في التصوير: مفكّرة فيلم غائب عن الحضور

دامين شازيل خلال تصوير «رجل أول»
دامين شازيل خلال تصوير «رجل أول»
TT

في التصوير: مفكّرة فيلم غائب عن الحضور

دامين شازيل خلال تصوير «رجل أول»
دامين شازيل خلال تصوير «رجل أول»

يعاود المخرج دامين شازيل هذا الشهر العمل على مراحل ما بعد التصوير لفيلمه الجديد «بابيلون»؛ على أمل إطلاقه في الشهر الأخير من هذا العام. لا أحد يعرف الكثير عن موضوع الفيلم. ما هو معروف أن أحداثه تقع في عشرينات القرن الماضي مع بدء انتقال السينما من مدينة ولادتها في نيويورك إلى مدينة ازدهارها هوليوود. خلال ذلك، سيستعرض الفيلم مرحلة العهدين الصامت وبداية الناطق (أي في السنوات الأخيرة من العقد الثاني) وكيف هوى النطق بمستقبل ممثلين لمعوا صامتين ولم تسعفهم أصواتهم أو أساليب أداءاتهم في الانتقال إلى العصر الجديد فتوقفوا وغابوا.
كان السيناريو جاهزاً في منتصف العام 2019 وتأخر تصويره نحو عام كامل ثم توقّف ثم بدأ من جديد في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2021. السبب ليس واحداً في كل مرحلة. ففي البداية - وبعد نجاح شازيل الكبير في فيلمه «لالالاند» (2016) بدت الطرق كلها مفتوحة وآذان رؤسائها صاغية. هذا ما مكّنه من تحقيق فيلمه الجيد الآخر First Man سنة 2018 على أن يكون «بابيلون» هو فيلم التالي له.
فوجئ شازيل بأن تلك الأبواب التي فُتحت له وتلك الآذان التي أصغت إليه لم تعد مهتمّة بفيلم يعود إلى الماضي البعيد ليتحدث عن هوليوود التي لا يذكرها ولا يتذكّرها أحد. سبب هذا الانقلاب في الموقف هو أن «رجل أول» لم يلق النجاح التجاري الذي كان يستحقّه. أو هكذا يُقال. ما يؤازر ذلك أن سقوط فيلم لريدلي سكوت أو ستيفن سبيلبرغ أو أي مخرج آخر له تجربة ناجحة في السابق، لا يعني من هزّة بسيطة. وعكة لبضعة أيام وتنتهي.
ربما لأن السيناريو مؤلّف من 180 صفحة يعني نحو 200 دقيقة على الشاشة أو نحوها. تبعاً لهذا الخاصر قام شازيل بإعادة كتابة السيناريو وتخلّص من عتاده الزائد وعرض الفيلم من جديد. الشركة الوحيدة التي قالت نعم في النهاية هي باراماونت.
بناءً على ذلك، تم التواصل مع من أرادهم المخرج لفيلمه: براد بت (في دور نجم صامت يحاول اجتياز الهوّة والاستمرار) وإيما ستون، التي كانت لعبت بطولة «لالالاند» (في دور نجمة الإغراء الصامتة كلارا بو)، لكن شيئاً حدث ما زال مجهولاً نتج منه استقالة إيما ستون من الفيلم لتحل مارغوت روبي مكانها. هذا لم يوقف توسيع رقعة الممثلين فتم الاتفاق مع الممثلة - المخرجة أوليڤيا وايلد، والممثل توبي ماغواير، والممثل إريك روبرتس، والمخرج - الممثل سبايك جونز.
كل هذا على أساس أن الفيلم سيعرض في الشهر الأول من السنة الماضية. لكن ذلك الشهر مرّ وتبعته كل الأشهر الأخرى ولم يظهر الفيلم وبل خف الحديث عن كما لو أن المشروع توقف تماماً. وفي حين أن هناك أفلاماً عديدة توقف تصويرها بسبب الوباء وفي مراحل مختلفة (خلال التصوير أو بعده أو حتى من بعد الإعلان عن مواعيد عروضها) إلا أن هناك ما ليس بعد واضحاً حول السبب الذي لم ينجز المخرج فيلمه هذا في الوقت المناسب لعرضه قبل سنة كما تم جدولته.
حين طلبت من أحد مسؤولي الوكالة الإعلامية لشركة «باراماونت» تحديد أسباب فعلية أجّلت عرض الفيلم قال «لا أستطيع إفادتك بجواب لا أمتلكه. لا أحد يعرف ما المشكلة إذا ما كانت هناك مشكلة. أغلب ظني أن الفيلم يتطلّب تصاميم إنتاجية وتاريخية عديدة وتفصيلية ربما لم تتوفر حسب الجدول الزمني الذي أعلن. لكن ما أعرفه جيداً أن الموعد الجديد في نهاية هذا العام هو الموعد الحقيقي. لا أحد يتوقع المزيد من التأجيل».
خلال هذه الفترة بالطبع شاهدنا فيلمين عن هوليوود الأمس. «ذات مرّة في هوليوود» لكونتِن تارنتينو، الذي انتقل من الورق إلى الشاشة في غضون عام وسبعة أشهر، و«مانك» لديڤيد فينشر الذي بدأ كمشروع في الوقت ذاته مع بداية «بابيلون» يوليو (تموز) 2019 وانتهى تصويره بعد انقضاء سبعة أشهر وعرض في الشهر الحادي عشر من السنة الماضية أي بعد سنة وخمسة أشهر من بداية العمل عليه.


مقالات ذات صلة

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق طاقم فيلم «سكر» على السجادة الحمراء (البحر الأحمر السينمائي)

«سكر»... فيلم للأطفال ينثر البهجة في «البحر الأحمر السينمائي»

استعراضات مبهجة وأغنيات وموسيقى حالمة، وديكورات تُعيد مشاهديها إلى أزمان متباينة، حملها الجزء الثاني من الفيلم الغنائي «سكر».

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق ‎⁨رولا دخيل الله ومصطفى شحاته خلال الحديث لـ«الشرق الأوسط»⁩

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين.

إيمان الخطاف (جدة)

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.