خروق الحوثيين تتصاعد وسط التزام الجيش اليمني الهدنة الأممية

TT

خروق الحوثيين تتصاعد وسط التزام الجيش اليمني الهدنة الأممية

في الوقت الذي أكد فيه قادة الجيش اليمني التزامهم بالهدنة الأممية الإنسانية في شهرها الثاني، واصلت الميليشيات الحوثية تصعيدها في مختلف الجبهات؛ مستخدمة كافة أنواع الأسلحة، بما فيها الطيران المُسيَّر والمدفعية والقناصة، وفق ما ذكرته تقارير ميدانية.
وفي حين تسود المخاوف من أن تؤدي هذه الخروق الحوثية إلى انفراط عقد «هدنة الشهرين»، قدرت مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أن خروق الميليشيات تجاوزت 3 آلاف خرق منذ سريان الهدنة في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، وسط رصد قيام الميليشيات بتكثيف الاستعدادات القتالية، ونشر مزيد من الآليات الثقيلة إلى الجبهات، مستغلة أجواء التهدئة والتزام قوات الجيش وطيران تحالف دعم الشرعية بالهدنة.
وفي أحدث تقرير للجيش اليمني، أفاد بأن الميليشيات واصلت خرق الهدنة الأممية في مختلف جبهات القتال، في ظل التزام قوات الجيش والمقاومة بها، وفقاً لتوجيهات القيادة السياسية والعسكرية التي تقضي بالوقف التام لإطلاق النار.
وأوضحت قوات الجيش الوطني في تقرير لها، أن الميليشيات الحوثية ارتكبت 126 خرقاً للهدنة خلال يومي الخميس والجمعة الماضيين: 36 خرقاً في جبهات محافظة حجة، و27 خرقاً جنوب مأرب وشمالها وغربها، و27 خرقاً في جبهات محور تعز، و24 خرقاً في محوري البرح غرب تعز، وحيس جنوب الحديدة، و11 خرقاً في جبهات الجوف، وخرق واحد في جبهة كتاف- البقع، شمال محافظة صعدة.
وبحسب التقرير، تنوّعت الخروق الحوثية بين محاولات تسلل مجاميع حوثية مسلحة إلى مواقع عسكرية لقوات الجيش، واستهداف مواقع في كافة الجبهات بالمدفعية والعيارات وبالطائرات المُسيَّرة المفخخة؛ حيث أسفرت إحدى الهجمات الجوية عن إصابة جندي من قوات الجيش في منطقة الحيمة بمحافظة تعز.
وأشار التقرير إلى استمرار الميليشيا الحوثية في استحداث مواقع عسكرية، ونشر قناصة ومدافع وعيارات وشق طرقات فرعية، إضافة إلى الدفع بتعزيزات كثيفة بينها عربات «بي إم بي» وأفراد إلى مختلف الجبهات، وبالأخص جبهات محور تعز، والدفع بمجاميع مسلحة من عناصر الميليشيات للتمركز في مرتفعات مطلة على المنفذ الذي بادرت القوات المشتركة لفتحه من طرف واحد جنوبي الحديدة، على طريق حيس- الجراحي.
في السياق نفسه، كانت قوات الجيش الوطني اليمني قد أسقطت (السبت) طائرات هجومية مُسيَّرة أطلقتها الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً، بعد اختراقها المناطق التي تسيطر عليها قوات الجيش في منطقة الملاحيط بمديرية الظاهر، غربي محافظة صعدة.
ونقلت وكالة «سبأ» عن قائد «اللواء الثالث عاصفة»، اللواء محمد العجابي، قوله: «إن وحدة الرصد والاستطلاع في (اللواء الثالث عاصفة) رصدت تحليق طائرات هجومية مُسيَّرة حوثية فوق مواقع الجيش الوطني، في جبال كلح الكرس وجبال المدافن».
وأوضح اللواء العجابي أن وحدة الرصد والاستطلاع أرسلت بلاغاً فورياً لاختراق الطائرات المُسيَّرة، لتقوم وحدة الدفاع الجوي باستهدافها وقصفها، مؤكداً أن هذه الخروق «تمثل انتهاكاً صارخاً للهدنة الأممية».
ومع التطورات السياسية الأخيرة في صف القوى اليمنية المناهضة للميليشيات الحوثية، خصوصاً بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وعودة كافة قيادات الدولة إلى العاصمة المؤقتة عدن، يترقب اليمنيون تحسناً في الاقتصاد والخدمات وإصلاح المؤسسات وتوحيد الأجهزة الأمنية والقوات العسكرية، وهي الخطوات التي ترى فيها الميليشيات الحوثية تهديداً وشيكاً لها، خصوصاً مع تعهد المجلس القيادي باستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب سلماً أو حرباً.
في هذا السياق، قال وزير الإعلام اليمني، إن الميليشيات الحوثية «كثفت من نشر الإشاعات والأكاذيب عبر وسائلها الإعلامية والمواقع الصفراء التابعة لها، في محاولة بائسة لخلط الأوراق، وخلق الفتنة بين المكونات السياسية والوطنية، بعد التئامها التاريخي في المشاورات اليمنية- اليمنية بالرياض، وتحت سقف مجلس القيادة الرئاسي»‏.
ووصف معمر الإرياني، في تصريحات رسمية، ممارسات الحوثيين بأنها «تؤكد حجم القلق الذي ينتاب الميليشيات من طي اليمنيين لصفحة الماضي، ولم شملهم، وتوحيد كلمتهم وموقفهم في مواجهة الانقلاب، واستعادة مؤسسات الدولة، والتصدي للمشروع التوسعي الإيراني الذي يستهدف هويتهم الوطنية والعربية»‏.
وحذر الوزير اليمني من التعامل مع ما وصفه بـ«الأكاذيب والإشاعات الرخيصة»، مجدداً الدعوة لكافة الوسائل الإعلامية والصحافيين والإعلاميين والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي «لاستقاء الأخبار من مصادرها الرسمية، وعدم الانجرار خلف الدعايات والأراجيف التي تنشرها مواقع وصفحات الميليشيا الحوثية»؛ وفق قوله.
على صعيد منفصل، أعلن مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، «مسام»، الخاص بتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، أنه تمكن خلال الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار) 2022 من انتزاع 998 لغماً زرعتها الميليشيا الحوثية في مختلف مناطق اليمن.
وأوضح المشروع في بيان رسمي، أن من بين الألغام المنزوعة 677 لغماً مضاداً للدبابات، و321 ذخيرة غير متفجرة، ليصبح عدد الألغام المنزوعة منذ بداية المشروع 336 ألفاً، و891 لغماً زرعتها الميليشيا الحوثية بعشوائية في الأرجاء اليمنية، لحصد مزيد من الضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.