خفض تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا

أفادت وسائل إعلام إسبانية بأن إمدادات الجزائر بالغاز لشريكها الأوروبي الكبير انخفضت بداية مايو (أيار) الحالي، مقارنة بالفترة التي سبقت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، على خلفية تأييد مدريد موقف الرباط من نزاع الصحراء.
وأكد الموقع الإخباري المتخصص «إيكونومستا»، الخميس، أن تدفق الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز تحت البحر «ميد غاز»، الذي يربط بين البلدين مباشرة، نزل بنسبة 25 في المائة بداية الشهر الحالي، مبرزاً أن هذا المعدّل يعد الأكثر انخفاضاً خلال هذا العام.
واستند الموقع الإخباري إلى أرقام شركة «إيناغاز» المسيّرة لشبكة الطاقة في إسبانيا، التي أحصت إمدادات بـ234 غيغاوات في الساعة يومياً، مصدرها الجزائر مطلع الشهر، في مقابل 312 غيغاوات في الساعة يومياً في 14 مارس (آذار) الماضي. وفي هذا التاريخ بالتحديد، راسل رئيس الحكومة بيدرو سانشيز العاهل المغربي الملك محمد السادس، معلناً دعم إسبانيا خطة الحكم الذاتي في الصحراء، ما أثار حفيظة الجزائر التي ترفض الخطة بشدة، وهو نفس موقف حليفتها جبهة «بوليساريو».
وفي الأيام العشرة الأولى لشهر أبريل (نيسان)، حينما اجتاحت أوروبا موجة برد شديدة كانت إمدادات الجزائر بالغاز إلى إسبانيا تتراوح بين 324.2 و334.2 غيغاوات في الساعة يومياً، ما يؤكد انخفاضاً بشكل لافت قياساً إلى الكمية التي ضختها الجزائر عبر «ميدغاز» بداية مايو، حسبما أشارت إليه وسائل إعلام إسبانية. وفي السياق ذاته، زار رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الجزائر، في 11 أبريل، حيث تم الإعلان عن رفع الإمدادات إلى إيطاليا عبر الأنبوب الرابط بين البلدين، بحجم 9 مليارات متر مكعب على مدى السنوات 2023 و2024 و2025.
ولم تعلن الجزائر رسمياً عن مراجعة حصة إسبانيا من الغاز، علماً بأنها أكدت عزمها رفع الإمدادات إلى هذا البلد المتوسطي، بعد إغلاق خط أنبوب «الجزائر - المغرب العربي – أوروبا»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وألغت الحصة التي كان يحصل عليها المغرب على خلفية قطع العلاقات بين البلدين قبل 3 أشهر من ذلك. غير أن المؤسستين الجزائرية والإسبانية، المعنيتين بتسيير الشراكة في الطاقة بين البلدين، لم تحددا تاريخاً لموفد رفع الإمدادات لحد الساعة. وتعتقد مصادر جزائرية متابعة للموضوع أن السبب في ذلك يعود إلى حالة التوتر بين البلدين بسبب نزاع الصحراء.
وعوّضت إسبانيا جزءاً من الحصة التي كانت تحصل عليها من الجزائر، بكميات من الغاز الأميركي. وتشير الإحصائيات بهذا الخصوص إلى أن العرض الجزائري انخفض من 45 في المائة إلى 22 في المائة. واستبعد الموقع المتخصص «ايرنجي فويس» وقف تدفقات الغاز الجزائري إلى إسبانيا بالكامل. ورجح بأن خفضها بمثابة ضغط سياسي على مدريد لثنيها عن الموقف الذي اتخذته من ملف الصحراء الذي يسمم العلاقات بين أكبر بلدين مغاربيين. كما أنه سبب تعطيل مشروع البناء المغاربي.
واستدعت الجزائر سفيرها لدى إسبانيا بعد تغيير الأخيرة موقفها من نزاع الصحراء، بينما لم تستبعد شركة «سوناطراك» زيادة سعر الغاز المصدر إليها. ووصف الرئيس عبد المجيد تبون مواقف مدريد الداعمة لخطة الحكم الذاتي بأنها «غير مقبولة أخلاقياً ولا تاريخياً»، لكنه أكد أن الجزائر «لن تتخلّى عن تعهداتها بتزويد إسبانيا بالغاز مهما كانت الظروف».
وبنهاية الشهر الماضي، قالت وزارة الطاقة الجزائرية، بنبرة حادة، إن «أي كمية من الغاز الجزائري المصدّر إلى إسبانيا، تكون وجهتها غير تلك المنصوص عليها في العقود، ستُعَد إخلالاً بالالتزامات التعاقدية، وقد تفضي إلى فسخ العقد الذي يربط سوناطراك بزبائنها الإسبان». جاء ذلك، عقب تلقي الوزير محمد عرقاب بريداً إلكترونياً من نظيرته الإسبانية، تيريزا ريبيرا، تبلغه فيه بقرار إسبانيا إجراء تدفق عكسي عبر أنبوب غاز الجزائر - المغرب العربي وأوروبا». وقد فهمت الجزائر أن غازها سترسله مدريد إلى الرباط. غير أن ريبيرا نفت سريعاً نية حكومتها منح المغرب غازاً جزائرياً، وقالت إن الإمداد المعلن عنه سيتم من الأسواق العالمية الطاقة.
على صعيد آخر، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن منظمتي «العفو الدولية» و«هيومان رايتس ووتش» استنكرتا، الجمعة، فرض «منع السفر التعسفي» من الجزائر على ثلاثة ناشطين يحملون الجنسيتين الكندية والجزائرية. وبحسب بيان مشترك للمنظمتين، منعت السلطات الجزائرية ثلاثة ناشطين على الأقلّ من العودة إلى كندا بين يناير (كانون الثاني) وأبريل 2022 و«استجوبتهم بشأن صِلاتهم بالحراك، وهو حركة احتجاج جماهيرية تطالب بتغييرات سياسية».