الفلسطينيون: الموقف الأميركي ضد الاستيطان «غير كافٍ»

فلسطينيون ينقلون مصابا خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين في قرية قرب جنين بالضفة أمس (أ.ب)
فلسطينيون ينقلون مصابا خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين في قرية قرب جنين بالضفة أمس (أ.ب)
TT

الفلسطينيون: الموقف الأميركي ضد الاستيطان «غير كافٍ»

فلسطينيون ينقلون مصابا خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين في قرية قرب جنين بالضفة أمس (أ.ب)
فلسطينيون ينقلون مصابا خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين في قرية قرب جنين بالضفة أمس (أ.ب)

رحب الفلسطينيون بموقف الإدارة الأميركية المعارض للاستيطان في الضفة الغربية؛ لكنهم اعتبروه «غير كافٍ»، وطالبوا بأن يتحول إلى ضغط حقيقي لوقف كل الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الوزير حسين الشيخ، إن موقف وزارة الخارجية الأميركية الرافض للتوسع الاستيطاني وبناء وحدات استيطانية جديدة من قبل إسرائيل في الضفة الغربية، وموقف السفير الأميركي لدى إسرائيل حول هذا الموضوع، مرحب به. وأضاف: «نأمل أن يتحول هذا الموقف إلى ضغط جاد، لوقف كل الإجراءات التصعيدية الإسرائيلية التي تهدم أسس حل الدولتين».
ترحيب الشيخ، المقرب من عباس، بالموقف الأميركي، تبعه ترحيب من الخارجية الفلسطينية التي عبرت علناً بأن الموقف غير كافٍ، ولا يرتقي لمستوى جريمة الاستيطان.
وقالت الخارجية، تعقيباً على إعلان سلطات الاحتلال عن المصادقة على بناء 4 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وهدم 12 قرية في مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، والاستيلاء على 22 ألف دونم في الأغوار: «إن هذه المخططات تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولاتفاقيات جنيف، وانقلاباً على الاتفاقيات الموقعة، ما يؤجج التوتر ويقوض الثقة ويضر بحل الدولتين». واعتبرت ما يجري استخفافاً إسرائيلياً رسمياً بمواقف الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي من الاستيطان، وتخريباً إسرائيلياً ممنهجاً للجهود الإقليمية والأميركية المبذولة لتحقيق التهدئة.
وحمّلت وزارة الخارجية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه المخططات الاستعمارية التوسعية، ونتائجها على فرص تحقيق السلام، منوهة إلى أنها ترتقي لمستوى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولي.
وكانت الخارجية الأميركية قد أعلنت رفضها لخطط إسرائيلية لتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية، واعتبرت أنها «تضر بشدة بإمكانية حل الدولتين» الذي تدعمه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقالت نائبة المتحدث باسم الخارجية الأميركية، جالينا بورتر، في إيجاز هاتفي، تعليقاً على قرار إسرائيل عقد اجتماع في 12 مايو (أيار) الجاري، بهدف دفع خطط بناء وحدات استيطانية إضافية في الضفة: «لقد كانت إدارة الرئيس بايدن واضحة بهذا الخصوص منذ البداية». وأضافت بورتر: «إننا نعارض بشدة توسيع المستوطنات الذي يؤدي إلى تفاقم التوترات وتقويض الثقة بين الطرفين» بالإشارة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين. وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أعلنت في وقت سابق أنه من المقرر أن يصادق وزير الدفاع بيني غانتس الأسبوع المقبل، على بناء حوالي 4 آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية.
وأفاد موقع «واي نت» بأن «خطط البناء ليست مخصصة فقط للكتل الاستيطانية، ولكن أيضاً لتلك التي تعتبر معزولة نسبياً، بما في ذلك مستوطنة كفار تفوح ورففاه، وفي شمال الضفة الغربية».
وجاء الإعلان في وقت تجري فيه ترتيبات لزيارة بايدن إلى المنطقة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الأميركيين حثوا تل أبيب على الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية، بما في ذلك دفع مشاريع استيطان قبل زيارة بايدن.
وحذر الفلسطينيون من خطورة القرارات الإسرائيلية. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن إعطاء الضوء الأخضر لهدم أكثر من 12 قرية فلسطينية في مسافر يطا، وتهجير أكثر من 4 آلاف مواطن فلسطيني، والاستيلاء على 22 ألف دونم من أراضي بلدة السواحرة الشرقية والنبي موسى جنوب مدينة أريحا، والمصادقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة «خطير ومدان ومرفوض»، و«يندرج في إطار نظام الفصل العنصري الذي يطبقه الاحتلال على الفلسطينيين وأراضيهم وسط صمت دولي، ما ستكون له تبعات خطيرة على الأرض، وتتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن نتائج مثل هذه القرارات». كما حذر رئيس الوزراء محمد أشتية من التبعات الخطيرة التي ستترتب على القرارات الإسرائيلية، قائلاً إنها «تشكل تهديداً للأمن والسلام في المنطقة التي تعيش في حالة توتر بسبب سياسات وممارسات الاضطهاد، والعنصرية، والتطهير العرقي، التي تنتهجها حكومة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني».
ودعا أشتية الإدارة الأميركية للتدخل العاجل لوقف تلك الانتهاكات.
كما تعهدت حركة «حماس» بمقابلة القرارات الإسرائيلية «بمزيد من الصمود والمواجهة المفتوحة والشّاملة».
وحذرت جامعة الدول العربية من تداعيات مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي على بناء 4 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وهدم 12 قرية في مسافر يطا جنوب محافظة الخليل.
وحذرت الأمانة العامة للجامعة العربية من انعكاسات تنفيذ تلك المشاريع الإسرائيلية المرفوضة والمدانة على الأمن والاستقرار الدولي، والتي تندرج في سياق العدوان الإسرائيلي المستمر والمتصاعد ضد الشعب الفلسطيني كجرائم تطهير عرقي.
وأكدت أن هذه المخططات تجسد أفظع معاني التمييز والفصل العنصري، وتضاف إلى سلسلة طويلة من الجرائم التي تتواصل في ظل الصمت الدولي الذي شجع الاحتلال الإسرائيلي على التمادي في ارتكاب جرائمه دون وازع أو رادع، الأمر الذي يستدعي وجوب الملاحقة القانونية والمساءلة القضائية.
واعتبرت هذه المخططات الاستيطانية بمثابة جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وفق أحكام القانون الدولي.
كما شددت على ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والعمل على إنهاء الاحتلال.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.