700 طن من الأدوية والتجهيزات نقلت من السعودية لعلاج اليمنيين بجيبوتي

القرني لـ «الشرق الأوسط»: 1300 لاجئ مصابون بطلقات نارية.. والمنظمات الطبية لم تفِ بوعدها

قوارب تنقل أطباء الإغاثة لمعالجة اليمنيين في جيبوتي («الشرق الأوسط»)، أحد الأطباء يعود أحد المرضى من لاجئي اليمن بجيبوتي («الشرق الأوسط»)
قوارب تنقل أطباء الإغاثة لمعالجة اليمنيين في جيبوتي («الشرق الأوسط»)، أحد الأطباء يعود أحد المرضى من لاجئي اليمن بجيبوتي («الشرق الأوسط»)
TT

700 طن من الأدوية والتجهيزات نقلت من السعودية لعلاج اليمنيين بجيبوتي

قوارب تنقل أطباء الإغاثة لمعالجة اليمنيين في جيبوتي («الشرق الأوسط»)، أحد الأطباء يعود أحد المرضى من لاجئي اليمن بجيبوتي («الشرق الأوسط»)
قوارب تنقل أطباء الإغاثة لمعالجة اليمنيين في جيبوتي («الشرق الأوسط»)، أحد الأطباء يعود أحد المرضى من لاجئي اليمن بجيبوتي («الشرق الأوسط»)

تلقى أكثر من 1300 من اللاجئين اليمنيين، في ميناء أبخ بجيبوتي العلاج والمعاينة على يد الهيئة العالمية لأطباء عبر القارات، حيث عولج أكثر من 47 جريحا وعدد من الحالات الصعبة والمعقدة.
وفي هذا السياق، كشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور سعد القرني، الأمين العام للهيئة العالمية لأطباء عبر القارات، التي تتخذ الرياض مقرا لها، عن خطة موضوعة لإرسال فرق من الجراحين والأطباء بشكل أسبوعي ودوري.
وتهدف الخطة، بحسب الأمين العام للهيئة العالمية لأطباء عبر القارات، التي تتخذ الرياض مقرا لها، إلى متابعة وصول الجرحى بشكل شبه يومي، خصوصا أولئك الفارين من الحرب على ظهر مراكب مهترئة وظروف صعبة وقاسية ومؤلمة.
وقال القرني: «معظم الجرحى مصابون بطلق ناري في الرأس والصدر والوجه والرقبة، ولهذا نتابع بعض الأطباء الذين سبق أن نفذنا تدريبا بشأنهم ومدهم بالأدوات والأدوية داخل عدن، لعمل الإسعافات الأولية قبل إرسالهم».
وأضاف: «نفذ إرسال المزيد من المواد الطبية والمستلزمات الطبية، بالتعاون مع الجهات المسؤولة في الدولة إلى داخل اليمن، حيث عاينا أكثر من 47 جريحا وعالجنا عددا من الحالات الصعبة والمعقدة».
ولفت القرني إلى تلقي أكثر من 1300 من اللاجئين في ميناء أبخ الجيبوتي للعلاج والمعاينة، مشيرا إلى توزيع أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والمستلزمات الصحية والنظافة.
وقال القرني: «نخطط لإرسال بعض الجرحى إلى الدول المجاورة في حال عدم تمكن المستشفيات الجيبوتية من استيعابها بسبب أوضاع إمكانات هذه المستشفيات»، مشيرا إلى أنه منذ بدء الأزمة، نفذ إمداد الداخل اليمني بأكثر من 700 طن من الأدوية والمستهلكات الطبية المنقذة للحياة لمرضى الكلى والضغط والسكري.
وضم الفريق الجراحي الأخير جراحين على مستوى عالٍ من المعرفة والتخصص، منهم جراحو وجه وفكين، جراحو صدر، عظام، طب عائلة، من أبرز العمليات إجراء 4 عمليات جراحة صدر، والحالات عبارة عن فتح صدر وتقشير الغشائين وإزالة صديد مع إصلاح الرئة.
وأجريت عدة عمليات في الساق والأرجل لعدد من المصابين اليمنيين، بجانب عمليات جراحية للوجه والفكين لأحد المصابين، نظرا لتأثرها بالطلقات النارية، حيث يتلقى كل من مستشفى «بلتير» العام في جيبوتي ومستشفى الرحمة والمستشفى الإيطالي عددا من حالات الإصابة.
ونوه القرني بأنه أجري تأهيل للمستشفى العام بجيبوتي، بعشرات الأجهزة المتخصصة خاصة في قسم العناية الفائقة وعدد من الأقسام، حيث يعمل فريق «بلتير» (الاسم الصحيح للمستشفى).
وقال القرني: «نعتبر أول فريق جراحي طبي يصل إلى هناك، حيث أرسلنا أكثر من 6 أطنان من الأجهزة والأدوية والمعدات الجراحية والمستلزمات الطبية إلى جيبوتي لمقابلة وعلاج الجرحى واللاجئين اليمنيين ودعم الوضع الصحي الجيبوتي».
ونوه بأن وزير الصحة الجيبوتي أكد أن الكثير من المنظمات وعدت ولم تفِ بوعدها، في حين أن أطباء عبر القارات جاءت قبل الوعد بكل معداتها وأدويتها، فهي أقامت الفعل قبل الوعد، مثمنا الجهود التي بذلها سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جيبوتي.
ولفت القرني إلى مجموعة من اللاجئين الذين خرجوا من عدن متأثرين بإصابة تعرضوا لها، مبينا أن حالتهم مأساوية، وآخرين يعانون من أمراض مزمنة من السكري والضغط، بالإضافة إلى عدد كبير من العوائل الفقيرة.
وقال: «شكلنا فريق عمل، الوجه والفكين والمخ والأعصاب، وكذلك العظام، مكونًا من 14 شخصا، وبدأوا في علاج بعض الحالات الصعبة جدا، وبعض الجرحى صار لهم شهر من دون علاج، الأمر الذي أدى إلى إصابتها بالتعفن والصديد».
وأضاف: «البعض تعرض لإصابات رصاص في عيونهم والفكين، وعولج جزء منهم كبير، ويوميا تأتي قوارب من ميناء عدن تحمل ما يقارب نحو 30 شخصا وأكثر، ونحن مستمرون، وعملنا تعاونا مع كثير من المستشفيات الحكومية والخاصة في جيبوتي، وعندنا موعد مع رئيس الجمهورية الاثنين المقبل (غدا)».
وأوضح القرني أن هناك فريقا ذهب إلى الصومال، حيث وجد فيها عددا من اللاجئين اليمنيين وبعضهم صوماليون، وعولج عدد منهم، فيما أرسل نحو 700 طن من الأدوية والعلاج إلى داخل اليمن عبر الإنزال الجوي، ووصلت إلى المستشفيات.
وقال القرني: «نجحنا في علاج البعض وعددنا 14 شخصا، 11 منهم جراحون، وهناك فريق جديد عددهم 8 من تخصصات مختلفة، واطلعنا على أكثر من 40 حالة، وبعضها عمليات جراحية».
ونوه بأن أصعب عملية هي جراحة فك ووجهين، وهي عبارة عن طلقة اخترقت الرقبة وخرجت من العين، واستمرت أربع ساعات، حتى ذهل الجميع، مبينا أن هذا المصاب طلع من ميناء عدن إلى ميناء أبخ الجيبوتي، موضحا أنه تلقى بعض المعالجات التي جعلته يتحرك في المستشفيات هناك، في غياب بعضها، حيث كان يعيش على المضادات.
وقال القرني: «توجد عائلات تعدادها أكثر من 400 أسرة، في ميناء أبخ الجيبوتي، ويوجد بعضهم في سكن وآخرين في مدينة رياضية ثم نقلوا إلى خيام تابعة للأمم المتحدة ضعيفة جدًا تحت درجة حرارة عالية جدًا».
وتابع: «أرسلنا فريقا طبيا آخر متخصصا في طب العائلة، وعمل كشفا طبيا لجميع الأسر هناك، ويحملون معهم بعض الأدوية التي يحتاج إليها المدنيون، وحاليا لدينا أسبوع والعدد كافٍ لأنه من كل تخصص، وهناك حالة واحدة نقلت إلى فرنسا لطفلة في رصاصة مستقلة بالمخ».
وقال: «الفريق من أفضل التخصصات وفي أحسن المستشفيات، وكان معنا نحو 7 أطنان من الأدوات الطبية والأجهزة، ونحن أول فريق جراحي وطبي على مستوى عالمي يصل إلى علاج اللاجئين اليمنيين، إذ إن هناك عددا من المنظمات الطبية وعدت بتنفيذ فرق طبية ولم تأتِ».
ووفق القرني، كل أسبوعين يتجدد الفريق، إذ إن هؤلاء الأطباء يأتون إلى هناك بناء على إجازاتهم، مبينا أن الحالات كلها طلقات رصاص وأعمارهم في سن الشباب، في الرأس والعين والرجلين.
ولفت إلى أن المسافة بين ميناء عدن وأبخ نحو 30 كيلومترا، أي ثلاث ساعات، مبينا أن العائلات اللاجئة وصلت في 36 ساعة، وكانوا يعانون معاناة سيئة جدا بسبب طول المسافة التي قطعوها وهم بهذه الظروف.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.