في كلمة ألقاها في الصباح الباكر، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن أوكرانيا جاهزة لتأمين وقف لإطلاق النار في ماريوبول، وهي مدينة ساحلية تسيطر عليها روسيا بعد حصار دام أسابيع، فيما وعد الجيش الروسي بوقف أنشطته في مصنع آزوفستال في المدينة أمس الخميس وفي اليومين التاليين للسماح بمغادرة المدنيين بعد ما وصفها مقاتلون أوكرانيون بأنها «معارك دامية» منعت عمليات الإجلاء في اليوم السابق. وقال دينيس بروكوبينكو، قائد فوج آزوف الأوكراني، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، إن المقاتلين الأوكرانيين داخل آزوفستال يخوضون «معارك دامية صعبة». ونفى الكرملين اقتحام القوات الروسية لمصنع آزوفستال للصلب في المدينة الساحلية بجنوب أوكرانيا حيث يتحصن مقاتلون ومدنيون أوكرانيون، وقال إن ممرات إنسانية تعمل هناك ابتداء من يوم أمس الخميس. وردا على سؤال عما قاله مسؤول أوكراني كبير إن القوات الروسية اقتحمت المجمع الذي يضم المصنع، أشار المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إلى أمر أصدره الرئيس فلاديمير بوتين سابقا بعدم اقتحام المصنع. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن «القوات المسلحة الروسية ستفتح من الثامنة صباحاً حتى السادسة مساء (بتوقيت موسكو) في 5 و6 و7 مايو (أيار)، ممراً إنسانياً من منطقة مصنع آزوفستال للصلب لإجلاء المدنيين». وأكدت أنه سيُسمح للمدنيين الذين لجأوا إلى المصنع بالتوجه إلى روسيا أو الأراضي التي تسيطر عليها كييف. وألغى بوتين خططا لشن هجوم على المصنع الشهر الماضي وطلب من وزير الدفاع محاصرته بدلا من ذلك. ويعتقد مسؤولون أوكرانيون أن زهاء 200 مدني ما زالوا محاصرين إلى جانب المقاتلين في شبكة مخابئ تحت الأرض في مجمع آزوفستال الصناعي مترامي الأطراف الذي يعود إلى الحقبة السوفياتية. ويتحصن مئات المقاتلين والمدنيين، بينهم عشرات الأطفال، في صالات تحت أرض المصنع. وأضاف زيلينسكي «الأمر ببساطة سيستغرق وقتا لإخراج الناس من هذه الأقبية ومن هذه الملاجئ تحت الأرض. وفي الظروف الراهنة لا يمكننا استخدام معدات ثقيلة لشق الطريق عبر الحطام. علينا تنفيذ كل هذا يدويا». وأعلن زيلينسكي إجلاء أكثر من 300 شخص من ماريوبول الأربعاء، وذلك بعيد مطالبته الأمم المتحدة بالمساعدة في «إنقاذ» الجرحى المحاصرين في المصنع. وفي خطابه المسائي المعتاد، قال زيلينسكي الأربعاء إنه تم إجلاء 344 شخصاً من ماريوبول والمناطق المجاورة وتوجهوا إلى مدينة زابوريجيا التي تسيطر عليها كييف. من جانبها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان إنها «مرتاحة لإنقاذ المزيد من الأرواح»، ودعت إلى بذل مزيد من الجهود لمواصلة عمليات الإجلاء من المنطقة «في ضوء المعاناة الهائلة للمدنيين». وكان قد دعا الرئيس الأوكراني الأربعاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى المساعدة في «إنقاذ» الجرحى في الموقع في آزوفستال. وقال زيلينسكي خلال اتصال هاتفي مع غوتيريش إن «حياة الأشخاص الذين بقوا هناك في خطر، الكل يهموننا، نطلب مساعدتكم لإنقاذهم»، وفق ما نقل عنه مكتب الرئاسة. ودعا الأمم المتحدة إلى «المساعدة في إخراج جميع الجرحى من آزوفستال». وقالت نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريتشوك عبر تلغرام إنه تم إجلاء 334 شخصا من المنطقة الأربعاء. وأضافت «أنه نصر صغير آخر لنا». والأحد شاركت الأمم المتحدة في تنظيم إجلاء نحو 100 مدني كانوا محاصرين في آزوفستال مع المقاتلين الأوكرانيين الذين يدافعون عن جيب المقاومة الأخير في المدينة الساحلية الاستراتيجية التي باتت القوات الروسية تسيطر عليها بالكامل تقريبا. وفي محادثته مع غوتيريش، قال زيلينسكي إن عمليات الإجلاء هذا الأسبوع أظهرت للعالم «أن المنظمات الدولية يمكن أن تكون فعالة». كما أعرب عن «أمله في استمرار نجاح عملية الإجلاء الجارية».
بعض الذين تم إجلاؤهم من ماريوبول إلى زابوريجيا التي تسيطر عليها كييف (أ.ب)
وبعد فشل روسيا في السيطرة على العاصمة كييف في الأسابيع الأولى من الحرب التي أودت بحياة الآلاف ودمرت المدن، كثفت روسيا هجماتها على شرق وجنوب أوكرانيا بما في ذلك مصنع آزوفستال في ماريوبول. وتؤكد المقاومة الأوكرانية في المصنع إخفاق روسيا في السيطرة على المدن الكبرى في الحرب التي وحدت القوى الغربية في تسليح كييف ومعاقبة موسكو بفرض عقوبات. وماريوبول مهمة لروسيا من أجل عزل أوكرانيا عن البحر الأسود المهم لصادرات القمح والمعادن، وكذلك لربط الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في شرق البلاد بشبه جزيرة القرم التي استولت عليها موسكو في عام 2014، وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الأوكراني إن الهجوم على المجمع شمل دعما جويا، ويبدو أن الصور التي نشرها مقاتلون مدعومون من روسيا تظهر الدخان والنيران التي تحيط به. وقالت لـ«رويترز» تيتيانا تروتساك، وهي امرأة تم إجلاؤها من آزوفستال بين عشرات الذين وصلوا إلى بلدة تسيطر عليها أوكرانيا هذا الأسبوع: «نسأل الرب ألا يسقط مزيد من القذائف قرب المخابئ التي فيها مدنيون»، واصفة سيرها الذي استمر ساعتين ونصف الساعة لعبور مسافة قصيرة تتناثر عليها الأنقاض بالمصنع.
قائد القوات الروسية للمنطقة العسكرية الجنوبية في مركز العمليات في مدينة ماريوبول (رويترز)
وأجلت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر مئات الأشخاص من ماريوبول ومناطق أخرى هذا الأسبوع. وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إنه لم يكن أحد من آزوفستال بين أكثر من 300 مدني تم إجلاؤهم أمس الأربعاء من ماريوبول ومناطق أخرى في جنوب أوكرانيا. وأضاف ينس لاركيه، المتحدث باسم المكتب، في رسالة بالبريد الإلكتروني «إننا على استعداد لمساعدة» أي مدنيين محاصرين.