نتنياهو منع اتفاقاً جاهزاً مع «حماس» حول صفقة تبادل الأسرى

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن وثيقة سرية تبين أن الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية المختلفة كانت قد توصلت إلى نص اتفاقية متكاملة لتبادل الأسرى مع حركة «حماس»، في سنة 2018، لكن رئيس الوزراء في حينه، بنيامين نتنياهو، أجهضها في اللحظة الأخيرة.
وجاء في تقرير بث في قناة التلفزيون الرسمية «كان 11»، مساء الثلاثاء، أن الوثيقة مصنفة على أنها «سرية للغاية»، وقد صدرت عن أجهزة الأمن الإسرائيلية في شهر أغسطس (آب) من سنة 2018، منحت هذه الأجهزة من خلالها موافقتها على المضي قدماً في إتمام صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس»، ضمن تسوية أوسع مع فصائل المقاومة في قطاع غزة. وقد حملت هذه الوثيقة تواقيع كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت، غادي آيزنكوت، والرئيس السابق للشاباك (المخابرات العامة)، نداف أرغمان، والرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي (أمان)، تَمير هايمان، والرئيس السابق للموساد، يوسي كوهين، والمُنسق السابق لشؤون الأسرى والمفقودين، يارون بلوم.
ومثلت الوثيقة، بحسب القناة، دعم الأجهزة الأمنية لنتنياهو لإتمام الصفقة التي تبلورت حينها، ووصفتها القناة بأنها «الفرصة الأقرب» للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة «حماس»، منذ الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في يوليو (تموز) عام 2014، التي أطلقت عليها فصائل المقاومة تسمية «العصف المأكول» وتسميها إسرائيل بـ«الجرف الصامد». وذكرت القناة أنه «بعد أيام قليلة من جولة القتال التي اندلعت في أغسطس 2018، وتحديداً يوم الأحد الموافق 19 من الشهر ذاته، عقد قادة أجهزة الأمن الإسرائيلية جلسة دراماتيكية حول قضية الأسرى والمفقودين، دعا إليها آيزنكوت وشارك فيها أرغمان وهايمان وكوهين وبلوم».
وتوصل الاجتماع إلى استنتاج بأن «الظروف الراهنة هي الأفضل بالنسبة لإسرائيل للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى»، وأن «الثمن الذي ستقدمه إسرائيل لحركة (حماس) للحصول بالمقابل على الجنديين الإسرائيليين اللذين تعتبرهما إسرائيل مقتولين (هدار غولدين وأورون شاؤول)، بالإضافة إلى المدنيين اللذين تعتبرهما على قيد الحياة (أبرا منغستو وهشام السيد)، هو ثمن (معقول)».
عنونت الوثيقة السرية بـ«مبادرة رؤساء الأجهزة الأمنية ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين لإعادة الأسرى والمفقودين من قطاع غزة». واستعرض كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية المشاركة في الاجتماع، من خلال الوثيقة «الخطة الإسرائيلية المفصلة لإتمام الصفقة، وشملت الاتفاق حول الثمن الذي ستدفعه إسرائيل».
وتضمنت المرحلة الأولى لإتمام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، بحسب التقرير، وقفاً متبادلاً لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة، ورفع القيود المدنية التي يفرضها الاحتلال على القطاع المحاصر، بما في ذلك فتح حاجزي كرم أبو سالم وبيت حانون، وتوسيع مساحة الصيد في غزة، وإتمام خطة زيادة إمدادات الكهرباء لقطاع غزة وحل مشكلة الرواتب بتمويل قطري. والمرحلة التالية تتعلق بالصفقة نفسها، بما في ذلك الإفراج عن أسرى حركة «حماس»، بمن فيهم المعتقلون خلال الحرب على غزة عام 2014 (رفضت الرقابة العسكرية نشر عدد الأسرى الذي نصّت عليه الوثيقة)، باستثناء الأسرى الذين تعتبر سلطات الاحتلال أنهم شاركوا «في نشاط إرهابي كبير». كما ينص أحد البنود على أنه «لن يتم إطلاق سراح الإرهابيين الملطخة أيديهم بالدماء». في المقابل، ستطلق «حماس» سراح الأسرى والمفقودين الإسرائيليين الأربعة. وتناولت المرحلة الثالثة من الخطة تعزيز ما تصفه إسرائيل بـ«الخطوات والإجراءات المدنية والاقتصادية» لإعادة إعمار قطاع غزة. وقد حذر قادة الأمن الإسرائيلي في الوثيقة، بشكل مباشر، من «تأجيل صفقة تبادل الأسرى وفصلها عن عملية التسوية، الذي قد يؤدي إلى تضاؤل فرص التوصل إلى حل خاص بإعادة الأسرى والمفقودين (الإسرائيليين) لسنوات طويلة مقبلة». وأفاد التقرير بأن قادة الأجهزة الأمنية قدموا الوثيقة لرئيس مجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة، مئير بن شبات، وإلى رئيس الحكومة في ذلك الحين، نتنياهو، الذي دعا إلى جلسة أخرى لمناقشة المسألة بحضوره، وجرى خلالها استعراض مفصل للخطة. وبحسب التقرير، فإن «نتنياهو رفع الجلسة، وتعهد باتخاذ قرار في هذا الشأن خلال فترة قصيرة»، لكنه لم يدع لإجراء مزيد من المناقشات في هذه المسألة، ولم يوافق على المضي قدماً في الخطة، ولم يتم عقد صفقة تبادل أسرى.