عودة اقتحامات الجنود والمستوطنين للأقصى والحرم الإبراهيمي

22 مجموعة استيطانية رددت «النشيد القومي» ورفعت علم إسرائيل

قوات الأمن الإسرائيلية تمنع الدخول من باب المجمع في المسجد الأقصى بعد صدامات مع الفلسطينيين (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تمنع الدخول من باب المجمع في المسجد الأقصى بعد صدامات مع الفلسطينيين (رويترز)
TT

عودة اقتحامات الجنود والمستوطنين للأقصى والحرم الإبراهيمي

قوات الأمن الإسرائيلية تمنع الدخول من باب المجمع في المسجد الأقصى بعد صدامات مع الفلسطينيين (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تمنع الدخول من باب المجمع في المسجد الأقصى بعد صدامات مع الفلسطينيين (رويترز)

استأنفت قوات الاحتلال عمليات اقتحام المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، أمس الخميس، وأكسبته طابعاً سياسياً أكثر من أي وقت مضى، إذ تم رفع أعلام إسرائيل وترديد النشيد القومي للدولة العبرية «هتكفا»، الذي يتحدث عن الشغف اليهودي بالقدس، وسمح لحوالي 800 مستوطن بدخول الحرم القدسي، في حين بلغ عدد المقتحمين في الخليل بضعة ألوف. وتم قمع المصلين الفلسطينيين.
وكانت الحكومة الإسرائيلية، قد أوقفت الاقتحامات للأقصى طيلة أسبوعين على أثر الهبة الفلسطينية والعربية والأجنبية ضد التنكيل بالمصلين الفلسطينيين. ولكنها أعادت، أمس، السماح بهذه الاقتحامات بأعداد كبيرة من المستوطنين بلغت 793 مستوطناً، دخلوا على 22 دفعة بحماية كبيرة من شرطة الاحتلال، القسم الأكبر منها في ساعات الصباح، والبقية بعد الظهر. وقام أحد المستوطنين بلف علم إسرائيل حول جسده وراح بعضهم يصلي والبعض الآخر ينشد النشيد القومي الإسرائيلي.
وطالب قائد شرطة الاحتلال الإسرائيلي في القدس عبر مكبرات الصوت، الفلسطينيين الذين تواجدوا في الأقصى، مغادرة ساحات الحرم. وعندما احتج الفلسطينيون على هذه المشاهد وراحوا يكبرون ويهتفون، قمعتهم الشرطة واعتدت على عدد منهم في ساحات المسجد بالدّفع والضرب والإبعاد خارج بوابات المسجد، وحاصرت الشبان في المصلى القبلي، وأطلقوا الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز صوبهم، ما أدى لوقوع إصابات عدة وتحطيم زجاج النوافذ. كما اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 50 شخصاً قرب باب المطهرة بينهم مسعفة، وأبعدت سيدة جزائرية ومسنا عن الأقصى وأخرجتهما من «باب السلسلة»، رغم أنهما يحملان جواز سفر فرنسيا.
وحاول بعض المصلين وضع حجارة وعوائق لعرقلة مسار المستوطنين، فحضرت عناصر التدخل السريع والوحدات الخاصة للشرطة والجيش في ساحات الحرم وقامت بإبعاد الفلسطينيين عن مسار اقتحامات المستوطنين وجولاتهم الاستفزازية، فيما قامت عناصر الشرطة بإزالة الأحجار التي وضعها الشبان وراحت تطاردهم.
واستنكر مدير المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عمر الكسواني، هذه الاعتداءات، وقال إن «الأقصى هو حق خالص للمسلمين لا يقبل القسمة ولا يقبل الشراكة، والتوافد اليوم رسالة بأن الأقصى للمسلمين، وطالما هناك اقتحامات سيبقى الرباط والثبات في الأقصى، الاقتحامات تمت بقوة السلاح والاحتلال، ولن تغير من واقع الأقصى ولن تعطي الشرعية للاحتلال وللمستوطنين». واتهم الكسواني حكومة إسرائيل بالسعي لفرض تقسيم زماني ومكاني للأقصى، ما بين اليهود والمسلمين. وحذر من أن الفلسطينيين يرفضون جعل الأقصى مسرحاً للانتخابات والتجاذبات السياسية في حكومة الاحتلال.
وخرجت وزارة الخارجية الفلسطينية وجميع الفصائل الفلسطينية، ببيانات تحذر فيها من مغبة الاستمرار في الاقتحامات. ففي قطاع غزة هددت حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي باستئناف القصف الصاروخي على القدس. وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، خلال تصريحات صحافيّة، إن هدفنا الراهن هو إفشال التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وشعبنا الفلسطيني قادر على ذلك». وقالت مصادر في إسرائيل إن قيادة الجيش أخذت هذه التهديدات بكل جدية ونصبت بطاريات القبة الحديدية قرب القدس وتل أبيب. يذكر أن الاقتحام الاستيطاني أمس للأقصى بلغ رقماً قياسياً.
ففي شهر أبريل (نيسان) الماضي بأكمله، سجل اقتحام 4700 مستوطن للمسجد الأقصى.
وأما في الخليل، فقد أقدم المستوطنون اليهود على تعليق أعلام إسرائيل بشكل واسع حول الحرم الإبراهيمي. وقال مدير الحرم، غسان الرجبي، إن تعليق العلم الإسرائيلي على جدران وأسطح الحرم الإبراهيمي، يشكل استمراراً لعنجهية الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولاته المستمرة لسرقة المعالم الإسلامية العربية الفلسطينية.
ومن جهتها، استنكرت بلدية الخليل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة للمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي الشريف. وأكدّ رئيس البلدية، تيسير أبو سنينة، أنّ ما أقدمت عليه قوات الاحتلال ومجموعات من المستوطنين المتطرفين، برفع العلم الإسرائيلي على سطح وأسوار الحرم الإبراهيمي بحجة الاحتفال بما يسمى «عيد الاستقلال» يعد انتهاكاً خطيراً، موضحاً أنه يأتي ضمن سياسة الاحتلال الرامية لتهويد الحرم الإبراهيمي وسرقة الإرث الإسلامي والفلسطيني وتزوير التاريخ ليتناسب مع الرواية الصهيونية، لافتاً إلى أنّ هذا الانتهاك تزامن مع منع رفع الأذان، وإقامة حفلات صاخبة للرقص والغناء داخل أروقة الحرم الشريف وساحاته الخارجية، مشدداً على أنّ هذه الانتهاكات تستفز مشاعر المسلمين وتنذر بجر المنطقة إلى حالة من التصعيد.
وطالب أبو سنينة منظمة «اليونيسكو» التي أدرجت الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة على قائمتها للتراث العالمي المهدد بالخطر، بالوقوف عند مسؤولياتها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الاحتلال الإسرائيلي، داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الانتهاكات، مهيباً بمؤسسات المجتمع المحلي وأهالي الخليل بتكثيف وجودهم في الحرم الإبراهيمي لإحباط محاولات الاحتلال في السيطرة عليه وتغيير معالمه الدينية والتاريخية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.