تسريح عشرات «الأطفال» المسلحين في مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات

معسكر تدريبي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مدينة الحسكة (الشرق الأوسط)
معسكر تدريبي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مدينة الحسكة (الشرق الأوسط)
TT

تسريح عشرات «الأطفال» المسلحين في مناطق الإدارة الذاتية شرق الفرات

معسكر تدريبي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مدينة الحسكة (الشرق الأوسط)
معسكر تدريبي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في مدينة الحسكة (الشرق الأوسط)

أثار قرار «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» تسريح دفعات جديدة من الأطفال القصّر دون السن القانونية من الخدمة العسكرية، ردود فعل متباينة، حيث رحب بعضهم بالقرار الذي شمل حوالي 190 طفلاً، فيما اعترض آخرون على تسريح دفعات محدودة مطالبين بأن يتضمن التسريح كل من شملتهم الشكاوى والدعاوى المرفوعة والموثقة في سجلات مكاتب «حماية الطفل». وفي ظل تزايد الدعوات إلى إغلاق هذا الملف بشكل كامل، تستمر الشكاوى من حالات تجنيد الأطفال، حيث كشفت منظمات حقوقية وجهات سورية توثيق أكثر من 20 حالة منذ بداية العام الحالي ووجود أكثر من 80 شكوى.
وأصدر «مكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة» التابع للإدارة الذاتية، تقريره الشهري الذي شمل تحديثاً لإحصائيات وأرقام أنشطة وعمل مكاتب الحماية في مناطق نفوذ الإدارة شرق الفرات. وأشار التقرير إلى تسريح 189 طفلاً وتسليمهم إلى ذويهم. وفيما سجّل مكتب مدينة الرقة إبعاد 24 حالة لأطفال من القوات العسكرية، تم تسجيل 5 حالات تحرش جنسي و8 أطفال تائهين و8 مجهولي النسب و6 حالات عنف مدرسي و7 حالات عنف أسري وحالة عمالة أطفال واحدة. أما مكتب مدينة الحسكة فرصد تسريح 63 طفلاً ووجود حالة عنف أسري واحدة. أما مكتب بلدة الطبقة بريف محافظة الرقة فسجل 4 أطفال مسرحين من الصفوف العسكرية. وسجّل مكتب بلدة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي تسريح 31 طفلاً في الصفوف العسكرية و11 طفلاً مجهول النسب و51 حالة عمالة أطفال.
وفي مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، سجل المكتب تسريح 27 طفلاً من الصفوف العسكرية، وحالة تحرش جنسي واحدة و393 حالة عمالة أطفال، بينما وثق مكتب بلدة تل أبيض بريف الرقة حالة تحرش جنسي واحدة بالإضافة إلى تسريح طفل واحد من القوات العسكرية. وسجل مكتب بلدة منبج بريف حلب الشرقي 18 طفلاً مُسرّحين من الصفوف العسكرية، وبريف حلب الشمالي سجل مكتب عفرين والشهباء 63 شكوى ضد وجود أطفال في الصفوف العسكرية. أمَّا مكتب دير الزور، شرق سوريا، فقد سجل 21 طفلاً مسرحين من الصفوف العسكرية و4 حالات تحرش جنسي و3 حالات عنف أسري و6 حالات عنف مدرسي و16 حالة عمالة أطفال.
وتروي السيدة قدرية رشيد إبراهيم المتحدرة من مدينة عفرين الكردية وتقيم منذ نزوحها قبل 4 سنوات في بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي، أنها والدة مقاتل من ضحايا «وحدات حماية الشعب» الكردية، العماد العسكرية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، موضحة أن لديها اثنين من أبنائها من المقاتلين بـ«الوحدات» نفسها، فما كان من ابنها الصغير ويدعى عزيز (12 سنة) سوى أن التحق بدوره بصفوف «الوحدات الكردية». وقالت لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي عبر خدمة «واتسآب»: «أبني عزيز معروف بيننا باسم دلّو. تولّد سنة 2010 وعمره 12 عاماً فقط. خطفته منظمة (جوانن شورشكر) ولا أعرف عنه شيئاً منذ خروجه من المنزل».
وذكرت هذه الأم التي قضت أيام عيد الفطر وهي محرومة من رؤية أصغر أبنائها وباقي أخوته، أنه بتاريخ 28 مارس (آذار) الماضي، أن ابنها الصغير «اختفى أثره»، موضحة: «أثناء عودته من العمل سألته ما إذا كان جائعاً لإعداد الطعام، وبعد ساعة من اليوم نفسه اختفى. ذهبت لمقر (الأسايش) للإبلاغ عن الحالة فأنكروا معرفتهم بشيء». وتعقبت هذه السيدة الكردية أثر ابنها واتصلت مع أصدقائه في العمل وأبناء الحي الذي يسكنون فيه، وكانت صدمتها عندما عرفت، كما قالت، أن «الشبيبة الثورية» قامت بتجنيده وإرساله لإحدى القطعات العسكرية في مدينة الحسكة. وتابعت حديثها بحسرة: «شاهدت صورته وهو يرتدي الزي العسكري عند أحد أصدقائه وتأكدت حينها أنه لديهم».
من جانبه، وثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومنظمات سورية حقوقية تجنيد أكثر من 20 طفلاً قاصراً دون السن القانونية وسوقهم إلى القوات العسكرية خلال أول أربعة أشهر من العام الحالي. وقد تكون الحالات أكثر من ذلك بكثير حيث توجّه اتهامات لتنظيم «الشبيبة الثورية» التابع لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» بالمسؤولية عن تجنيد أطفال وضمهم إلى صفوف القوات المسلحة.
غير أن إحصاءات «مكتب حماية الطفل» في مناطق الإدارة الذاتية كشفت أن أكثر من 620 طفلاً سُرّحوا وأُبعدوا عن القطعات العسكرية خلال العام الماضي (2021). وبحسب القائمين على «مكتب حماية الطفل»، هناك جهود متواصلة لتسريح بقية الأطفال تجاوباً مع شكاوى الأهالي.
يذكر أن سوريا صُنفت بحسب منظمة «أنقذوا الأطفال» من بين أكثر الدول خطورة على الأطفال؛ إلى جانب أفغانستان والعراق والكونغو ونيجيريا ومالي.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.