مثل كل أفلام أحمد حلمي السابقة، محتلاً المركز الأول في شباك التذاكر في العراق، رغم أنه يعرض أمامه الفيلم الأميركي (دكتور سترينج 2)»، ويوضح عباس أسباب ذلك قائلاً: «حلمي ممثل له كاريزما خاصة، يختلف عن نجوم الكوميديا الآخرين بأسلوبه السهل الممتنع في التمثيل؛ لكن الحوار يؤخذ عليه كثرة الإيحاءات الجنسية، وهو ما لم نجده في أفلام حلمي السابقة. فلم نتوقع كم هذه الإيحاءات التي لا يحتاجها للإضحاك، فهو نجم ينتظره الجمهور ويحبه، وكان مشهد وجوده مع الممثل محمود حافظ، غير موفق؛ إذ تضمن حواراً غير مستحب، لا سيما أن جمهور الفيلم أغلبه من العائلات».

                                                         حلمي في لقطة من «واحد تاني»
ورغم ذلك، يرى عباس أن «النجاح الهائل الذي حققه الفيلم على مستوى الإيرادات، يعود لسببين: الأول ترقب الجمهور لفيلم حلمي بعد غياب سنوات، والثاني الفكرة الغريبة على السينما العربية التي اقتُبست من أفلام أميركية، بالإضافة إلى الخيال الجامح لهيثم دبور الذي أوصلنا إلى حالة كوميدية مبهجة».
وأكد عباس: «أنا شخصياً أحببت الفيلم، بسبب أداء أحمد حلمي الذي يتسم بالعفوية، وأعجبتني جداً الممثلة الشابة نور إيهاب التي أدت شخصية (شيرويت) وهي وجه واعد، بينما يبدو أن المخرج محمد شاكر خضير مولع بهذه الأجواء الغريبة وغير المعتادة، كما في فيلمه الأول (هاتولي راجل)».
وأعاد فيلم «واحد تاني» أحمد حلمي للسينما بعد غياب 3 سنوات، منذ أن قدم فيلم «خيال مآتة»، معتمداً فريق عمل جديداً، في أول تعاون سينمائي يجمعه مع المؤلف هيثم دبور والمخرج محمد شاكر خضير.
إلى ذلك، قلّل متابعون من بلاغ محامٍ مصري، يتهم الفيلم بـ«الترويج للمثلية الجنسية»، ويطالب السلطات المصرية بـ«منع عرض الفيلم ومحاكمة صناعه»، معتبرين أن «هذه الدعاوى لا تهدف إلى وقف الفيلم لحجج منطقية، بقدر سعي أصحابها إلى الشهرة»، حسب وصفهم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».