بيدرسن لجولة ثامنة من اللجنة الدستورية معولاً على «النيات الصادقة» للسوريين

TT

بيدرسن لجولة ثامنة من اللجنة الدستورية معولاً على «النيات الصادقة» للسوريين

وسط تحذيرات من تحول سوريا إلى «أزمة منسية» في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، أبلغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن، أعضاء مجلس الأمن أنه وجّه دعوات للمشاركة في جولة ثامنة من محادثات للجنة الدستورية السورية المصغرة بين نهاية مايو (أيار) ومطلع يونيو (حزيران) المقبلين، معولاً على «النيات الصادقة» للأطراف المعنية في إحراز تقدم، فيما حضّته المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية على «مضاعفة الجهود» في شأن الجوانب الأخرى من القرار 2254، داعية، في الوقت ذاته، إلى تجديد آلية إيصال المساعدات من خلال معبر باب الهوى وفقاً للقرار 2585، لكن نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا أشار إلى أنه «لا يرى أي مسوغ» لذلك.
وفي جلسة عرض خلالها الأوضاع السياسية والإنسانية في سوريا مساء الثلاثاء بتوقيت نيويورك، استمع أعضاء مجلس الأمن إلى إفادتين؛ الأولى من بيدرسن والأخرى من مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية نائبة منسق المعونة الطارئة جويس ميسويا.
ودعا بيدرسن إلى «التركيز على تحقيق حل سياسي شامل للصراع، بما يتمشى والقرار 2254، مع التأكيد على سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها». وحذّر من أن «الجمود الاستراتيجي الحالي في الميدان وغياب سوريا عن عناوين الصحف لا ينبغي أن يضللا أي شخص في التفكير بأن النزاع لا يستحق الاهتمام أو أنه يحتاج إلى موارد أقل، أو أن الحل السياسي ليس ملحاً». وقال: «في الواقع، يتطلب نزاع بهذا الحجم حلاً سياسياً شاملاً يتماشى والقرار 2254». وإذ ذكّر بما آلت إليه الجولة السابعة من اجتماعات اللجنة المصغرة في اللجنة الدستورية السورية، التي اختتمت أعمالها في نهاية مارس (آذار) الماضي، أعلن أن نائبة المبعوث الخاص خولة مطر زارت دمشق وإسطنبول، حيث أجرت مناقشات مع الرئيسين المشاركين ووجهت دعوات لحضور الجولة الثامنة بين 28 مايو المقبل و3 يونيو المقبل في جنيف.
وحضّ الوفود على «تقديم أي عنوان جديد إلى مكتبه، في أقرب وقت ممكن قبل الجلسة التالية، وتحديد هذه العناوين بنية صادقة، وإعداد النصوص لها في أثناء جلسة التعديلات في اليوم الخامس – بحيث يجري التركيز على ما يمكن لجعل السوريين يتفقون بشأنه».
وكرر المبعوث الأممي أن «وجود خمسة جيوش أجنبية، في مواقع مختلفة من النزاع السوري، لهو أمر مقلق»، مشيراً إلى «أننا شهدنا مجدداً هذا الشهر قصفاً على سوريا يعزى لإسرائيل، وهجمات بالطائرات المسيرة في الشمال الشرقي تعزى لتركيا، وغارات جوية في إدلب وفي شرقي الفرات تعزى لروسيا، وتقارير تفيد بإطلاق صواريخ على القوات الأميركية في دير الزور تعزى لمجموعات تدعمها إيران». ونبه إلى أن «أياً من هذه البؤر يمكن أن تزداد خطراً بسبب التوترات الجيوسياسية خارج سوريا».
وتبعته مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا، التي حذرت من أن «سوريا على شفا أن تتحول إلى أزمة منسية تضاف إلى قائمة الأزمات المنسية الأخرى». ولفتت إلى أن «ملايين السوريين يعانون شهرياً في سبيل البقاء على قيد الحياة ولإطعام عائلاتهم ولتوفير مستقبل لأطفالهم»، مضيفة أنه «في العام الماضي، أرسلت الأمم المتحدة شهرياً 800 شاحنة من المساعدات عبر الحدود». وحضّت على «إبقاء كل القنوات متاحة ومفتوحة»، معتبرة أن «تجديد إذن عبور الأمم المتحدة عبر الحدود، في يوليو (تموز) المقبل يظل أساسياً لإنقاذ الأرواح في شمال غرب سوريا». وجددت نداء الأمين العام أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن كي يحافظ على توافق الآراء بشأن تجديد قراره 2585.
وركزت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد على «واجبنا المشترك لمعالجة الأزمة الإنسانية»، مؤكدة «الالتزام الراسخ» لدى الولايات المتحدة لـ«التنفيذ الكامل لكل جوانب القرار 2585». ورحبت بدخول قافلة المعونات عبر الخطوط إلى شمال غرب سوريا في مارس الماضي، مستدركة أن «الآلية العابرة للحدود تظل شريان حياة لا بديل له لملايين السوريين»، معتبرة أنه «لا يوجد بديل عن حمولة 1000 شاحنة تمر عبر باب الهوى وتحتوي على أغذية وأدوية وإمدادات تصل إلى ملايين الأشخاص كل شهر». وكذلك قالت إنه «يجب أن نعترف بأن السبب الرئيسي وراء 11 عاماً من الصراع، هو ما اقترفه نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد ضد شعبه». وإذ أشادت بجهود بيدرسن في اللجنة الدستورية، حضّته على «مواصلة مضاعفة الجهود في شأن كل جوانب القرار 2254، بما في ذلك القضية المطولة للمعتقلين والمفقودين بشكل تعسفي».
في المقابل، لفت نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا إلى أن خطة الأمم المتحدة الإنسانية لسوريا لعام 2022 للتعافي المبكر للمرافق الطبية والتعليمية وشبكات المياه «تعاني نقصاً كبيراً في التمويل»، مضيفاً أنه لا يرى أي مسوغ لتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود بعد انتهاء مدتها في يوليو المقبل. واعتبر أن «الوضع لم يتغير بعد تسعة أشهر من قرار مجلس الأمن لتمديد عمل معبر باب الهوى»، مذكراً بأن «الغرض من هذا القرار وصول المساعدات إلى كل أنحاء سوريا والعمل على التعافي المبكر، ولكن خلال هذا الوقت تمكنت ثلاث قوافل فقط من العبور إلى إدلب ولا يوجد أي إمداد لشمال البلاد من دمشق على الإطلاق». وقال: «دعونا لا نخفي حقيقة أنه في ظل هذه الظروف لا توجد عملياً أسباب للمزيد من التمديد لقرار نقل المساعدات عبر الحدود».
أما المندوب السوري بسام صبّاغ، فذكّر بأن حكومته أحيت في 17 أبريل (نيسان) الماضي الذكرى السنوية الـ76 لجلاء آخر جندي فرنسي عن أراضيها. وقال: «اليوم يؤكد السوريون مجدداً إصرارهم على مواصلة كفاحهم لضمان أن مصير كل احتلال للأراضي السورية سيكون إلى زوال مهما طال».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.