مساجد بغداد مأوى لنازحي الأنبار.. لكن الخروج ممنوع إلا في حالات الطوارئ

نازحة أتاها المخاض على عتبة جامع ليموت جنينها في المستشفى

نازحون من الأنبار وجدوا ملاذا بمسجد في حي الغزالية ببغداد («واشنطن بوست»)
نازحون من الأنبار وجدوا ملاذا بمسجد في حي الغزالية ببغداد («واشنطن بوست»)
TT

مساجد بغداد مأوى لنازحي الأنبار.. لكن الخروج ممنوع إلا في حالات الطوارئ

نازحون من الأنبار وجدوا ملاذا بمسجد في حي الغزالية ببغداد («واشنطن بوست»)
نازحون من الأنبار وجدوا ملاذا بمسجد في حي الغزالية ببغداد («واشنطن بوست»)

كان طفلها في طريقه للخروج إلى الحياة، لكنها لم تكن قادرة على الحركة. كانت إسراء خلف حميد، النازحة البالغة من العمر 27 سنة، تجلس على عتبة مسجد يقع على أطراف العاصمة العراقية بغداد وهي تتألم من الانقباضات. وفي الداخل كانت هناك 40 أسرة هربت من القتال الذي تدور رحاه في محافظة الأنبار الواقعة في الغرب خلال الشهر الماضي وتتخذ من المسجد مأوى مؤقتا لها.
وعلى الباب الرئيسي للمسجد يوجد قفل ضخم. ولم يكن مسموحا للأسر النازحة بمغادرة تلك الأماكن إلا في حالات الطوارئ. وقالت أسرة إسراء حميد إنهم كانوا يخشون التوجه إلى المستشفى وحدهم وكانوا بانتظار وصول سيارة الإسعاف على أي حال. وقال أنور حميد، شقيق زوجها: «نحن بحاجة إلى حماية لضمان حياتنا في الطريق».
يقدم هذا المشهد في حي الغزالية لمحة عن النكبة التي يواجهها أكثر النازحين العراقيين، فقد اضطر أكثر من 100 ألف شخص إلى هجر منازلهم بعد أن حمى وطيس القتال بين القوات التابعة للحكومة وتنظيم داعش في محافظة الأنبار في أبريل (نيسان)، والاتجاه إلى بغداد ومحافظات الجنوب.
لكن الوافدين الجدد الهاربين من حمامات الدماء في الأنبار وجدوا أنفسهم في مواجهة الشك والعداء. وربط بعض المسؤولين في بغداد بين تدفق النازحين وحدوث موجة من التفجيرات بسيارات مفخخة. ويشكو النازحون من تحرش قوات الأمن والجماعات المسلحة الشيعية ذات النفوذ بهم، حيث تشعر تلك الجماعات بالقلق من أن يكون هناك علاقة تربط بين القادمين إلى بغداد وتنظيم داعش.
وطبقا لدائرة الطب العدلي في بغداد هناك زيادة في عمليات القتل التي يشتبه في وجود أسباب طائفية وراءها. وقال خالد أحمد (41 سنة)، من حي التأميم في مدينة الرمادي والذي هرب مع زوجته وأطفاله الثلاثة خلال الشهر الماضي: «ما يحدث لنا هو موت بطيء: رعب، وجوع، ولا يوجد مال ولا مأوى. إذا مكثنا هناك سيقتلنا تنظيم داعش، وإذا مكثنا هنا ستقتلنا الجماعات المسلحة».
وتم الطلب من الأسر لدى وصولهم تقديم بطاقات الهوية الخاصة بهم إلى إدارة المسجد من أجل منعهم من التجول في أنحاء بغداد، التي تنتشر بها نقاط التفتيش والتي يتم الاطلاع بها على بطاقات الهوية. وقال إمام المسجد إن تلك الإجراءات الأمنية كانت بناء على طلب الشرطة. وقال ماجد حميد، إمام مسجد الغزالية، وهو حي يسكنه الشيعة والسنة، لكن يهيمن عليه السنة، ويشتهر بأنه شهد إراقة دماء أثناء الصراع الطائفي الذي وقع بعد الغزو الأميركي عام 2003: «لا يتم السماح لهم بالخروج من أجل سلامتهم. نحن نخشى أن يتم استهدافهم لأسباب طائفية. وتشعر الأسر بالرعب من المجهول». وبمرور الوقت تم عمل ترتيبات لمغادرة إسراء حميد للمسجد، ووصلت سيارة الإسعاف، فقد كانت في حالة مخاض لأكثر من أربع ساعات. وعندما وصلت إلى المستشفى أخيرا كان وليدها قد مات داخل بطنها. لم تحمّل أسرة إسراء المسجد مسؤولية ما حدث، فقد دفع ثمن علاج المرأة في المستشفى، لكنهم قالوا إن قصتها توضح الصعوبات التي يواجهها النازحون الجدد.
وقال سكان اثنين من الأحياء ذات الأغلبية الشيعية في العاصمة، وهما حي العامل وحي البياع، إنه تم طرد الأسر النازحة التي لاذت بالحي وكذلك استهداف أماكن سكناهم بمتفجرات مصممة لإصدار صوت هائل دون وقوع إصابات، على حد قولهم. ويقول السكان إنهم يشعرون بالقلق من اختراق المسلحين المتطرفين للمدينة من خلال الاندساس بين النازحين. وما يزيد الأمور سوءا هو تبني تنظيم داعش تنفيذ التفجيرات الأخيرة.
ومكثت عائلة حميد، التي تتكون من 14 فردا، خلال أول أسبوعين لها في بغداد لدى صديق في حي الزعفرانية، وهو من الأحياء ذات الأغلبية الشيعية. ويقولون إن قوات الأمن كانت تفتش منزل صديقهم بانتظام خلال تلك الفترة، وكانت تسألهم عن تحركاتهم. وغادرت عائلة حميد بعد ما سمعت عن واقعتين تم خلالهما قتل أفراد سنة من محافظة الأنبار في مكان آخر في بغداد. وقال أنور حميد: «لم يكن بإمكاننا البقاء هناك وتعريض أسرة صديقي إلى الخطر».
بدوره، كشف سعد معن، المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، إجراء تحقيقات في 14 عملية قتل لنازحين من الأنبار على مدى الأسابيع القليلة الماضية. كما ازداد عدد الجثث مجهولة الهوية التي تصل إلى دائرة الطب العدلي، بحسب مديرها زياد علي، وهو ما يشير إلى تزايد عمليات القتل على الهوية. ورفض زياد ذكر العدد على وجه التحديد، لكنه قال إنه بدلا من استقبال جثة مجهولة الهوية يوميا تقريبًا، تزايد العدد بمقدار خمسة أمثال.
وفي الوقت الذي أدت فيه التفجيرات وعمليات القتل غير القانونية إلى تنامي التوترات، حشد الأفراد في مختلف أنحاء العاصمة من الطائفتين جهودهم من أجل مساعدة النازحين. وفي مسجد برهان الدين في حي الجامعة، قدمت مجموعة من المتطوعين الشيعة المزيد من مواد الإغاثة إلى 120 أسرة تقيم في الحي وتتمتع بحرية أكبر، لكن لا يزال عليهم طلب تصريح من أجل مغادرة مناطق إقامتهم. وكانت المروحيات تحلق فوق رؤوسهم على ارتفاع منخفض في واحد من الأيام القليلة الماضية. وقال رمزي جاسم أبو سيف، مدير المخيم: «هذا طبيعي لأسباب أمنية».

* خدمة «واشنطن بوست».
_ خاص بـ {الشرق الأوسط}



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.