«سينماكون» واثق من عودة الجمهور العريض إلى الصالات الكبيرة

ناتو آخَر عرض آخِر عجائب هوليوود الجديدة

فيلم «أفاتار»
فيلم «أفاتار»
TT

«سينماكون» واثق من عودة الجمهور العريض إلى الصالات الكبيرة

فيلم «أفاتار»
فيلم «أفاتار»

هناك «ناتو» آخر غير الذي ينشر الإعلام أخباره كل يوم. «ناتو» لا يؤمن بالحرب، ولا يهيمن عليه العسكر، ولا يملك إلا طائرات مدنية خاصة لمن يستطيع أن يشتري. «الناتو» هذا، هو «الجمعية الوطنية لمالكي الصالات» (The National Association of Theatre Owners)، التي انتهت مع نهاية الشهر الماضي من دورتها الحادية عشرة.

- بحث في وضع سائد
«سينماكون» هو المؤتمر السنوي الذي تقيمه هذه الجمعية في أواخر شهر أبريل (نيسان) من كل عام. هو ليس مهرجاناً لعرض الأفلام، بل مؤتمر تلتقي فيه الشركات المؤسسة لهذا «الناتو» لعرض الجديد في جعبتها، وطرح بعض الأفلام التي انتهى تصويرها، والكثير من المقدّمات الإعلانية (تريلرز) لكل ما هو آت. نستطيع أن نقول عنه إنه احتفال كبير يُقصد منه الترويج للبضاعة السينمائية المُنتجة المنوي طرحها في الأسواق خلال الأشهر المقبلة.
خلال هذه الأيام المعدودة (21 - 25) تُلقى الخطب لجمهور من السينمائيين ورؤساء الشركات ومديري استوديوهاتها وجمهور الإعلاميين المدعوّين للاشتراك بالمهرجان. بعض تلك الخطب مثير بحد ذاته كتلك التي ألقتها لورا هولغايل، في اليوم الأول، حول وضع صالات السينما في أوروبا وذكرت فيها أنه كان آيلاً للتقدم لولا الأحداث السياسية الأخيرة في أوروبا واضطراب الأسواق الاقتصادية.
الحال ليس أفضل بكثير في الولايات المتحدة نفسها. الأنباء الأخيرة تُفيد بأن إيرادات شهر أبريل، وصلت إلى أقل مستوى لها منذ سنوات عدة. الأفلام التي احتشدت للعرض في الأسابيع الأخيرة، مثل «Sonic the Hedgehog 2» و«Fantastic Beasts 3»، وقبلهما «Morbius»، لم تنجز ما كان مأمولا لها أن تنجزه. أفضلها وقعاً كان «سونيك ذا هدجهوغ» الذي جمع داخل أميركا وكندا 160 مليون دولار، أي أقل بكثير مما طمحت له الشركة المنتجة (باراماونت).
هذا الوضع بُحث في اليوم التالي في ندوة حملت عنواناً يفي بمضمونه، (Blockbuster or Bust‪?‬)، الذي قيم خلاله الوضع الناتج حالياً عن انصراف الاستديوهات الكبرى لتخصيص فئة واحدة من فئات المشاهدين بأفلام الأكشن والسوبرهيرو. ستيف نيبس، رئيس شركة الصالات البريطانية (VUE)، كان واضحاً عندما قال: «اللعبة لا يمكن أن تستمر على هذا النحو لأنها ستصل إلى نهاية يتوقف عندها الجمهور عن قبول هذا النوع من الأفلام وربما هذه النهاية هي أقرب مما نعتقد».
وافقه على ذلك مارتن موسكوفيتز (منتج ورئيس شركة «كونستاتين» الأوروبية المنشأ) وأضاف: «لا بد من تشجيع التوجه إلى كل فئات المشاهدين والاهتمام بأولئك الذين لا يكترثون لمثل هذه الأفلام. أعتقد أن أعدادهم أكبر بكثير من أعداد جمهور الأفلام المنتشرة حالياً ولا يمكن تجاهلهم».
قاد كل هذا للحديث في اليوم الثالث عن وضع العروض المنزلية وتأثيرها على صالات السينما الأميركية خصوصاً. لا أحد نفى هنا التأثير الكبير الذي تفرضه منصّات الأفلام المنزلية، لكن لا أحد يعتقد أنه سيكون بالحجم الكبير.
المخرج دنيس فلنييف، استغل ندوة أُقيمت معه للحديث عن تجربته في فيلمه الأخير «Dune»، (باشر المخرج وفريقة تصوير الجزء الثاني الذي سيُعرض في العام المقبل)، ليقول إنه لا يزال، وعدد كبير من الزملاء، يؤمنون بأن السينما لا يمكن لها أن تتحوّل من «الوايد سكرين» و«آيماكس» إلى أي شاشة عرض منزلية. وفي هذا الصدد قال: «إلى جانب أن روّاد صالات السينما يشكّلون المجتمع المثالي لفنيي السينما والترفيه، فإن تقنيات العرض المستخدمة التي تطوّرت في السنوات العشرين الأخيرة لا تترك مجالاً للمقارنة. إنه ليس حجم الشاشة فقط بل تقنيات العرض أيضاً».
في هذا السياق ليس هناك ما يمكن إضافته. صالات السينما حول العالم مجهزة اليوم، بما يضمن حضور وتجسيد التفاصيل الدقيقة على نحو لم يكن متوفراً من قبل. تكفي الإشارة هنا، إلى أن صالات اليوم الكبرى، تستخدم دقائق الترشيح المعروفة بالـ«روزوليوشن»، التي لا يمكن لأي وسيلة عرض بلوغها.
إلى ذلك، كشفت شركة «AMC»، (تملك 7850 صالة سينما في الولايات المتحدة وكندا)، عن أنها تعاقدت مع مؤسسة «Cinionic» الإلكترونية لتجهيز 3500 من صالات الشركة، بآلات عرض تعمل على اللايزر ما سيزيد من قدرة صالاتها على توفير أعلى ما يمكن من نصاعة بصرية.

فيلم «ذا فلاش»

- الذهول مفتاح هوليوود
هذا ليس أكثر من جزء من الحفل يتوغل في بحث ما يحدث بصناعة الفيلم وصناعة عروضه والاتفاقيات الجارية أو الصفقات الكبيرة التي تمّت أو ستتم بين شركات الصالات وسواها. هذا ما يدلف بنا إلى نبأ جديد حول اتفاق فريد وُقّع في مطلع هذا العام بين الحكومة الفرنسية من جهة، ومؤسسة الصالات الفرنسية وشركات الإنتاج والتوزيع هناك، والشركات الفرنسية والأميركية العاملة في حقل التوزيع على الإنترنت، بأن تمنح الأفلام من 15 إلى 17 شهراً من العروض الصالاتية (عوض 35 شهراً كما كان الحال سابقاً) قبل انتقالها إلى عروض الديجيتال المنزلية.
هذا سيحل إشكالاً كبيراً قائماً في فرنسا، وسيضع المنافسة بين صالات السينما وشركات التوزيع المنزلي على الرف. كذلك قد يكون مدخلاً لمهرجان «كان» لعرض أفلام من إنتاج «أمازون» و«نتفليكس» بعد ممانعة طويلة بتأثير من معارضة شركات التوزيع الفرنسية.

- الجزء الأكثر إثارة
تخيّل نفسك في قاعة كبيرة تتوزع فيها الطاولات بما تحمله من ولائم تكفي لإطعام مدينة، وأمامك سلسلة من العروض الترويجية التي تعرّفك لا بالأفلام المقبلة فقط، بل بخفاياها لجانب عروض أفلام كاملة منتقاة لإضفاء جو حميم بين المشاهدين والسينما، حتى ولو كان كل المشاهدين من ذوي الاختصاصات والمهن التي تدخل في صميم الصناعة.
ذروة هذه العروض التمهيدية تجسّدت في تريلر خاص بالأبعاد الثلاثة لفيلم جيمس كاميرون المقبل «أڤاتار 2: ذا واي أوف ووتر». هو أحد تلك الأفلام التي ستحتشد للعروض في الشهر الأخير من العام الحالي، وليس صعباً التنبؤ بأنه سيسودها نجاحاً، بل سترتفع إيراداته من الأرض وحتى كوكب باندورا حيث تقع أحداثه.
استمعت إلى المنتج جو لانداو وهو يقول في كلمة سبقت العرض: «نريد أن نتأكد من أن الجمهور لن يحصل على هذه التجربة في أي مكان آخر سوى صالات السينما».
فعلياً، لا وصف يمكن كتابته فيما شوهد من مقاطع ومشاهد. حتى تلك التي تتمحور حول نايتيري (زاو سالدانا)، و(ابن الأرض) جايك، و(سام وورثنغتون)، محاطان بتصاميم ومؤثرات فنية تبدو جديدة ومثيرة للتأمل. (تريلر جديد للعموم سيتم طرحه خلال أسبوع أو اثنين).
يجمع الفيلم بين ممثلين ظهروا في الفيلم الأول (بينهم سالدانا وورثينغتون) إلى جانب سيغوري ويفر وستيفن لاغ وجيوفاني ريبيسي مع ممثلين مشتركين للمرة الأولى من بينهم كايت ونسلت وفان ديزل.
لكن «أڤاتار 2» ليس وحده في عالم صنع العجائب هذا العام والأفلام الأخرى التي شوهدت منها دقائق متعددة (العروض التي أتاحها المؤتمر للمشتركين تراوحت من 5 دقائق إلى 22 دقيقة للفيلم الواحد) قد تختلف عن فيلم جيمس كاميرون في ساحة الخيال والإبداع، لكنها تلتقي وإياه في نسيج سينما تنشد إثارة الذهول في مجال مبتكراتها من أحداث وكيفية تحقيقها. من هذه الأفلام العرض الخاص الذي أُقيم لمشاهد من فيلم توم كروز الجديد «المهمّة: مستحيلة 8» (MI‪:‬ 8).
هنا شاهدنا كروز وهو يصارع في سبيل البقاء على قيد الحياة في مواقع عدّة: من داخل الفاتيكان إلى صحاري الإمارات العربية المتحدة ومن فنيسيا إلى لندن. الفيلم من إنتاج «باراماونت» وسيُشاهَد كاملاً (لأول مرّة) في مهرجان «كان» المقبل.


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».