قال جاريد بيرنستاين عضو مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس جو بايدن إنه لا يستبعد حدوث ركود اقتصادي في المدي القريب، لكنه شدد على أن الإدارة الأميركية مجهزة للتعامل مع أي احتمالات لانكماش اقتصادي. وكرر برنشتاين تعهد الرئيس بايدن محاربة التضخم ومساعدة الاقتصاد في تحقيق انتعاش.
وحذر الاقتصادي محمد العريان من أن الاحتياطي الفيدرالي قد يواجه رياحا معاكسة مثيرا القلق من حدوث ركود اقتصادي مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتعطل الاقتصاد العالمي، مع مخاطر من سياسات إغلاق صينية جديدة بسبب كورونا وحظر نفطي محتمل من جانب الاتحاد الأوربي قد تعرقل سلاسل إمدادات الطاقة مما يضيف المزيد من المخاطر للأسواق. وأشار العريان إلى أن صانعي السياسات سيحتاجون إلى خلطة من المهارة والحظ والوقت لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد والأسواق.
وقال سوبادرا راجابا رئيس إدارة الفائدة في بنك سوستيه جنرال إن الخطوات التي أعلن عنها الفيدرالي الأميركي يوم الأربعاء تعد أكبر خطوات لتشديد السياسة النقدية منذ عقود، والهدف منها التقليل السريع من الحوافز الاقتصادية التي ساهمت في ارتفاع الأسعار لأن معدل التضخم مرتفع للغاية ويرغب الاحتياطي الفيدرالي في توفير الأدوات التي تمكنه من استعادة استقرار الأسعار.
وأبدى كريستوفر سمارت كبير رئيس معهد بارينغز للاستثمار أن هناك شعورا بالارتياح بعد هذا القرار من الاتحادي الفيدرالي وكان المستثمرون في سوق الأسهم والسندات قلقين من أن تؤدي الوتيرة التي يخطط لها الاحتياطي الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية وتقلب الأسواق التي بالفعل شهدت تذبذبا في أسعار الأسهم والسندات مؤخرا، والآن فإن هذه الخطوة ساهمت في تهدئة قلق المستثمرين وأصبح لديهم شعور أنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح وأن الاحتياطي الفيدرالي يأخذ هدف خفض التضخم على محمل الجد ويعطي الانطباع أنه لن يفاجئ المستثمرين بزيادات لاحقة في أسعار الفائدة.
وكان البنك الاحتياطي الفيدرالي قد أعلن مساء الأربعاء رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة، وهو ما يعد أكبر زيادة لسعر الفائدة منذ عام 2000. وجاء القرار بإجماع لجنة السياسات بعد اجتماعات استمرت يومين. وقال جيروم باول رئيس الاتحادي الفيدرالي إن اللجنة تتفهم المصاعب التي يسببها التضخم المرتفع وإن الفيدرالي يتحرك بسرعة لخفض تلك المعدلات. كما أعلن مسؤولو البنك خططا لتقليص محفظة الأصول البالغة 9 تريليونات دولار وهي خطوة أخرى تهدف لتشديد السياسات النقدية وخفض معدلات التضخم المرتفعة بشكل غير مسبوق. ويستهدف الاحتياطي بهذه الخطوات خفض معدل التضخم بمقدار 4 نقاط مئوية.
وستقوم الحكومة الأميركية ببيع 30 مليار دولار من سندات الخزانة و17.5 مليار دولار من الأوراق المالية كل شهر ويتضاعف مع حلول سبتمبر (أيلول) المقبل وسيؤدي ذلك إلى خفض المعروض من النقود.
ونفى باول أي خطط لزيادة أكبر بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في اجتماع محافظي البنك الفيدرالي المقبل في يونيو، مشيرا إلى أنها ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الحالي، لكنه ألمح في الوقت نفسه إلى احتمالات زيادات مستمرة، إلا أن أسواق السندات بدأت في المراهنة على احتمالات عالية لإقدام الفيدرالي على اتخاذ مثل هذه الخطوة في المستقبل وربما إلى نقاط تتراوح ما بين 0.75 إلى 1 بالمائة.
وأعلن الفيدرالي أيضا سحب بعض السيولة من النظام المالي وهي التي ساعدت في الحفاظ على أسعار الفائدة منخفضة جدا خلال العشر سنوات الماضية وهي خطوة تعني زيادة تكلفة الاقتراض بشكل عام. وأبدى بعض المحللين المخاوف من أن تحركات الاحتياطي الفيدرالي ستؤدي إلى تهدئة معدلات التضخم لكنها ستؤدي أيضا إلى إبطاء الاقتصادي الأميركي ودفعه إلى الركود.
ويقول المحللون إنه خلال الثمانين عاما الماضية لم يقم الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدل التضخم بهذا القدر الذي ينوي القيام به (بمقدار 4 نقاط مئوية) دون أن يتسبب في حالة ركود اقتصادي، لكن يعتمد مسؤولو البنك على عدة عوامل قد تساعد في خفض معدلات التضخم، منها تحسن أوضاع سلاسل التوريد، لكن الحرب في أوكرانيا والعقوبات التي فرضها الغرب على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة والسلع وهناك مخاوف من عمليات إغلاق جديدة في الصين بسبب كوفيد مما قد يؤدي لاختناقات في العرض.
من جانب آخر، فإن هناك عوامل قد تسهم في إبقاء معدلات التضخم عالية خلال الأشهر المقبلة منها اضطراب سوق العمل مع زيادة الوظائف وارتفاع الأجور وارتفاع الإيجارات، وهما مصدران للتضخم يجعلان خفض التضخم دون حدوث انكماش طريقا صعبا.
وقد تسبب الإنفاق الحكومي الواسع، وتخصيص مساعدات اقتصادية في أعقاب تفشي الوباء، في ارتفاع معدل إنفاق الأموال بشكل أسرع من قدرة الاقتصاد على توفير السلع والخدمات مع اضطراب سلاسل التوريد، لذا ارتفع معدل التضخم. وكان الاحتياطي الفيدرالي يعتقد في العام الماضي أن التضخم المرتفع سوف يتراجع من تلقاء نفسه دون تدخل في تحريك أسعار الفائدة، لكنه تراجع عن هذا الرأي في نوفمبر الماضي وسط مؤشرات على تزايد الاختلالات في سوق العمل.
وقد أثار تقرير وزارة التجارة حول انكماش الاقتصاد الأميركي خلال الربع الأول من العام الحالي كثيرا من القلق حول الثقة في الوضع الاقتصادي لكن وزيرة الخزانة الأميركية جانبن يلين أكدت على قوة الاقتصاد الأميركي رغم هذه التقديرات.
وتفاءلت الأسواق المالية بشأن قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة واتخاذ خطوات لتشديد السياسات النقدية لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، بينما تخوفت أسواق السلع وأسواق الرهن العقاري من الارتفاعات المتزايدة في أسعار الفائدة التي قد تؤدي إلى إحجام المتعاملين عن شراء منازل أو سيارات أو الحصول على قروض تجارية بعد أن شهدت أسعار المساكن والإيجارات أكبر قفزة في الأسعار منذ يونيو (حزيران) الماضي.
وافتتحت سوق الأسهم الأميركية الخميس على انخفاض ضئيل بعد يوم من الارتفاعات في أعقاب قرار الفيدرالي، مع ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف التي تصدرها وزارة العمل اليوم الجمعة وتعطي مؤشرات حول توجهات سوق العمل ومدى تأثيرها على السياسة النقدية.
ودفعت أسهم النمو الخاصة بالشركات ذات القيم السوقية شديدة الارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية للتراجع عند الفتح، وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 206.89 نقطة أو 0.61 بالمائة إلى 33854.17 نقطة. وفتح المؤشر ستاندرد أند بورز 500 على انخفاض 29.74 نقطة أو 0.69 بالمائة إلى 4270.43 نقطة، فيما هبط المؤشر ناسداك المجمع 177.33 نقطة أو 1.37 بالمائة إلى 12787.52 نقطة.
البيت الأبيض لا يستبعد ركوداً... و{الفيدرالي} يواجه عواصف
صانعو السياسات يحتاجون إلى خلطة من المهارة والحظ والوقت لتحقيق الاستقرار
البيت الأبيض لا يستبعد ركوداً... و{الفيدرالي} يواجه عواصف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة