«المتروبوليتان» الأميركية تهدي مصر بثاً مباشراً لأوبرا توراندوت

إدارتها كرّمت إيناس عبد الدايم لـ«دورها في إثراء الحياة الفنية»

«المتروبوليتان» الأميركية تهدي مصر بثاً مباشراً لأوبرا توراندوت
TT

«المتروبوليتان» الأميركية تهدي مصر بثاً مباشراً لأوبرا توراندوت

«المتروبوليتان» الأميركية تهدي مصر بثاً مباشراً لأوبرا توراندوت

أهدت إدارة أوبرا المتروبوليتان الأميركية، مصر، بثاً مباشراً لأوبرا توراندوت، أمس، كما كرمت إدارة المتروبوليتان إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة المصرية، وأهدتها «موسوعة مجد المتروبوليتان» تقديراً لـ«مسيرتها الإبداعية ولدورها في إثراء الحياة الفنية والثقافية في مصر، وذلك قبيل العرض الذي استقبلته دار الأوبرا المصرية.
وأعربت عبد الدايم عن امتنانها وسعادتها بهذا الإهداء والتكريم، مقدمةً الشكر لعضو مجلس إدارة وممثل أوبرا المتروبوليتان محمود عبد الله على ما قدمه لدار الأوبرا المصرية، خصوصاً دوره في استمرار بث عروض المتروبوليتان التي أضافت الكثير لدار الأوبرا المصرية. حسب وصف عبد الدايم.
وأشارت وزيرة الثقافة المصرية إلى أن هذا البروتوكول المتميز والفريد يؤكد انفتاح مصر على ثقافات العالم باعتبار مصر أول دولة عربية وأفريقية كان لها السبق في استقبال هذا البث.
بدوره قال ممثل أوبرا المتروبوليتان محمود عبد الله: «تجمعني بالفنانة إيناس عبد الدايم صداقة تمتد لأكثر من 10 سنوات من خلال دار الأوبرا المصرية، فهي مبدعة تتسم بكل صفات الحضور والقوة والمحبة تجاه الفن والإبداع»، مؤكداً استحقاقها تقدير واحترام الجميع خصوصاً إدارة أوبرا المتروبوليتان التي حرصت على تكريمها وذلك تقديراً لمسيرتها الفنية ودورها في إثراء الحياة الإبداعية في مصر»، حسب وصفه.

وكانت وزيرة الثقافة قد أعلنت استئناف استقبال البث المباشر لعروض المتروبوليتان هذا الموسم، حيث أصبحت دار الأوبرا المصرية الأولى في أفريقيا والشرق الأوسط التي تتمتع بهذا الامتياز عام 2022 بعد توقف الموسم السابق بسبب تبعات جائحة «كورونا».
وتضمن النقل المباشر من المتروبوليتان أوبرا توراندوت لبوتشينى، وهي من إخراج العالمي زيفيريللي، وقيادة الأوركسترا المايسترو ماركو أرميلياتو، وجسد شخصياتها الرئيسية ليوداميلا موناستيرسكا في دور توراندوت، وإيرمونيلا چاهو في دور ليو، ويونجهون لي في دور كلاف، وفيريوسسيو فورلانتينو، في دور تيمور.
وتدور أحداث العرض في الصين حول وقوع الأمير كالاف في غرام الأميرة توراندوت التي رهنت الزواج منه باجتيازه اختبار يتمثل في حل ثلاثة تحديات معقّدة وينجح كالاف في الاختبار لكن الأميرة تصر على رفض الزواج منه.

وتعد د. إيناس عبد الدايم أول امرأة تتقلد منصب وزير الثقافة في مصر، وهي عازفة عالمية لآلة «الفلوت»، وقد تمكنت من إحداث حراك فني كبير بدار الأوبرا المصرية منذ توليها لها عام 2013 حتى توليها الوزارة عام 2018، وفق متابعين، وبدأت مشوارها الفني بعد تخرجها في معهد الكونسرفتوار حيث عُيّنت معيدة بقسم الفلوت عام 1982 وحصلت علي الماجستير من فرنسا، ثم حصلت على الدكتوراه من المدرسة العليا للفن في باريس، وفازت عبد الدايم بجائزة الدولة التشجيعية للفنون، وجائزة الإبداع، والمركز الأول لاتحاد المعاهد الموسيقية بفرنسا كأحسن عازفة، وجائزة مهرجان كوريا الجنوبية للفنون.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».