بوروندي تؤكد مقتل 10 من جنودها في هجوم مسلح بالصومال

بوروندي تؤكد مقتل 10 من جنودها في هجوم مسلح بالصومال
TT

بوروندي تؤكد مقتل 10 من جنودها في هجوم مسلح بالصومال

بوروندي تؤكد مقتل 10 من جنودها في هجوم مسلح بالصومال

أعلن الجيش البوروندي أن 10 من جنوده قتلوا في هجوم شنته جماعة «الشباب» على قاعدة عسكرية لمهمة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، أول من أمس (الثلاثاء). وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن هذا الإعلان يعد تأكيداً نادراً من جانب الدول التي يشارك جنودها في محاربة التمرد في الصومال بأن جنوداً لها سقطوا ضحايا. وقد زعمت جماعة الشباب أنها قتلت 173 جندياً. وقال الكولونيل فلوربيرت بايريكي، المتحدث باسم الجيش البوروندي، في بيان له، أمس (الخميس)، في العاصمة التجارية بوجمبورا، إنه بالإضافة إلى جنود العشرة القتلى، أصيب 20 آخرون، وهناك 5 في عداد المفقودين. وتعد بوروندي، بعد أوغندا، ثاني أكبر دولة مساهمة بقوات في مهمة حفظ السلام في الصومال.
ولم تصدر السلطات الصومالية بعد حصيلة بالضحايا، ولا الاتحاد الأفريقي. واكتفى الطرفان، في بيان، بالتنديد بالهجوم الذي شن على موقع متقدم لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية (أتميس) يشرف عليه جنود بورونديون قرب بلدة سيل باراف على بعد 160 كيلومتراً شمال شرق مقديشو.
وأعلنت هيئة أركان الجيش البوروندي، في بيان عبر «تويتر»: «سقط عشرة قتلى في صفوف الكتيبة البوروندية وفقد خمسة وجرح 25». لكن مصدرين عسكريين بورونديين أفادا وكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء عن حصيلة من 45 قتيلاً ومفقوداً. وقال مصدر عسكري بوروندي لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف اسمه، إن «الحصيلة الأولية هي 45 قتيلاً أو مفقوداً من بينهم قائد كتيبة» فيما أكد مصدر ثانٍ هذه الأعداد. وفي تغريدات مختلفة نددت بعثات الأمم المتحدة ودول غربية عدة في الصومال، أول من أمس، بالهجوم الذي أعلنت «حركة الشباب» المتطرفة الموالية لتنظيم «القاعدة» مسؤوليتها عنه. وتحارب حركة الشباب الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من الأسرة الدولية.
وكتبت السفارة الأميركية: «نقف إلى جانب (أتميس) والقوى الأمنية في الصومال للتوصل إلى السلام»، في حين أكدت سفيرة المملكة المتحدة كايت فوستر «تضامنها» في إطار مكافحة الإرهاب. وندد الاتحاد الأوروبي «بقوة» بالهجوم، وأعرب عن «امتنانه العميق» للدول المشاركة في «أتميس»، «لدعمها المتواصل في مكافحة الإرهاب»، على ما قال وزير الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل».
وتضم بعثة «أتميس» نحو 20 ألف عسكري وشرطي ومدني من دول أفريقية وقد حلت رسمياً في الأول من أبريل (نيسان) مكان قوة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال (أميصوم)، بهدف إعادة الاستقرار إلى البلاد في مواجهة تمرد حركة الشباب، بحلول نهاية عام 2024.
وشن الهجوم قرابة الساعة الخامسة صباحاً (الساعة الثالثة بتوقيت غرينتش)، الثلاثاء، «بواسطة سيارات مفخخة وانتحاريين ورجال مدججين بالسلاح»، على ما أفادت هيئة أركان الجيش البوروندي متحدثة عن «معارك عنيفة» و«أضرار من الجانبين».
ويشارك الجيش البوروندي في قوة الاتحاد الأفريقي في الصومال منذ بداياتها في عام 2007 ويوفّر حالياً 4500 جندي في قوة «أتميس»، وهي تدفع الثمن غالياً في مواجهة حركة الشباب. وخسرت بوروندي الواقعة في منطقة البحيرات العظمى عشرات الجنود عام 2011 في معارك داخل مقديشو وفي محيطها. في عام 2015 أدى هجوم على قاعدة لقوة «أميصوم» يديرها عسكريون بورونديون في بلدة ليغو في جنوب غرب الصومال إلى سقوط نحو خمسين قتيلاً على ما ذكرت مصادر عسكرية غربية.
وطردت قوة «أميصوم» حركة «الشباب» من مدن البلاد الرئيسية ومنها مقديشو عام 2011، لكن المتطرفين لا يزال لهم وجود كبير في مناطق ريفية شاسعة. وفي الأشهر الأخيرة، كثّفت حركة «الشباب» هجماتها، فيما يستعد الصومال الذي يعاني من عدم استقرار مزمن، لتنظيم انتخابات رئاسية تأخر موعدها لأكثر من سنة. والأسبوع الماضي، انتخب البرلمانيون رئيسي مجلسي البرلمان ما يشكل المرحلة الأخيرة قبل انتخاب رئيس جديد من قبل النواب وأعضاء مجلس الشيوخ بموجب نظام اقتراع غير مباشر معقد.
وأول من أمس، شكّل البرلمان لجنة من 11 عضواً مكلفة بالتحضير للاقتراع بحلول منتصف مايو (أيار). وستنتهي مدة برنامج مساعدات حيوي لصندوق النقد الدولي تلقائياً عند هذا التاريخ في حال عدم انتخاب إدارة جديدة. وقال رئيس مجلس النواب الشيخ آدن محمد نور المعروف باسم الشيخ عدن مادوبي: «أمامنا مهمة هائلة كما تعرفون، وعلينا تالياً حث الخطى لانتخاب رئيس».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.