احتدم النقاش السياسي في إيطاليا بسبب تصريحات وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف حول «يهودية هتلر» لإحدى قنوات التلفزيون الإيطالي الخاصة التي يملكها رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني - وتربطه صداقة وطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين – والتي تسببت بتوتر العلاقات الروسية – الإسرائيلية.
فقد استنكرت أحزاب الوسط واليسار هذه التصريحات بشدة، وحملت بيرلسكوني والقوى اليمينية المتحالفة معه مسؤولية منح موسكو منبراً للبروباغاندا الروسية، التي تستهدف شق الصفوف الأوروبية حول الحرب الدائرة في أوكرانياً.
وكان لافروف قد أدلى بحديث إلى القناة الرابعة التابعة لمجموعة «ميدياست» قال فيها: «إن كون (الرئيس الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي يهودياً لا يعني شيئاً، لأن هتلر أيضاً كان يسري في عروقه دم يهودي»، واتهم الولايات المتحدة وحلفاءها بتجاهل التحذيرات الروسية المتكررة لوقف توسيع دائرة عضوية الحلف الأطلسي.
ووصف رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي تصريحات لافروف بأنها «مشينة وبذيئة». فيما شن زعيم الحزب الديمقراطي ورئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا هجوماً عنيفاً على وسائل الإعلام التي يملكها بيرلسكوني لاستضافتها وزير الخارجية الروسي وصحافيين روساً يدافعون عن بوتين ويبررون حربه على أوكرانيا.
واتهمت الجالية اليهودية واسعة النفوذ في روما، النظام الروسي بمحاولة إعادة كتابة التاريخ على غرار ما حاول نظام ستالين بواسطة ترويجه نظرية «بروتوكولات حكماء صهيون» التي ابتدعتها مخابراته كما تقول.
وانصبت الانتقادات اللاذعة على الصحافي الذي أجرى المقابلة لعدم مقاطعته الوزير الروسي، أو الرد عليه، فيما كان لافروف يسترسل قائلاً: «إن زيلينسكي وصل إلى السلطة عن طريق انقلاب دموي وغير دستوري وشن حرباً ضد شعبه وكل الروس، وحظر استخدام اللغة الروسية في التعليم ووسائل الإعلام، وأقر قوانين تشجع على الممارسات النازية». وختم حديثه قائلاً: «إن الشعب اليهودي يقول، بحكمته، إن أشد المعادين للسامية هم أيضاً من اليهود».
ورد الصحافي جيوزيبي برينديسي الذي أجرى المقابلة مع لافروف، قائلاً إن ضميره مرتاح وليس ثمة ما يستدعي منه الاعتذار على ما فعل. وكشف أن الاتصالات التحضيرية للمقابلة تمت عن طريق المسؤولة عن الإعلام في وزارة الخارجية الروسية مارغا زاخاروفا التي كان سبق أن استضافها في برنامجه قبل أسبوعين. وقال إن لافروف اشترط الاطلاع مسبقاً على المواضيع التي ستدور عليها المقابلة، وطلب بث تصريحاته كاملة.
فيما دعت الأحزاب اليمينية إلى عدم تحميل تبعات المقابلة إلى المجموعة الإعلامية العملاقة التي يملكها بيرلسكوني، والتي كانت رافعته الأساسية في خوضه المعترك السياسي وخلال توليه رئاسة الحكومة الإيطالية أربع مرات.
ومع احتدام السجال السياسي الإيطالي حول المقابلة، أكد بيرلسكوني أمس أنه لم يكن على علم مسبق بها، وأنه لم يشاهدها لأنه كان يستضيف أشخاصاً على العشاء خلال بثها مساء الأحد الفائت.
ومن بروكسل، قال ناطق بلسان المفوضية الأوروبية إن ظهور المسؤولين والصحافيين الروس على وسائل الإعلام الروسية للدفاع عن مواقف الكرملين هو انتهاك للعقوبات المفروضة على موسكو، ويهدد وحدة الموقف الأوروبي من الحرب في أوكرانيا.
وشدد الناطق بلسان المفوضية الأوروبية على «أن حظر ظهور هؤلاء الأشخاص على وسائل الإعلام الأوروبية لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير».
وحذر مسؤولون أوروبيون في بروكسل من أن موسكو تحاول زعزعة الموقف الأوروبي الموحد عن طريق حملات تضليل إعلامي مبرمجة بدقة، وأن وسائل الإعلام يجب أن تكون واعية لهذه الاستراتيجية التي وضعتها موسكو قبل أشهر من الاجتياح الذي يقوم على جبهتين: الحرب العسكرية، والحرب الهجينة بواسطة التضليل والبروباغاندا والتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأوروبية عبر حلفائها.
في غضون ذلك، تتزايد المؤشرات على «نجاح» موسكو في اختراق وحدة الصف الأوروبية من الحرب، حيث أفيد بأن زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف في إيطاليا ماتيو سالفيني، وهو طرف في الائتلاف الحاكم حالياً، يعتزم السفر إلى موسكو برفقة خمسة أعضاء من حزبه لمقابلة الرئيس الروسي. فيما طالب زعيم «النجوم الخمس»، وهي الكتلة الأكبر في البرلمان الإيطالي، بمثول رئيس الوزراء أمام البرلمان ليعلن رفضه التصعيد العسكري في الحرب الدائرة، مشدداً على أن الأغلبية الساحقة من الإيطاليين ترفض هذا التصعيد وإرسال المزيد من الأسلحة الهجومية إلى أوكرانيا.
حملة ضد لافروف في إيطاليا بسبب كلامه عن «الدم اليهودي» لهتلر
حملة ضد لافروف في إيطاليا بسبب كلامه عن «الدم اليهودي» لهتلر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة