خفض تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا

في سياق أزمة على خلفية نزاع الصحراء

رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يتحدث في منتدى اقتصادي بمدينة برشلونة أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يتحدث في منتدى اقتصادي بمدينة برشلونة أمس (إ.ب.أ)
TT

خفض تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا

رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يتحدث في منتدى اقتصادي بمدينة برشلونة أمس (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز يتحدث في منتدى اقتصادي بمدينة برشلونة أمس (إ.ب.أ)

أفادت وسائل إعلام إسبانية بأن إمدادات الجزائر بالغاز لشريكها الأوروبي الكبير انخفضت بداية مايو (أيار) الحالي، مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، على خلفية تأييد مدريد موقف الرباط من نزاع الصحراء.
وأكد الموقع الإخباري المتخصص «إيكونومستا»، الخميس، أن تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز تحت البحر «ميد غاز»، الذي يربط بين البلدين مباشرة، نزل بنسبة 25 في المائة بداية الشهر الحالي، مبرزاً أن هذا المعدّل يعد الأكثر انخفاضاً خلال هذا العام.
واستند الموقع الإخباري إلى أرقام شركة «إيناغاز» المسيّرة لشبكة الطاقة في إسبانيا، التي أحصت إمدادات بـ234 غيغاوات في الساعة يومياً، مصدرها الجزائر مطلع الشهر، في مقابل 312 غيغاوات في الساعة يومياً في 14 مارس (آذار) الماضي. وفي هذا التاريخ بالتحديد، راسل رئيس الحكومة بيدرو سانشيز العاهل المغربي الملك محمد السادس، معلناً دعم إسبانيا خطة الحكم الذاتي في الصحراء، ما أثار حفيظة الجزائر التي ترفض الخطة بشدة، وهو نفس موقف حليفتها جبهة «بوليساريو».
وفي الأيام العشرة الأولى لشهر أبريل (نيسان)، حينما اجتاحت أوروبا موجة برد شديدة كانت إمدادات الجزائر بالغاز إلى إسبانيا تتراوح بين 324.2 و334.2 غيغاوات في الساعة يومياً، ما يؤكد انخفاضاً بشكل لافت قياساً إلى الكمية التي ضختها الجزائر عبر «ميدغاز» بداية مايو، حسبما أشارت إليه وسائل إعلام إسبانية. وفي السياق ذاته، زار رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الجزائر، في 11 أبريل، حيث تم الإعلان عن رفع الإمدادات إلى إيطاليا عبر الأنبوب الرابط بين البلدين، بحجم 9 مليارات متر مكعب على مدى السنوات 2023 و2024 و2025.
ولم تعلن الجزائر رسمياً عن مراجعة حصة إسبانيا من الغاز، علماً بأنها أكدت عزمها رفع الإمدادات إلى هذا البلد المتوسطي، بعد إغلاق خط أنبوب «الجزائر - المغرب العربي – أوروبا»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وألغت الحصة التي كان يحصل عليها المغرب على خلفية قطع العلاقات بين البلدين قبل 3 أشهر من ذلك. غير أن المؤسستين الجزائرية والإسبانية، المعنيتين بتسيير الشراكة في الطاقة بين البلدين، لم تحددا تاريخاً لموفد رفع الإمدادات لحد الساعة. وتعتقد مصادر جزائرية متابعة للموضوع أن السبب في ذلك يعود إلى حالة التوتر بين البلدين بسبب نزاع الصحراء.
وعوّضت إسبانيا جزءاً من الحصة التي كانت تحصل عليها من الجزائر، بكميات من الغاز الأميركي. وتشير الإحصائيات بهذا الخصوص إلى أن العرض الجزائري انخفض من 45 في المائة إلى 22 في المائة. واستبعد الموقع المتخصص «ايرنجي فويس» وقف تدفقات الغاز الجزائري إلى إسبانيا بالكامل. ورجح بأن خفضها بمثابة ضغط سياسي على مدريد لثنيها عن الموقف الذي اتخذته من ملف الصحراء الذي يسمم العلاقات بين أكبر بلدين مغاربيين. كما أنه سبب تعطيل مشروع البناء المغاربي.
واستدعت الجزائر سفيرها لدى إسبانيا بعد تغيير الأخيرة موقفها من نزاع الصحراء، بينما لم تستبعد شركة «سوناطراك» زيادة سعر الغاز المصدر إليها. ووصف الرئيس عبد المجيد تبون مواقف مدريد الداعمة لخطة الحكم الذاتي بأنها «غير مقبولة أخلاقياً ولا تاريخياً»، لكنه أكد أن الجزائر «لن تتخلّى عن تعهداتها بتزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف».
وبنهاية الشهر الماضي، قالت وزارة الطاقة الجزائرية، بنبرة حادة، إن «أي كمية من الغاز الجزائري المصدّر إلى إسبانيا، تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستُعَد إخلالاً بالالتزامات التعاقدية، وقد تفضي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان». جاء ذلك، عقب تلقي الوزير محمد عرقاب بريداً إلكترونياً من نظيرته الإسبانية، تيريزا ريبيرا، تبلغه فيه بقرار إسبانيا إجراء تدفق عكسي عبر أنبوب غاز الجزائر - المغرب العربي وأوروبا». وقد فهمت الجزائر أن غازها سترسله مدريد إلى الرباط. غير أن ريبيرا نفت سريعاً نية حكومتها منح المغرب غازاً جزائرياً، وقالت إن الإمداد المعلن عنه سيتم من الأسواق العالمية الطاقة.
على صعيد آخر، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن منظمتي «العفو الدولية» و«هيومان رايتس ووتش» استنكرتا، الجمعة، فرض «منع السفر التعسفي» من الجزائر على ثلاثة ناشطين يحملون الجنسيتين الكندية والجزائرية. وبحسب بيان مشترك للمنظمتين، منعت السلطات الجزائرية ثلاثة ناشطين على الأقلّ من العودة إلى كندا بين يناير (كانون الثاني) وأبريل 2022 و«استجوبتهم بشأن صِلاتهم بالحراك، وهو حركة احتجاج جماهيرية تطالب بتغييرات سياسية».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.