مصر مُتمسكة بـ«استكمال تطهير سيناء»

تضامن دولي وإقليمي واسع مع القاهرة

اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أمس (الرئاسة المصرية)
اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أمس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر مُتمسكة بـ«استكمال تطهير سيناء»

اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أمس (الرئاسة المصرية)
اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية أمس (الرئاسة المصرية)

غداة هجوم «إرهابي» أسفر عن سقوط 11 ضحية من قوات الجيش المصري في سيناء، قاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً عسكرياً رفيعاً بحضور كبار قادة الجيش، وجه خلاله بـ«استكمال تطهير بعض مناطق شمال سيناء من العناصر الإرهابية والتكفيرية».
وترأس السيسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي عقد أمس، حيث تناول الاجتماع «استعراض تداعيات الحادث الذي استهدف عدداً من شهداء الوطن من رجال القوات المسلحة خلال أدائهم الواجب الوطني، وكذلك الإجراءات المنفذة لملاحقة العناصر التكفيرية الهاربة والقضاء عليها».
‏‎ووجه السيسي بـ«قيام عناصر إنفاذ القانون باستكمال تطهير بعض المناطق في شمال سيناء من العناصر الإرهابية والتكفيرية، وكذلك الاستمرار في تنفيذ الإجراءات الأمنية كافة التي تسهم في القضاء على الإرهاب بكافة أشكاله».
وأظهرت صور نشرتها الرئاسة المصرية، حضور كبار قادة الجيش المصري للاجتماع، وفي مقدمتهم وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول محمد زكي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، الفريق أسامة عسكر.
ونقل بيان رئاسي مصري، أمس، عن السيسي إشادته بـ«الجهود التي تقوم بها القوات المسلحة في تجفيف منابع الإرهاب، واقتلاع جذوره من شبه جزيرة سيناء بالتعاون مع الأهالي الشرفاء، بالإضافة إلى جهودها في إنجاز المشروعات القومية العملاقة بالتعاون مع مؤسسات الدولة كافة، مشيراً إلى تقدير الشعب المصري للتضحيات التي يقدمها رجال القوات المسلحة والشرطة للحفاظ على أمن الوطن وصون مقدساته».
ووفق البيان، فإن الاجتماع ناقش كذلك عدداً من الملفات والموضوعات المتعلقة بأنشطة ومهام القوات المسلحة، وجهودها في حماية الأمن القومي المصري على كل الاتجاهات الاستراتيجية للدولة».
وجاء الهجوم الذي صدم المصريين، أول من أمس، وأسفر عن سقوط 11 ضحية من قوات الجيش، وإصابة 5 آخرين بعد فترة طويلة من تراجع حدة العمليات الإرهابية، وإعلان مسؤولين حكوميين لـ«عودة الحياة إلى طبيعتها»، فضلاً عن بدء عمليات إعمار وتنمية في شمال سيناء التي طالما عانت سابقاً من تراجع الاهتمام الرسمي بها.
وقالت القوات المسلحة المصرية إن الهجوم استهدف «إحدى نقاط رفع المياه غرب سيناء». وتواصلت ردود الأفعال الدولية والإقليمية المنددة بالهجوم والمعربة عن التضامن مع مصر لليوم الثاني على التوالي.
وأدانت الولايات المتحدة الأميركية، «الهجوم الإرهابي»، وقال نيد برايس المتحدث باسم خارجيتها إنه «على مدى عقود كانت الولايات المتحدة، ولا تزال، شريكاً قوياً لمصر في التصدي للإرهاب في المنطقة»، معرباً عن تعازي بلاده للأسر التي فقدت أبناءها الهجوم الشنيع. كما نعت السفارة الروسية في مصر ضحايا الهجوم، وقالت في بيان إن «الإرهاب لا مبرر له، ويجب القضاء عليه بالجهود المشتركة للمجتمع الدولي».
بدورها أدانت «رابطة العالم الإسلامي» الحادث، وأكّد أمينها رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، أن «هذا الاعتداء الإرهابي لن يزيد مصر إلا عزيمة وقوة على مواجهة الإرهاب واستئصاله».
وشدّد العيسى باسم الرابطة ومجامعها وهيئاتها ومجالسها العالمية على «التضامن الكامل مع مصر في حربها ضد الإرهاب، وضد كل ما يهدد أمنها واستقرارها».
كما أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الهجوم، ونقل مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة عنه أنه «أكد مجدداً دعم الجامعة العربية، وتضامنها مع مصر في مواجهتها للأعمال الإرهابية وجهودها لحفظ استقرارها وصون أمنها»، معرباً عن «مساندة الجامعة القوية للجهود المتواصلة التي تبذلها السلطات المصرية من أجل مكافحة الإرهاب واستئصال جذوره». كما طالب أبو الغيط بـ«ضرورة تكاتف المساعي الدولية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة على مختلف الأصعدة».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.