الروبوتات تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة

تقدم برامج للصم وتحليلات بيانية للمعانين من عُسر القراءة

روبوت «جيبو» يتفاعل مع الأطفال المصابين بالتوحد
روبوت «جيبو» يتفاعل مع الأطفال المصابين بالتوحد
TT
20

الروبوتات تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة

روبوت «جيبو» يتفاعل مع الأطفال المصابين بالتوحد
روبوت «جيبو» يتفاعل مع الأطفال المصابين بالتوحد

تخيل معنا روبوتات تساعد في تعليم المهارات الاجتماعية للأطفال المتوحدين؛ وبرنامجا إلكترونيا للترجمة يقدم للطلاب الصم تجربة أكثر تفاعلية وانسيابية؛ وتحليلا بيانيا لتحديد الوسائل الفعالة في تعريف أولئك الذين يعانون من عسر القراءة بالمعلومات.
أدوات ذكية
تهدف هذه الأدوات المعززة بالذكاء الصناعي إلى إيجاد طرائق أفضل لرصد وتعليم ومساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات تعليمية. وقد وصل بعض هذه الأدوات إلى الصفوف المدرسية، بينما لا تزال أخرى في مرحلة البحث.
تستطيع الروبوتات الاجتماعية المصممة للتفاعل مع البشر، تعليم المهارات الاجتماعية والتعليمية للطلاب ذوي الأوضاع الخاصة كالمصابين بقصور الانتباه وفرط الحركة، واعتلالات السمع، ومتلازمة داون، والتوحد.
يعكس العدد الهائل للأطفال المصابين بطيف التوحد اليوم الحاجة الملحة لتلبية متطلبات هؤلاء الأطفال، إذ تشير أرقام مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إلى أن واحدا من كل 54 طفلا مصاب بالتوحد.
يميل هؤلاء الطلاب إلى التجاوب مع الروبوتات «بطريقة لا يتجاوبون بها مع الدمى المتحركة أو الحيوانات الأليفة أو غيرها من الوسائل التي جربناها»، كما يشرح براين سكاسيلاتي، أستاذ علوم الكومبيوتر والعلوم الإدراكية والهندسة الميكانيكية في جامعة يال.
ويرجح سكاسيلاتي أن هذا التفاعل الناجح يعود إلى كون الروبوتات تشبه البشر ولا تصدر أحكاماً. تأتي هذه الروبوتات بتصميمات متنوعة على شكل فتى صغير، وآلة مستوحاة من أفلام الخيال العلمي، ورجل ثلج فروي، وتحمل أسماء محببة كـ«كاسبار» و«ناو»، و«زينو».
أجرى سكاسيلاتي وزملاؤه أخيراً دراسة شارك فيها روبوت اسمه «جيبو» يبدو كمصباح مكتبي صغير برأس دائري يتحرك في جميع الاتجاهات، ودائرة بيضاء مضيئة وشاشة تعمل باللمس في مكان الوجه. عمل الروبوت يومياً لمدة شهر كامل مع 12 طفلاً والأشخاص المسؤولين عن العناية بهم. اعتمد «جيبو» سلوك التحديق الاجتماعي الذي يشمل مهارات كالتواصل بالعين والانتباه المشترك، وقدم التقييم والمشورة في ست ألعاب تفاعلية شغلت على شاشات.

أدوات جديدة تساعد المعانين من عسر القراءة على فهم النصوص

من جهته، قال سكاسيلاتي إن «مهمة الروبوت كانت تعديل صعوبة اللعبة بما يتناسب مع أداء الطفل. لم نرد أبداً أن نشجع الأطفال على الاستجابة للروبوت فحسب، لأن هذا الأمر لا يفيدهم بشيء. نريد أن نمكنهم من التفاعل مع الناس بشكل حقيقي»، أي أن الفكرة من استخدام الروبوت في الدراسة لم تكن حلوله مكان المعلم أو الشخص الموكل بالعناية بالطفل.
وجد الباحثون أيضاً أن الروبوتات تساعد في تحسين المهارات التعليمية والاجتماعية، ولكنهم يحتاجون للمزيد من الدراسات لمعرفة كيف يمكنهم تحقيق استمرارية هذه التغييرات وترجمتها في العالم الحقيقي.
ما هو الدور الذي يلعبه الذكاء الصناعي في هذا المجال؟ التقنية تتقدم، وكذلك البحث في كيفية تشكل الإدراك، وكيفية فهم الناس لمشاعر وأفكار بعضهم البعض، ومكونات الذكاء العاطفي. يمكن ترجمة هذه المفاهيم إلى خوارزميات تتيح للروبوت تفسير الكلام والحركات والإشارات اللفظية وغير اللفظية، بالإضافة إلى التعلم من النتائج.
تستخدم الروبوتات اليوم بشكل أساسي في الأبحاث والدراسات، إلا أن سوقاً ناشئة برزت لاستهداف الصفوف التعليمية والأفراد. منذ بداية عام 2021، تبيع شركة «لوكس إي.آي». ومقرها لوكسمبورغ، روبوت ودود الشكل اسمه «كيو.تي. روبوت» مصمم للتعامل مع الأطفال المصابين بالتوحد وللاستخدام من قبل الأهل، ويعمل حالياً باللغتين الإنجليزية والفرنسية فقط.
تقول عايدة نازاري، الشريك المؤسس لـ«بوكس إي.آي.»، أن الأطفال المصابين بالتوحد يتفاعلون يومياً مع الروبوت لمدة تتراوح بين 10 دقائق وساعة تحدد وفقاً للسن ودرجة الدعم التي يحتاجونها. باعت الشركة بضع مئات من «كيو.تي. روبوت» في الولايات المتحدة ومعظمها ذهب للعائلات. في المقابل، تشعر عائلات كثيرة أن الروبوت الاجتماعي باهظ جداً في هذه المرحلة، إذ يصل سعر «كيو.تي. روبوت» إلى 2000 دولار بالإضافة إلى اشتراك شهري بقيمة 129 دولارا في البرنامج الذي يشغله وخدمات الدعم.
يستخدم الذكاء الصناعي اليوم أيضاً بطريقة أبسط لمساعدة أولئك الذين يعيشون مع التوحد بواسطة الألعاب الإلكترونية. طورت مايثيلي كوندا، أستاذة مساعدة في علوم الكومبيوتر في جامعة فاندربيلت، بالتعاون مع زملائها لعبة فيديو اسمها «فيلم دتكتيف» ستجرب للمرة الأولى في الربيع.
تشرح كوندا أن «الكثيرين من المصابين بالتوحد يتمتعون بتفكير بصري متفوق ولكنهم يواجهون صعوبة في النشاط الاجتماعية».
تواصل سمعي بصري
بدوره، يشهد استخدام الذكاء الصناعي لتحسين الموصلية السمعية والبصرية تطوراً سريعاً وملحوظاً.
وقد عمل المعهد الفني الوطني للصم، واحد من تسع كليات في معهد روشيستر للتقنية، مع شركة مايكروسوفت لتخصيص تقنيات ومنصات بشكل يتيح لها شرح الصفوف للطلاب الصم أو الذين يعانون من مشاكل في السمع. تضم هذه الصفوف مترجمين للغة الإشارة وكتاب اختزال إلا أنها بحاجة للمزيد من المساعدة.
كشفت ويندي دانيلز، المصابة بالصمم وعضو قسم البحث في المعهد، أن مهندسي مايكروسوفت عمدوا إلى «تعليم» تقنية «مايكروسوفت ترانزليتور» (مترجم مايكروسوفت) مصطلحات خاصة تستخدم في الصفوف، بالإضافة إلى تعابير خاصة بالجامعة كأسماء بعض المباني والأشخاص بهدف تلبية أهداف المعهد.
وفي التعليم الخاص أيضاً، يستخدم الذكاء الصناعي لرصد الأنماط في كميات هائلة من البيانات لتحسين عملية تحديد الأشخاص الذين يعانون من إعاقات وتعريفها.
لنأخذ عسر القراءة على سبيل المثال: يواجه الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة صعوبات في القراءة لأنهم يعجزون عن ربط الأحرف والكلمات التي يرونها بالأصوات التي تمثلها. وكانت 47 ولاية أميركية قد فرضت عام 2020 إخضاع الطلاب لفحص عسر القراءة مع بداية مرحلة التعليم الابتدائي. ولكن المشكلة هي غياب أداة مصممة خصيصاً لإجراء هذا الفحص، فضلاً عن كثرة الأخطاء أو حتى الفشل التام في تشخيص عسر القراءة.
يشير باتريك كينيدي، باحث مساعد في مركز التعليم والتعلم التابع لجامعة أوريغون، إلى أن الأداة التقييمية الأكثر شيوعاً لتشخيص عسر القراءة هي اختبار المؤشرات الديناميكية لمهارات القراءة والكتابة المبكرة (DIBELS) ويخضع له الطلاب بين مرحلة الحضانة والصف الثالث لتقييم مهاراتهم القرائية الشاملة. يشدد كينيدي على أن هذا الاختبار لم يصمم لرصد عسر القراءة ولكنه «يستخدم لقلة الأدوات الأخرى».
يخطط الأخير وزملاؤه للتعاون مع 48 مدرسة ابتدائية في الولايات المتحدة لإخضاع 4800 طفل من الحضانة وحتى الصف الثالث لاختبار المؤشرات الديناميكية لمهارات القراءة والكتابة المبكرة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



إجابات «تشات جي بي تي» لا تهتم بالفروق الثقافية بين الشعوب

إجابات «تشات جي بي تي» لا تهتم بالفروق الثقافية بين الشعوب
TT
20

إجابات «تشات جي بي تي» لا تهتم بالفروق الثقافية بين الشعوب

إجابات «تشات جي بي تي» لا تهتم بالفروق الثقافية بين الشعوب

لا، لم تُكتب هذه المقالة باستخدام الذكاء الاصطناعي. هل تعلم كيف يُمكنك معرفة ذلك؟ لأنها تحمل لمسة شخصية (شخصيتي)، ورغم أنها تتناول الذكاء الاصطناعي، فإنها لا تبدو وكأنها من تأليف كومبيوتر، كما كتبت جينيفر ماتسون*.

دراسة جديدة حول نتائج الذكاء الاصطناعي

وهذا يقودنا إلى سبب كتابة هذه المقالة: دراسة جديدة حول الذكاء الاصطناعي.

درس باحثون من جامعة «كورنيل» الأميركية، كيف تُقدِّم نماذج الذكاء الاصطناعي التي تركز محتوياتها على المعلومات الغربية، اقتراحات كتابية لمستخدمين ذوي خلفيات ثقافية مُختلفة.

للمستخدمين الأميركيين لا الهنود

شملت الدراسة التي حملت عنوان «اقتراحات الذكاء الاصطناعي تُقدم كتابة متجانسة حسب الأنماط الغربية، وتُقلِّل من الفروق الثقافية الدقيقة»، 118 مشاركاً من الهند والولايات المتحدة. ووجدت الدراسة أنه عندما استخدم الهنود والأميركيون مساعد الذكاء الاصطناعي في الكتابة، كان ذلك غالباً على حساب الهنود في المجموعة.

إجابات أميركية لا تطابق الثقافات الأخرى

تسأل لماذا؟ على الرغم من أن الأدوات ساعدت كلتا المجموعتين على الكتابة بشكل أسرع، فإن الكُتَّاب الهنود اضطروا إلى الاستمرار في تصحيح اقتراحات الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى زيادة إنتاجية أقل.

ويعود أحد أسباب ذلك إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل «تشات جي بي تي» تم تطويرها بشكل أساسي من قبل شركات التكنولوجيا الأميركية التي تعمل بنماذج لغوية كبيرة، لا تحتوي على جميع الفروق اللغوية الدقيقة لـ85 في المائة من سكان العالم الذين يعيشون في الجنوب العالمي، ويريدون استخدام أدوات الكتابة بالذكاء الاصطناعي.

ويُعرَف الجنوب العالمي بأنه تلك البلدان التي تقع بشكل أساسي في نصف الكرة الجنوبي، وغالباً ما تعدُّ نامية أو أقل تطوراً من نظيراتها الشمالية، في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

الطعام والعطلات

طلب باحثو الدراسة من المجموعتين الكتابة عن مواضيع ثقافية، مثل الطعام والعطلات. استخدم نصفهم مساعداً للكتابة بالذكاء الاصطناعي يقدم اقتراحات الإكمال التلقائي. وأظهرت عينات الكتابة أن المشاركين الهنود احتفظوا بنسبة 25 في المائة من الاقتراحات، بينما احتفظ الأميركيون بنسبة 19 في المائة فقط. كما وجدت الدراسة أن الكُتَّاب الهنود أجروا تعديلات أكثر بكثير على تلك الاقتراحات، ما جعلها أقل فائدة.

على سبيل المثال، عندما كتب بعض الهنود عن الطعام، كان من بين الاقتراحات الشائعة البيتزا. وعندما كتبوا عن الأعياد، اقترحت أداة الذكاء الاصطناعي أعياد الميلاد.

تجانس لغوي وتنميط ثقافي غربي

باختصار، تُظهر هذه الدراسة أن الذكاء الاصطناعي ليس كما يُشاع عنه، وأنه يفيد بعض المستخدمين أكثر من غيرهم. يقول أديتيا فاشيستا، أحد مؤلفي الدراسة والأستاذ المساعد في علوم المعلومات: «هذه واحدة من الدراسات الأُوَل، إن لم تكن الأولى التي تُظهر أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة قد يؤدي إلى تنميط ثقافي وتجانس لغوي. وهنا سيبدأ الناس في الكتابة بشكل مشابه للآخرين، وهذا ليس ما نريده؛ إذ من أجمل ما في العالم هو التنوع الذي نتمتع به».

تدريب الأدوات الذكية على الجوانب الثقافية لا اللغوية

وقال دروف أغاروال -الباحث الرئيسي للدراسة، وطالب الدكتوراه في مجال علوم المعلومات- إنه على الرغم من القيمة الكبيرة التي تُضفيها التكنولوجيا على حياة الناس، فإنه «لكي تكون هذه القيمة عادلة ولكي تحقق هذه المنتجات نجاحاً في هذه الأسواق، يتعين على شركات التكنولوجيا التركيز على الجوانب الثقافية، بدلاً من الجوانب اللغوية فقط».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».