«الصوت الانتقامي»... لبنانيون يقررون معاقبة «الطبقة الحاكمة» في صناديق الاقتراع

خبير انتخابي: 37 % يعتزمون التصويت لقوى جديدة

من مظاهرة لبنانية قبالة مرفأ بيروت بعد انفجاره (رويترز)
من مظاهرة لبنانية قبالة مرفأ بيروت بعد انفجاره (رويترز)
TT

«الصوت الانتقامي»... لبنانيون يقررون معاقبة «الطبقة الحاكمة» في صناديق الاقتراع

من مظاهرة لبنانية قبالة مرفأ بيروت بعد انفجاره (رويترز)
من مظاهرة لبنانية قبالة مرفأ بيروت بعد انفجاره (رويترز)

يعتزم اللبناني جو (موظف ثلاثيني)، المتحدر من منطقة جزين الواقعة في شرق صيدا، انتخاب لائحة من لوائح التغيير، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه يريد «الانتقام من الطبقة الحاكمة التي أوصلت لبنان إلى الانهيار الكلي، ونهبت أموال المودعين وجني أعمارهم».
ولم يكن اتجاه جو، الذي خسر والده «كل قرش أبيض ادخره ليومه الأسود في المصارف»، على حد تعبيره، هو نفسه في انتخابات العام 2018 يوم انتخب لصالح «التيار الوطني الحر». ويضيف: «التيار الذي بيده العهد ويمتلك أغلبية مسيحية في المجلس النيابي، وقف متفرجا على الناس الذين ضاع مالهم ورزقهم. في هذا العهد وصلنا إلى أسفل، فلا بد من العقاب».
ويعتزم العديد من الناخبين معاقبة الطبقة الحاكمة ككل والانتخاب ضدهم علماً بالشعار الذي رفع إبان «ثورة تشرين الأول»، وهو «كلن يعني كلن»، في حين يحمل البعض كل المسؤولية إلى العهد المتمثل برئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون و«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه النائب جبران باسيل وخلفهما «حزب الله»، ويتوعدونهم بحصد ثمار «ما جنته أيديهم» في صناديق الاقتراع من خلال التصويت للقوى التغييرية.
ويعبر السواد الأعظم من اللبنانيين التغييريين عن اتجاههم إلى ما يوصف بـ«الصوت الانتقامي». يعرب هؤلاء عن رفضهم التام للطبقة السياسية الحالية لأسباب عدة، تبدأ بفقدانهم ودائعهم وجني أعمارهم في المصارف، ولا تنتهي عند معاناتهم اليومية من انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أسعار الدواء المحروقات والمواد الغذائية وانهيار سعر صرف العملة الوطنية، إلى ما هنالك من أزمات أصبحت لا تُحصى ولا تُعد. أضف إلى ذلك، يجد البعض في هذه الانتخابات فرصة ذهبية لتقويض «حزب الله» وسياساته «التي عزلت لبنان عن محيطه العربي».
في المقابل، يشعر العديد من الناخبين اللبنانيين بالخذلان من تشتت القوى التغييرية وعدم تمكنها من إنتاج لوائح موحدة. وتقول دينا، التي تقترع في بيروت، إنها تقع في حيرة من أمرها بين الانتخاب للقوى التغييرية أو الإدلاء بورقة بيضاء في دائرة بيروت الثانية في الانتخابات المقبلة. دينا، الأربعينية التي شاركت في ساحات الاحتجاج في «17 تشرين 2019» خالعة عباءة الأحزاب، تؤمن بشعار «كلن يعني كلن». وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنها شعرت بخيبة الأمل من تشتت الثورة وعجزها عن الخروج بلوائح موحدة في وجه المنظومة الحاكمة.
في المقابل، ورغم عدم اقتناعه بالكثير من المرشحين على اللوائح التغييرية، يؤكد الطرابلسي العشريني أيهم أنه سينتخب القوى التغييرية «لا محالة». ويقول الشاب العاطل عن العمل لـ«الشرق الأوسط»: «في بيتنا انقسام عمودي، الأهل يريدون الانتخاب مع القوى السياسية الحاكمة، أما أنا وإخوتي الثلاثة وأولاد عمي فسننتخب القوى التغييرية».
ويضيف «أدرك أن التصويت للتغييريين لن ينقلنا بلمح البصر من الحضيض إلى القمة، لكنه سيدق مسمارا في نعش المنظومة الحاكمة... التصويت لأحزاب السلطة نتيجتها معروفة واختبرناها على مدى 20 سنة، والمقاطعة قبول ضمني بالحكام، أما التصويت للتغييريين فبارقة أمل لنا، وحساب عسير للمنظومة».
ويؤكد الخبير الانتخابي عباس بوزيد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الصوت المعارض بكل ما للكلمة من معنى والانتقامي سيقترع للوائح التغييرية»، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود عدد لا بأس به من الناس الذي منيوا بخيبة أمل من أداء المجموعات المعارضة على مستوى لبنان ككل من خلال بروز عدم وجود انسجام في العديد من اللوائح ما قد يدفع البعض إلى المقاطعة أو التصويت بورقة بيضاء.
ويوضح بوزيد أن «القوى السياسية المعارضة في مرحلة النضوج لكن لم يحن موعد قطافها ويبرز ذلك من خلال أداء القوى التغييرية لناحية تعدد اللوائح واستبعاد شخصيات على حساب أخرى». ويسأل: هل ستتم معاقبة «التيار العوني» والثنائي الشيعي من خلال الانتخابات؟ معتبرا أن الإجابة الواضحة عن هذا السؤال ستظهر بعد عملية الاقتراع في 16 مايو (أيار).
من جهته، يؤكد الخبير الانتخابي كمال فغالي أن هناك العديد من الناخبين الذين سيدلون بـ«صوت انتقامي أو ثأري أو عقابي» من خلال انتخاب القوى التغييرية.
ومن خلال دراسات أجراها، يشير فغالي إلى أن «التيار الوطني الحر سيتراجع 7 نقاط بالحد الأدنى في هذه الانتخابات من قواعده، وبعد أن كان التيار يحظى بنسبة 26 في المائة من المجلس النيابي سيتراجع إلى أقل من 20 في المائة».
أما بالنسبة لـ«حزب الله»، فيؤكد أن «حجم حالة الغضب لدى الطائفة الشيعية كبير ويصل إلى نسبة 35 في المائة من جمهور الطائفة الذي أصبح ضد المنظومة»، ويلفت إلى أن هذا الرفض كان ليترجم بشكل أفضل «لو تمكنت الثورة من إنتاج لائحة موحدة المعارضة».
وبحسب دراسات أجراها فغالي، فإن الأشخاص الذين يؤكدون أنهم ضد السلطة ككل يعبرون عن دعمهم للقوى التغييرية بوضوح، ويضيف: «نسبة من أعلنوا عن اعتزامهم التصويت لقوى جديدة لمعاقبة السلطة الحاكمة بلغت 37 في المائة، مع ذلك فإن نسبة الغاضبين من الطبقة الحاكمة أكثر بكثير، لذلك ستأخذ لوائح التغيير نسبة من التصويت».
ويوضح أن «نسبة هؤلاء كانت تتخطى الـ45 في المائة قبل الإعلان عن لوائح القوى التغييرية ولكن بعدما وجد الناخبون أن تلك اللوائح لم تلاق تطلعاتهم انخفضت النسبة 20 في المائة».
ويقول: «مع الأسف ظهرت القوى التغييرية مشتتة ولم تثبت جديتها ما أحدث خيبة أمل لدى الناخبين قد تترجم من خلال امتناع البعض عن التصويت أو لجوئهم إلى ورقة بيضاء كتعبير بالموقف السياسي أو قد يتجه البعض نحو مرشحين من الطبقة السياسية التي قدمت خدمات للمواطنين لكنها لا تنتمي إلى السلطة الحاكمة كـ«التيار الوطني الحر» أو «حزب الله».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».