شيخ مشايخ مأرب لـ {الشرق الأوسط}: لن نسمح للحوثيين بتنفيذ مخططهم الخارجي

مصدر عسكري يؤكد أن المتمردين يعيدون الفارين من الجبهة بالقوة

شيخ مشايخ مأرب لـ {الشرق الأوسط}: لن نسمح للحوثيين بتنفيذ مخططهم الخارجي
TT

شيخ مشايخ مأرب لـ {الشرق الأوسط}: لن نسمح للحوثيين بتنفيذ مخططهم الخارجي

شيخ مشايخ مأرب لـ {الشرق الأوسط}: لن نسمح للحوثيين بتنفيذ مخططهم الخارجي

احتدمت المواجهات بين أبناء عشائر مأرب والمتمردين أمس، في وقت يؤكد أهالي مأرب دعمهم للشرعية. وقال الشيخ أحمد بن صالح العقيلي من مشايخ محافظة مأرب: «المواجهات كانت عنيفة، ولكنها هدأت اليومين الماضيين، لكن لا نستطيع أن نقول إن الاشتباكات مع المتمردين توقفت تماما، هي متقطعة فحسب».
وعن أفعال الحوثيين، حتى مع من ينتمون إليهم، في حالة عدم التجاوب مع طلباتهم في تعمد إيذاء السكان العزّل، قال الشيخ العقيلي: «لا نستبعد على مثل هؤلاء المتمردين مثل هذه الأفعال المشينة، فالقيم عندهم منحطة، ، وأعتذر عن مثل هذه الأوصاف، ولكن للأسف هذه حقيقة وضع مثل هؤلاء، الذين ابتلوا البلاد والعباد بأنفسهم».
وأكد مصدر عسكري أمس أن تضافر أبناء قبائل محافظة مأرب في قتالهم ضد المتمردين الحوثيين وميلشيات صالح بث الرعب والخوف في صفوف المتمردين، وأرغمهم على التراجع، والبعض منهم لجأ إلى الفرار في ظل التنسيق بين أبناء القبائل وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» الذي تحفظ عن ذكر اسمه: «الحوثيون وضعوا نقطة تجمع لهم قبل جبهة صرواح، ليست لتفتيش المواطنين العزّل وقتل من يقاومهم منهم كما جرت العادة، ولكن هذه المرة لإعادة الفارين من أنصارهم من جبهات القتال». وأضاف: «المقاومة الشعبية وترابط أبناء القبائل بدأ يزيد من حظوة تقدمهم على حساب التمرد الحوثي، وهناك من الحوثيين من يكون مرغما على تنفيذ أوامر قادته، وقد قبضنا على كثير منهم، وعندما رأى هؤلاء قوة رد أبناء مأرب وغيرهم في محافظات اليمن كونهم أصحاب حق، بدأوا في التراجع، ومنهم من فر من جبهات القتال، لكن قادتهم يعيدونهم بالقوة، حتى يظهروا أنهم ما زالوا متماسكين»، متوقعا نهاية قريبة للمتمردين ولا سيما في محافظة مأرب.
وصادق العقيلي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على ما ذكره المصدر العسكري في ما يتعلق بمنع المتمردين الحوثيين أنصارهم من الفرار من جبهات القتال، هربا من زحف أبناء قبائل مأرب تجاههم لطردهم من حدود المحافظة.
وأشار العقيلي إلى أن الحوثيين «لا يتعاملون مع الناس كبشر، كل ما يعرفونه أن لديهم مشروعا خارجيا، وهمهم الكبير أن ينفذوا هذا المشروع حتى لو على جماجم البشر كما يقال».
وعن الوضع العسكري على الأرض قال الشيخ القبلي: «الوضع يسير لتحسن، وهذا شيء حسن، خصوصا في جبهة ماس وكذلك جبهة صرواح».
وبدا الشيخ العقيلي متفائلا من طريقة القبائل في الدفاع عن مأرب، وتشكيلهم عدة أحزمة عسكرية طوقوا بها كل منطقة مما جعلهم يلتقى بعضهم ببعض ويتقاربون مع زيادة العدد فيكونون بذلك خطا بشريا عسكريا متصلا بعضه مع بعض، ويوضح: «أبناء القبائل والمقاومة يشكلون حزامات دفاعية متعددة، فمثلا المقاتلون في جبهة صرواح من كثرتهم أصبحوا يقتربون أكثر من مأرب، ليلتقوا على شكل خط واحد، وهو ما يجعل مهمة المتمرد الحوثي في الاختراق بمحافظة مأرب صعبة».
وأضاف شيخ مشايخ مأرب بتفاؤل: «مع العمل الدائر والجهد الكبير الذي يقوم به أبناء قبائل مأرب مع المقاومة الشعبية، فإن عشرة أيام، بإذن الله، ستكون كافية لإنهاء المتمردين وطردهم من مأرب». وتابع أن اليمن للجميع وسيعود كما كان وأفضل، مبينا: «بعد أن ننظف اليمن من كل الأيادي الخارجية التي تسعى لتنفيذ مشروعات طائفية في بلادنا، سيعود كل اليمنيين الأحرار إلى بلادهم».
وتعد مأرب شمال شرقي من المواقع الحيوية التي يسعى المتمردون للسيطرة عليها، خصوصا أنها تتصل بعدة مناطق استراتيجية، إذ تتصل بمحافظة الجوف من الشمال، ومحافظتي شبوة والبيضاء من الجنوب، والعاصمة صنعاء، في الوقت الذي يوجد في أراضيها بعض الصناعات من أهمها الغرانيت، والملح الصخري، والجبس، والرخام، كما أنها أول محافظة في اليمن يُكتشف فيها النفط والغاز المسال، ويقابل ذلك وجود أكبر محطة غازية لتوليد الكهرباء في اليمن.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.