سكان إب اليمنية يتهمون الانقلابيين بسرقة مليارات الريالات

TT

سكان إب اليمنية يتهمون الانقلابيين بسرقة مليارات الريالات

شكا سكان في محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) من مواصلة استهدافهم من قبل حملات ابتزاز أطلقتها الميليشيات الحوثية لإجبارهم على دفع مليارات الريالات تحت ذرائع متعددة أهمها «الزكاة».
وفي الوقت الذي جددت فيه المنظمات الأممية تحذيراتها من أن الجوع بات يتزايد بشكل يومي في اليمن، تحدثت مصادر محلية في إب عن استمرار فرق حوثية ميدانية مدعومة بمسلحين في استهداف السكان في مركز المحافظة ونحو 20 مديرية تابعة لها لإجبارهم على دفع مبالغ تحت اسم «الزكاة».
وذكرت المصادر أن الميليشيات عمدت في اليومين الماضيين إلى نشر العشرات من أتباعها بحوزتهم سندات غير رسمية على بوابات كثير من المساجد في المدينة وريفها لإجبار المصلين عقب خروجهم كل ليلة من صلاة القيام على دفع مبالغ مالية لصالح هيئة الزكاة الحوثية غير القانونية.
المصادر ذاتها أفادت لـ«الشرق الأوسط»، بأنه وعقب رفض مصلين في أحد مساجد المدينة منذ يومين ماضيين دفع الزكاة الفطر للجماعة، سارع الموالون لها بعد استدعائهم دورية حوثية إلى إغلاق بوابات المسجد عقب انتهاء صلاة القيام والسماح لمن خضع لمطالبها بدفع المال بالخروج من المسجد.
في سياق ذلك، شكا سكان بذات المحافظة من التعسفات الحوثية بحقهم والتي رافقها ممارسات قمع واعتقال وتهديد بالسجن حال رفضهم دفع مبالغ مالية.
وقدر بعضهم لـ«الشرق الأوسط»، أن مليارات الريالات تجمعها الميليشيات من المواطنين في إب سنويا من الزكاة وغيرها وتذهب جميعا إلى خزائن كبار قادتها ولصالح مجهودها الحربي.
وذكروا أن شريحة واسعة من سكان إب بينهم نازحون لا يزالون يعانون الفقر والجوع والحرمان وسط انعدام لأبسط الخدمات الضرورية، وارتفاع معدلات الجريمة، وتفشي الفساد، وتغول أتباع الجماعة.
وأفاد مواطن من إب اكتفى بالترميز لاسمه بـ(م.ع) بأن عناصر حوثيين طرقوا باب منزله الكائن بمنطقة حراثة وسط المدينة، طالبين منه دفع ما عليه وأطفاله من مبالغ زكاة حددتها هيئة الميليشيات.
وتساءل المواطن وهو أب لستة أولاد بينهم 4 إناث، ويعمل في جمع المخلفات، «كيف لي أن أدفع مبلغا يزيد على 5 آلاف ريال للهيئة الحوثية كزكاة فطر عن نفسي وأهلي وأنا لا أجد بمنزلي حتى قوت يومي».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن دخله اليومي لا يتعدى مبلغ 300 ريال (أقل من نصف دولار) يتحصل عليها كل يوم بعد رحلة شاقة في معظم شوارع وطرقات المدينة بحثا عن علب وقطع بلاستيكية فارغة ليبيعها آخر كل نهار بذلك المبلغ الزهيد الذي لا يكفي حتى لسد رمق أسرته.
وأبدى استغرابه من تلك التصرفات، وقال إن سكان إب لم يعهدوا مثلها طيلة السنوات الماضية في ظل الحكومات المتعاقبة. وقال: «من يقنع الميليشيات اليوم بأنه قبل الانقلاب واجتياح المحافظة، كان المواطن الفقير الذي لا يمتلك قوت يومه لا تجب عليه زكاة الفطر، بل هو من يستحقها لسوء حالته».
وفي ظل ما تعانيه المحافظة ذات الكثافة السكانية العالية من انهيار اقتصادي، ذكرت المصادر أن مسلسل الابتزاز الحوثي لم يستثن التجار وأصحاب المشروعات الصغيرة في إب، حيث اعتقلت الميليشيات العشرات من التجار وأودعتهم سجونها، كما توعدت آخرين بعقوبات عقب اعتراضهم على المبالغ التي فرضت عليهم لكونها مرتفعة ولا تتناسب مع حجم تجارتهم ودخلهم اليومي.
وشكا تجار وأصحاب مشاريع في إب لـ«الشرق الأوسط»، من معاودة الميليشيات إجبارهم بقوة السلاح على دفع أموال بمبرر الزكاة وغيرها دون الرجوع حتى إلى الحسابات الخاصة بهم.
واعتبروا أن هدف الجماعة يأتي للحيلولة دون وصول الصدقات التي يقدمها التجار لصالح الفقراء والمحتاجين والنازحين الذين باتت تعج بهم المحافظة وجميع مديرياتها.
وأشاروا إلى أنه لم يمض سوى أقل من أسبوع على شن الميليشيات حملة جباية سابقة بحقهم تحت تسميات عدة، يتصدرها «دعم القوة الصاروخية والطيران الحوثي المسير والمفخخ».
وتأتي حملات التعسف تلك بحق السكان في إب وغيرها من المناطق مع يعانيه ملايين اليمنيين من أوضاع معيشية صعبة يصاحبها استمرار نهب الجماعة للمرتبات وافتعالها أزمات متلاحقة ووقوفها وراء موجة غلاء حالية تضرب معظم أسواق بيع الملابس وبقية مستلزمات السكان لعيد الفطر المبارك.
وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة حذر قبل أيام من أن الجوع في اليمن، يتزايد كل يوم، وأوضح في تغريدة على «تويتر» أنه «خلال شهر رمضان تكافح العديد من العائلات للعثور على طعام الإفطار». وشدد البرنامج على أن «الوضع في اليمن لا يحتمل الانتظار».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.