أوكرانيا بين «الأبد» والتصعيد

أوكرانيا بين «الأبد» والتصعيد
TT

أوكرانيا بين «الأبد» والتصعيد

أوكرانيا بين «الأبد» والتصعيد

في زعم أندريه تورتشاك، أحد قادة حزب «روسيا المتحدة»، الذي يقوده الرئيس فلاديمير بوتين، أنه «لا عودة إلى الوراء» في مناطق الجنوب والشرق الأوكرانيين وأن مدينة خيرسون، على سبيل المثال، ستبقى ضمن روسيا «إلى الأبد». في الوقت ذاته، تجري عملية واسعة لإعادة هيكلة الجيش الأوكراني وبنائه على نحو يتيح له التحول إلى قوة هجومية قادرة على استعادة كامل الأراضي الأوكرانية «التي تحتلها روسيا» وفق ما أعلن الرئيس فلاديمير زيلينسكي.
مشروعا موسكو وكييف للمستقبل، على طرفي النقيض، على ما هو واضح: بقاء مؤبد في الشرق والجنوب، ناهيك عن شبه جزيرة القرم التي كان وزير الخارجية سيرغي لافروف قد صرح مرات عدة أنها «خارج النقاش». مقابل تحرير كامل بالقوة المسلحة التي سيحوزها الجيش الأوكراني.
في قراءة أولية، يبدو المشروعان وكأنهما ورقتا الحد الأقصى لجلسة افتتاحية في المفاوضات. يقدم كل من الطرفين أقصى مطالبه من دون أن يسفر عن نقاط الضعف التي تعتور قدراته على تحويل دعاويه إلى وقائع دائمة. غالباً ما تنطوي المطالب الافتتاحية القصوى على ملامح استفزازية مقصودة. ولن يكون مستغرباً إذا تبين أن «الأبد»، الذي تحدث عنه تورتشاك يرمي إلى إظهار عجز الجانب الأوكراني عن استرجاع خيرسون التي احتلتها القوات الروسية في الأيام الأولى من الحرب والتي لا تبعد كثيراً عن ميكولاييف (نيكولاييف باللفظ الروسي) الواقفة في طريق التقدم الروسي إلى المرفأ الأوكراني الأهم في أوديسا.
وثمة أنباء عن عزم الروس الدعوة إلى استفتاء في خيرسون وفي عدد من النواحي التي سيطرت روسيا عليها من أجل الالتحاق بروسيا على غرار ما جرى في القرم في مارس (آذار) 2014 بعد أسابيع قليلة من دخول القوات الروسية إليها. تنفي المصادر الروسية هذه الأنباء في حين تفرض السلطات الروسية التعامل بالروبل بدلاً من العملة الأوكرانية وتُنشئ محطة تلفزيونية موالية لموسكو وتعين مؤيدين لها لإدارة المدينة.
إذا صح المشروع الروسي، تكون «الجمهوريتان الشعبيتان» في لوهانسك ودونيتسك اللتين أعلنهما الناطقون الروسية في المنطقتين المتاخمتين للحدود مع روسيا، هما ما تخطط له موسكو في أوكرانيا. وهو ما لن تقبل به لا كييف ولا الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة.
في المقابل، يتطلب مشروع «التحرير الكامل» الأوكراني بناء جيش قادر على طرد القوات الروسية من مناطق شاسعة، وهذا ما لا يمكن تصوره من دون حصول الأوكرانيين على أسلحة وتقنيات وخبرات عسكرية متقدمة يستدعي الاستحواذ عليها سنوات طويلة من التدريب وأموالاً طائلة من القوى الغربية. فالقدرة الدفاعية اللافتة التي أبداها الأوكرانيون في الأسابيع الأولى من الحرب، تختلف جذرياً عن متطلبات العمليات الهجومية التي تقوم على الصدمة والكثافة النارية والدعم الجوي والقيادة العملانية المشتركة، وهو ما لم يجرِ اختباره في الأركان الأوكرانية بعد. يضاف إلى ذلك أن شن الأوكرانيين لعمليات هجومية واسعة النطاق سيجعلهم في موقف شبيه بالذي عانت منه القوات الروسية أثناء تقدمها بين 24 فبراير (شباط) والعاشر من مارس (آذار). أي أن المهاجمين سيكونون صيداً سهلاً للمدافعين الروس الذين يملكون أيضاً كميات كبيرة من الأسلحة المضادة للدروع والطائرات وستكون الظروف اللوجيستية أسهل بالنسبة إلى الروس.
الواضح إذن أن الجانبين ما زالا عالقين عند الوضع الذي فرض حرب استنزاف دموية ومكلفة وأن الهجمات والهجمات المضادة في الشرق على محوري خاركيف وإيزوم تتسم بالطابع التكتيكي الذي يسعى قادة الطرفين إلى تحديد نقاط قوة وضعف الطرف المقابل. وخير دليل على ذلك أن الأوكرانيين لم يستطيعوا خرق الحصار الروسي المفروض على مصنع «آزوفستال» لإخراج جنودهم المحاصرين هناك ولم يتمكنوا من إحداث أي اختراق كبير في الخطوط الروسية منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي مع انسحاب الروس من الشمال والشمال الشرقي الأوكرانيين. مما يعيد التذكير بأهمية هيكلة الجيش الأوكراني ليتمكن من تنفيذ العمليات الهجومية المنتظرة منه، إذا أراد «تحرير أوكرانيا بالكامل».
أما القوات الروسية فمشكلاتها لا تقل صعوبة. ذاك أنها لا تبدو قادرة على تجديد مكونها البشري ولا على تعويض خسائرها الضخمة في المدرعات، مكتفية بقصف بعيد المدى للبنى التحتية في أوديسا وضواحيها مع توجيه بعض الصواريخ إلى نواحي لفيف والطرق الموصلة إلى الحدود الرومانية. والمشكلة الروسية الأكبر تتمثل في العثور على طريقة لإنهاء الحرب مع حفظ ماء الوجه بعد الهزيمة على أبواب كييف وبعد الارتباك الهائل في الخطة السياسية التي كانت موسكو تأمل في تحقيقها في نتيجة الحرب.
المفارقة أن الوضع القائم يجعل التصعيد الكبير الرامي إلى كسر الجمود وفرض حقائق ميدانية جديدة يعادل تقريباً فرص امتداد الحرب في الزمن واستنزافها لإمكانات الجانبين اللذين سيبحثان عن حلفاء يمدونهما بالإمكانات اللازمة.



14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.