مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: 5 إيرانيين يديرون معارك عدن

الميليشيات تنسحب من عسيلان في شبوة تحت ضغط المقاومة

عناصر من المقاومة اليمنية الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي متأهبون لاشتباكات محتملة مع الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة اليمنية الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي متأهبون لاشتباكات محتملة مع الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»: 5 إيرانيين يديرون معارك عدن

عناصر من المقاومة اليمنية الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي متأهبون لاشتباكات محتملة مع الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
عناصر من المقاومة اليمنية الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي متأهبون لاشتباكات محتملة مع الحوثيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

أحرزت المقاومة الشعبية في جبهات عدن والضالع وشبوة تقدما ملحوظا على الأرض وذلك عقب أيام فقط على إعلان الهدنة الإنسانية التي تم خرقها وفي الساعات الأولى من جهة الميليشيات المدعومة بقوات الجيش الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فضلا عن أن اليومين الماضيين كانا قد كشف خلالهما عن انتهاكات الميليشيات لاتفاق الهدنة؛ إذ أقدمت على اعتراض قوافل الإغاثة ومنعها من الدخول إلى المناطق المنكوبة بفعل الحرب، ناهيك بحالات الأسر التي كشفت تورط إيران في المعارك المحتدمة في عدن.
ففي جبهة جعولة شمال عدن حققت المقاومة تقدما خلال الأيام الثلاثة الماضية، وقال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومة في معركة جعولة كبدت قوات صالح والحوثي خسائر في الأرواح والسلاح، علاوة على الاستيلاء على مواقع جديدة ومهمة كانت تحت سيطرة ميليشيات الحوثي المدعومة بقوات الرئيس المخلوع. وقال نايف البكري، وكيل محافظة عدن رئيس مجلس المقاومة إن أول سفينة مساعدات دولية في طريقها إلى مدينة عدن، وتوقع البكري في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» وصول سفينة المساعدات اليوم أو غدًا، منوها في هذا الخصوص بأن السفينة الإماراتية تحمل على متنها 100 ألف سلة غذائية، وأنها في طريقها إلى عدن، ولفت المسؤول المحلي إلى أن السفينة تعد الأولى، وأنه من المزمع أن تتبعها سفن مساعدات إنسانية إلى محافظة عدن خلال الأيام القابلة، وشدد رئيس مجلس المقاومة على أن المبدأ في مقاومة أهالي الجنوب اليوم هو أنه لا نكوص ولا تراجع، مؤكدا أن «النصر، وبإذن الله، حليف الناس في محافظات الجنوب»، وأوضح البكري في سياق حديثه أن صفوف المقاومة في عدن باتت أكثر ترتيبا، وأن قيادات كثيرة عقدت لقاءات موسعة خلال الأيام الماضية واتفقت على تنسيق الأعمال بشكل أكبر.
من جهة ثانية، كشف أحد الأسرى الحوثيين عن وجود خمسة قادة عسكريين إيرانيين يقودون الميليشيات الحوثية في عدن، وقال قيادي في المقاومة الشعبية الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن اعترافات الشخص المقبوض عليه في المدينة الخضراء ليست هي الأولى التي تؤكد صراحة التورط الإيراني في دعم الميليشيات الحوثية المقاتلة في عدن، «فقد سبق أن وقع بيد المقاومة أسرى ممن قاتلوا ضمن القوات الموالية للرئيس المخلوع وميليشيات الحوثيين، وهؤلاء أشاروا صراحة إلى أسماء شخصيات إيرانية وكذا عربية تقوم بدور الترجمة من اللغة الفارسية إلى العربية».
يذكر أن بعض الوسائل كانت تناولت اعترافات أسير يدعى مقبل فؤاد علي مقبل، تم القبض عليه بينما كان في طريقه إلى المدينة الخضراء حيث تجتمع قيادات وصفها الأسير بـ«البارزة»، وأشار الأسير في اعترافاته إلى أنه كان في مطار عدن، وكذا بمشاركته ضمن المجموعة التي تمركزت في عمارة «باهدى» في مدينة خور مكسر ولمدة أربعة أيام، قبل نقله إلى مطار عدن الدولي، وأكد إشراف الخبراء الإيرانيين على العمليات القتالية. وذكر «أبو الزهراء» أن الشخص المسؤول عنهم اسمه «صلاح»، وأنه كان الوحيد الذي يفهم جماعته التي تم جلبها من محافظة تعز وعدد أفرادها 25 فردا، وأن كل واحد منهم يتقاضى أجرا يوميا قدره 2500 ريال يمني (10 دولارات ونصف)، وأنه وزملاءه قيل لهم بوجوب ما سموه «الجهاد ضد الدواعش والتكفيريين»، وأنه وبعد مشاهدته جرائم قتل المدنيين العزل، قرر تسليم سلاحه ومغادرة عدن، إلا أنه، وأثناء ذهابه إلى المدينة الخضراء شمال عدن بقصد إخطار قيادته، وقع في قبضة المقاومة التي استولت على المكان المحيط بالمدينة الخضراء.
من ناحية ثانية، قال مصدر طبي في محافظة عدن لـ«الشرق الأوسط» إن حالات الوفاة المسجلة ليوم أمس (الخميس) بلغت 4 حالات قتل، إضافة إلى 28 إصابة. وعلى صعيد التطورات في محافظة الضالع، شمال عدن، وقالت مصادر في السلطة المحلية بمحافظة الضالع لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين احتجزوا شاحنات في مدينة قعطبة شمال مدينة الضالع، ونقلوا سائقيها إلى أحد السجون الخاصة بهم في محافظة إب (جنوبي العاصمة صنعاء)، كما تم احتجاز ثلاث شاحنات أخرى مساء أول من أمس في مدينة الضالع، وقالت هذه المصادر إن هذه الشاحنات تابعة لتاجر معروف يدعى عبد الله حسين الضبيات، وأضافت هذه المصادر أن الحوثيين والقوات الموالية لصالح يمنعون دخول أي شاحنات محملة بمواد غذائية أو طبية وأي إمدادات إغاثية إلى مدينة الضالع قادمة من جهتي الجنوب والشمال.
إلى ذلك، تمكن رجال المقاومة الجنوبية في منطقة سناح شمال مدينة الضالع من نصب كمين لميليشيات الحوثي التي حاولت أمس التسلل إلى مبنى المجمع الحكومي (المحافظة)، وعلى متن حافلة تم تدميرها وقتل كل من فيها. وتركزت المواجهات المحدودة في منطقة الوبح ومحطة الشنفرة وسط الطريق الرابط مدينة الضالع بمدينة قعطبة؛ إذ كانت المقاومة قد استهدفت هذه التعزيزات القادمة من الشمال صوب القوات والميليشيات الموجودة في الضالع. وفي هذا الهجوم تمكنت المقاومة من إعطاب عدد من الأطقم العسكرية، كما سقط في هذه المواجهات عدد من القتلى والجرحى بين صفوف القوات الآتية إلى جبهة الضالع.
يذكر أن تعزيزات غير مسبوقة لميليشيات الحوثي وقوات المخلوع صالح كانت قد وصلت مساء الخميس من محافظة إب باتجاه قعطبة، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التعزيزات شوهدت وهي في طريقها إلى مدينة قعطبة منذ ظهيرة الخميس وحتى المساء.
وفي سياق متصل، ما زالت تعزيزات عسكرية كبيرة تستجلب من صنعاء وإب إلی معسكرات بالضالع، حيث تم إدخال عربات وأطقم تحمل أطفالا مسلحين لا تتجاوز أعمارهم 14 سنة، وعربات أخرى محملة بالذخائر. وقال السكان بالضالع لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات وقوات صالح لجأت مؤخرًا وعبر مكبرات الصوت إلى مخاطبة رجال المقاومة، وأفاد هؤلاء أن الميليشيات وجهت نداء متكررا من داخل معسكراتها وطالبت المقاومة بالكف عن قتالها؛ إذ قالت بأنه ليس بينها وبين «الحراك» أي خصومه، منوهة بأن حربها فقط مع من سمتهم «الدواعش والتكفيريين». وفي محافظة شبوة شرق عدن قال مصدر في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن أول من أمس الخميس شهد أول انسحاب للميليشيات وقوات صالح من مديرية عسيلان بمحافظة شبوة التي كانت قد دخلتها هذه القوات قبل نحو أسبوع، إلا أن بقاءها لم يدم طويلا؛ إذ تصدت لها المقاومة ورجال القبائل.
وأضاف المصدر أن القوات الموالية للحوثيين وصالح انسحبت من مديرية عسيلان إثر معركة تكبدت فيها هذه القوات خسائر فادحة. وأشار المتحدث إلى أن الميليشيات، وبدعم من قوات الرئيس المخلوع، توغلت الأسبوع الماضي إلى وسط مديرية عسيلان، إلا أن المقاومة الشعبية وبمشاركة رجال القبائل خاضت معها مواجهات عنيفة أجبرتها على الانسحاب. بهذا تكون مديرية عسيلان أول مديرية تتمكن فيها المقاومة من إخراج القوات والميليشيات الموالية لصالح والحوثي، كما تأتي ثانية بعد منطقة المصينعة في شبوة التي كانت المقاومة قد استردتها قبل أيام من قوات وميليشيات صالح والحوثي.
 



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».