الجزائر: التماس بتشديد العقوبة ضد وزير مقرب من عائلة بوتفليقة

وزير العدل السابق طيب لوح (وزارة العدل)
وزير العدل السابق طيب لوح (وزارة العدل)
TT

الجزائر: التماس بتشديد العقوبة ضد وزير مقرب من عائلة بوتفليقة

وزير العدل السابق طيب لوح (وزارة العدل)
وزير العدل السابق طيب لوح (وزارة العدل)

طالبت النيابة بمحكمة الاستئناف في العاصمة الجزائرية، أمس، بسجن وزير العدل السابق الطيب لوح 10 سنوات مع التنفيذ، وتغريمه بمليون دينار (ما يعادل 13 ألف دولار) في «قضية التدخل في عمل جهاز القضاء بهدف التأثير عليه»، لفائدة رجل أعمال شهير يوجد في السجن مع إخوة له متهمين بالفساد، عرفوا بقربهم الشديد من الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
وطالت نفس الالتماسات المفتش العام بوزارة العدل سابقا الطيب بن هاشم، ورجل الأعمال طارق نوح خنينف، مسير شركة كبيرة للمقاولات والأشغال العامة. علماً بأن المحكمة الابتدائية سبق أن أدانت لوح بالسجن ست سنوات مع التنفيذ، فيما حكمت على المتهمين الآخرين بالسجن 3 سنوات مع التنفيذ، وتم استئناف الحكم لاحقاً، على أن تنطق محكمة الاستئناف بأحكامها الأسبوع المقبل، بعد أن وضعت القضية في «المداولة».
وتتمثل وقائع القضية في مساعٍ قام بها رجل الأعمال الشهير لدى لوح، عندما كان وزيراً وصاحب نفوذ في الدولة، من أجل التأثير على قضاة لإصدار أحكام لصالحه، تخص مشروعات كانت محل تجاوزات قانونية. وكلّف لوح مفتشه بالوزارة الطيب بن هاشم بنقل أوامر إلى القضاة في محكمة مستغانم غرب البلاد، وبتنفيذها فوراً.
وصرّح لوح خلال محاكمته في الدرجة الأولى بأنه «ضحية» الوزير، الذي استخلفه في المنصب بلقاسم زغماتي (سفير حالياً في السويد)، واتهمه بـ«تلفيق» التهم ضده بغرض «تصفية حساب سياسي». ويعتقد لوح أن زغماتي عين وزيراً للعدل «فقط من أجل الانتقام» منه.
وأشار إلى أن «ظروف تحريك الدعوى العمومية، وإيداعي السجن كانت لدواعٍ سياسية الكل يعرفها، شعباً وقضاة ومحامين، وفي الداخل والخارج». وكان يتحدث ضمناً عن حملة اعتقالات مست العشرات من وجهاء النظام، ومسؤولين حكوميين بارزين ورجال أعمال، بعد تنحي بوتفليقة عن الحكم في الثاني من أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح، الذي تصرف بدوره تحت ضغط الحراك الشعبي، الذي اندلع لرفض ترشح الرئيس لولاية خامسة.
ونفى لوح تماماً أن يكون مارس نفوذه كوزير على القضاة لإصدار أحكام لفائدة خنينف. لكن القاضي واجهه بأدلة تثبت، حسبه، تورطه في التهمة. أما دفاع الوزير السابق فقد شدد على أن موكله «جرى استهدافه بإيعاز من رئيس أركان الجيش السابق»، وأشار في مرافعاته إلى حديث مقتضب جرى بين زغماتي والفريق صالح بثه التلفزيون، يقول فيه الضابط العسكري للوزير «يجب أن تذهب إلى النهاية»، وكان يقصد، حسب مراقبين، أنه لا بد أن تأخذ العدالة مجراها في متابعة وجهاء النظام، وأن يصمد أمام أي تأثير قد يحول دون هذا الهدف.
يشار إلى أن لوح متهم بـ«استخدام النفوذ» في قضايا أخرى شبيهة، اشترك فيها حسب لائحة الاتهامات مع سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس ومستشاره الخاص سابقاً. ويرتقب أن يفتح هذا الملف أمام القضاء قريباً. وقد برأت محكمة الاستئناف العسكرية سعيد مطلع 2021، مما يعرف بـ«تهمة التآمر على الجيش»، بعد أن أدانته بالسجن 20 سنة. وتم تحويله مباشرة إلى سجن مدني، بحكم اتهامه في قضايا فساد. وقضى لوح أكثر من 10 سنوات في حكومات بوتفليقة، ما بين وزير للعمل ووزير العدل. وكانت صلته قوية بسعيد الذي ينيب له أنه كان «يحكم من وراء ستار». كما أن لوح متهم في ملف فساد يخص وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، الذي يقع تحت طائلة مذكرة اعتقال دولية مع زوجته ونجله الأكبر، وهم يقيمون بالولايات المتحدة الأميركية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».