مصر: واقعة «تحرش الأهرامات» تجدد مطالب تحسين الخدمة في المنطقة

منطقة أهرامات الجيزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة أهرامات الجيزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: واقعة «تحرش الأهرامات» تجدد مطالب تحسين الخدمة في المنطقة

منطقة أهرامات الجيزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
منطقة أهرامات الجيزة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جددت واقعة «تحرش» بعض الشباب المراهقين بسياح أجانب في منطقة آثار الأهرامات بالجيزة، مطالبات الآثاريين، بتسريع خطوات تطوير المنطقة الأثرية، وتحسين الخدمات المقدمة بها، مع العمل على رفع الوعي الأثري والسياحي لدى المجتمع، حفاظاً على سمعة مصر.
وأمرت النيابة العامة المصرية، اليوم (الاثنين)، «بحبس ثلاثة متهمين احتياطياً، وإيداع عشرة آخرين بإحدى دور الملاحظة (تتراوح أعمارهم بين ثلاثة عشر عاماً إلى خمسة عشر عاماً)، على ذمة التحقيق معهم فيما نُسب إليهم من اتهامات في واقعة التعرّض لفتاتين بالقول والفعل بمنطقة آثار الهرم»، وفقاً لبيان صحافي.
بدأت القصة بتداول مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال إجازة عيد الفطر المبارك، يظهِر فتاتين أجنبيتين تحاولان الفرار من مضايقات مجموعة من الصبية، التفوا حولهما، واقتربا منهما، فيما وصف من جانب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنه «واقعة تحرش»، مطالبين السلطات «بالتدخل لحماية السياحة، وسمعة مصر»، مع «إلقاء اللوم على الأهالي، الذين يتركون أولادهم دون توعية».
وعلى الفور بدأت وحدة الرصد والتحليل بمكتب النائب العام، التحقيق في الفيديو، حيث تمكنت من تحديد 13 متهماً، وتبين أن مصور الفيديو، هو المرشد السياحي المرافق للفتاتين، وأنه صوره «لتوثيق ما حدث بغرض التوعية السياحية، وليس إلحاق ضرر بالاقتصاد والأمن القومي للبلاد، أو ترسيخ صورة ذهنية غير صحيحة نحوها»، وفقاً للبيان.
الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية، أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة الأساسية تكمن في غياب الوعي الأثري لدى هؤلاء الشباب، فهم يتصرفون بحسن نية، ويحاولون التقاط الصور مع السياح، دون فهم لطبيعة السائح، وأهمية الحفاظ على خصوصيته»، مطالباً «بنشر الوعي السياحي والأثري في المجتمع لعدم تكرار مثل هذه الوقائع، إضافة إلى تأمين المناطق الأثرية بشكل كاف، وإن كان التأمين الكامل أمراً صعباً نظراً لاتساع المنطقة، وزيادة عدد زوارها».
وشهدت منطقة آثار الأهرامات ازدحاماً شديداً في عيد الفطر المبارك، حيث زارها في أول أيام العيد أكثر من 25 ألف زائر، بحسب البيانات الرسمية.

وتسببت واقعة «تحرش الأهرامات» في إحداث حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شارك عدد من المصريين والعرب تجاربهم في زيارة منطقة الأهرامات الأثرية، وما تضمنته من مضايقات من الزوار، أو الجمّالة والخيّالة، منتقدين «سوء الخدمات السياحية في المنطقة الأثرية الأشهر في مصر»، وهو ما جدد مطالبات الآثاريين بسرعة الانتهاء من تطوير المنطقة الأثرية.
ويقول عبد البصير، إن «منطقة الأهرامات هي أهم منطقة على الخريطة السياحية في مصر»، مطالباً «بسرعة الانتهاء من مشروع تطويرها، والذي سيساهم بشكل كبير في حل مثل هذه المشكلات، وغيرها، حيث سيتم تخصيص بوابات للدخول، ونقل السياح بعربات صديقة للبيئة، مع تخصيص أماكن للجمّالة والخيّالة بعيداً عن المنطقة الأثرية».
وتعاني منطقة الأهرامات من تدهور بسبب الباعة الجائلين والخيالة والجمالة، وعلى مدار سنوات حاول القائمون على الآثار تطويرها، حيث بدأ تنفيذ مشروع للتطوير في عام 2009 في عهد فاروق حسني، وزير الثقافة في ذلك الوقت، بتكلفة إجمالية بلغت 150 مليون جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 18.6 جنيه مصري)، لكن المشروع لم يكتمل، ثم أعلنت وزارة السياحة والآثار عن بدء مشروع جديد للتطوير عام 2018، بتكلفة تقدر بنحو 400 مليون جنيه، أعلنت الوزارة الانتهاء منه هندسياً بنسبة 100 في المائة عام 2021.
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، وقّع المجلس الأعلى للآثار بروتوكولاً لتقديم وتشغيل الخدمات بمنطقة آثار الهرم مع شركة أوراسكوم، لتبدأ الشركة في وضع خطة للتطوير، تضمنت افتتاح مطعم عند سفح الأهرامات في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، مع الإعلان عن «قرب تزويد المنطقة بحافلات كهربائية لنقل السياح، من بوابات الدخول الجديدة عند طريق الفيوم، وافتتاح مشروع التطوير بحلول منتصف 2021»، وهو ما لم يحدث حتى الآن، رغم الإعلان عن بدء التشغيل التجريبي للعربات الكهربائية.
وفي منتصف العام الماضي (2021)، تم توقيع عقد تطوير والمشاركة بالإدارة لعروض الصوت والضوء والمنطقة المخصصة للعرض بمنطقة الأهرامات، بين كلٍ من شركة مصر للصوت والضوء والتنمية السياحية – إحدى شركات القابضة للسياحة والفنادق التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام – وشركة أوراسكوم للاستثمار القابضة؛ بهدف تحسين الخدمات المقدمة لزائري منطقة الأهرامات من المصريين والسائحين الأجانب، وتطوير عروض الصوت والضوء باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة مع الحفاظ على المحتوى التاريخي للعروض، بما يسهم في الترويج السياحي للمنطقة، ومع نهاية العام نفسه أعلنت وزارة السياحة الانتهاء من المرحلة الثانية من تشغيل منظومة البوابات الإلكترونية للمنطقة الأثرية بهدف تحسين تجربة السائح، فضلاً عن إحكام الرقابة على عملية بيع واستخدام التذاكر بشكل كامل، ومنع التكدس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».