طبول معركة الانتخابات النيابية تقرع في فرنسا

مرشح اليسار المتشدد يريد منها إيصاله إلى رئاسة الحكومة

طبول معركة الانتخابات النيابية تقرع في فرنسا
TT

طبول معركة الانتخابات النيابية تقرع في فرنسا

طبول معركة الانتخابات النيابية تقرع في فرنسا

أُسدلت الستارة على المعركة الرئاسية وانطلقت معركة أخرى عنوانها الانتخابات التشريعية في فرنسا التي ستجرى في دورتين يومي 12 يونيو (حزيران) المقبل و19 منه.
هذه المعركة تعد استراتيجية وحيوية بكافة المقاييس. فالرئيس إيمانويل ماكرون الذي نجح في تجديد ولايته في قصر الإليزيه لخمس سنوات إضافية، بحاجة إلى الفوز بها. وطموحه الحصول على أكثرية نيابية في البرلمان ضرورية لدعم الحكومة الجديدة التي سيشكلها في الأيام القليلة المقبلة، لتبدأ العمل على تنفيذ وعوده الانتخابية ومشاريعه الإصلاحية بما فيها المشروع الذي يثير الجدل الأكبر والخاص برفع سن التقاعد إلى 65 عاماً.
ورغم أن ماكرون فاز بالانتخابات الرئاسية بفارق مريح عن منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، فإن حسابات المعركة النيابية مختلفة عن الرئاسيات بسبب النظام الانتخابي الأكثري الذي يعتمد الدائرة المصغرة. ويبلغ عدد الدوائر 577 دائرة لـ577 مرشحاً، منها 11 دائرة للفرنسيين المقيمين في الخارج. ولذا، فإن ماكرون يحتاج لتكوين كتلة نيابية من 289 نائباً. وإذا كان المحللون السياسيون مجمعين على أن حصول الانتخابات التشريعية بعد الرئاسية يوفر للرئيس الفائز ولحزبه دينامية، وهو ما برز بقوة بعد فوز ماكرون في العام 2017، إلا أن الوضع في 2022 مختلف عما كان عليه قبل خمس سنوات.
يكمن أحد وجوه الاختلاف أن 42 في المائة من الذين اقترعوا لصالح ماكرون، وفق ما بينته استطلاعات الرأي التفصيلية، إنما فعلوا ذلك لقطع الطريق على وصول لوبن إلى الرئاسة. والحال أن هؤلاء الناخبين يرجح أن يعودوا إلى أحزابهم بحيث لن يكون مضموناً اقتراعهم لصالح مرشحي حزب «الجمهورية إلى الأمام» (أي حزب ماكرون). يضاف إلى ذلك أن الحزب الرئاسي يراهن على انضمام شخصيات من اليمين التقليدي والوسط إلى صفوفه بحيث يتمكن من تقديم ترشيحات موحدة لضمان فوز مريح. والحال أن حزب «الجمهوريين» اليميني التقليدي الذي خرجت مرشحته من الانتخابات الرئاسية منذ الجولة الأولى بحصولها فقط على 4.7 في المائة من الأصوات، قررت لجنته الاستراتيجية التي تضم كبار قادته، رفض تقديم لوائح مشتركة مع الحزب الرئاسي. وقال رئيسه كريستيان جاكوب، عقب انتهاء الاجتماع الصباحي، إن الجمهوريين قرروا انتهاج خط مستقل إزاء الأكثرية الرئاسية، مؤكدا أن الحزب الذي يرأسه، والذي أعطى الجمهورية الفرنسية خمسة رؤساء للجمهورية الخامسة (من أصل سبعة) «قادر على أن ينتهج خطاً مستقلاً» رغم الوهن الذي حل به منذ العام 2017 والتحاق بعض قادته بماكرون.
وتجدر الإشارة إلى أن مجيء ماكرون بنظرية تجاوز الأحزاب أدى إلى إضعاف الحزبين الرئيسيين اللذين حكما فرنسا منذ العام 1958، وهما: الجمهوريون، والحزب الاشتراكي الذي حصلت مرشحته في الجولة الأولى على 1.5 في المائة من الأصوات، وهي أدنى نسبة في تاريخ الحزب.
منذ ما قبل وصوله إلى الإليزيه وخصوصا بعد ذلك، دأب ماكرون على اجتذاب شخصيات مرموقة من «الجمهوريين» فأسند بداية رئاسة الحكومة إلى النائب اليميني عن مدينة «لو هافر» إدوار فيليب، ثم في مرحلة ثانية إلى جان كاستكس، رئيسها الحالي الذي شغل سابقاً منصب الأمين العام المساعد للقصر الجمهوري إبان حكم الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي. ورغم ذلك، لا يزال حزب الجمهوريين يقاوم ابتلاعه. من هنا، تظهر أهمية قرار اللجنة الاستراتيجية وتهديد رئيسها بفصل كل من يلتحق بحزب ماكرون أو يترشح باسمه. لكن مشكلة جاكوب أن العديد من نواب الحزب الحاليين يتخوفون من الهزيمة المقبلة، ويرون أن خشبة الخلاص بالنسبة إليهم هي الالتحاق بحزب ماكرون. وبين استطلاعان للرأي أجرتهما مؤسستا «أوبينيون واي» و«إيبسوس سوبرا ــ ستيريا» بعد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ونشرت نتائجهما الاثنين، أن غالبية الفرنسيين (ما بين 56 في المائة و63 في المائة) لا يريدون فوز حزب ماكرون بالأكثرية النيابية. ورغم أن الانتخابات التشريعية ما زالت بعيدة، وأن كثيراً من التحولات يمكن أن تحصل حتى منتصف يونيو، فإن هاتين النسبتين تعكسان وجود رغبة لدى غالبية الناخبين لمنع ماكرون من التحكم بكافة مفاصل السلطتين التنفيذية والتشريعية. بيد أن استطلاعاً آخر للرأي أجراه معهد «هاريس» بين أن ماكرون سيتمكن من الحصول على أكثرية مريحة إذا تمكن من تشكيل تحالف واسع للوسط ويمين الوسط يضم حزب «الجمهوريين»، الأمر الذي يبدو اليوم بعيد المنال.
حقيقة الواقع السياسي الفرنسي اليوم أن كتلتين سياسيتين تطمحان للاستفادة من الانتخابات النيابية لفرض واقع سياسي جديد. وأصبح ظاهراً اليوم في فرنسا أن الكتلتين الواقعتين على أقصى يمين الخريطة السياسية وأقصى يسارها تعتملهما طموحات كبرى. فرئيس حزب «فرنسا المتمردة» والمرشح الرئاسي المتشدد الذي حل في المرتبة الثالثة حاصدا 22 في المائة من الأصوات وأكثر من سبعة ملايين صوت، عازم على عدم تبديد رأسماله الانتخابي. ومنذ مساء الأحد، دعا جان لوك ميلونشون ناخبيه إلى البقاء متحدين في إطار «الاتحاد الشعبي الجديد». وبحسب ميلونشون، فإن الانتخابات التشريعية هي، في الواقع، «الجولة الثالثة» للانتخابات الرئاسية وأنها قادرة على تمكينه من أن ينتخب رئيساً للحكومة إذا استطاع مع أحزاب اليسار تشكيل لوائح موحدة تحصل على الأكثرية. ومن الناحية النظرية، سيكون ماكرون ملزماً تكليف ميلونشون إلى شخصية يسارية إذا كانت كتلة اليسار هي الفائزة، ما سيؤدي إلى قيام نظام «المساكنة»، أي أن يكون الرئيس منتمياً إلى جهة والأكثرية النيابية إلى جهة أخرى، بحيث تطبق سياسة الأكثرية وليس سياسة رئيس الجمهورية. بيد أن أمراً كهذا يبدو اليوم مستبعداً ولكن غير مستحيل. والسبب في ذلك أن الاتصالات التي قامت حتى اليوم بين مكونات اليسار وأبرزها «فرنسا المتمردة» والحزبين الاشتراكي والشيوعي وحزب الخضر، لم تفض بعد إلى نتيجة واضحة. وثمة من يتهم ميلونشون بـ«الهيمنة» والرغبة بـ«الاستئثار» بتركيب اللوائح والسير ببرنامجه الانتخابي وعدم الأخذ في الاعتبار مطالب الأطراف الأخرى التي يرغب بالتحالف معها.
وبين استطلاع الرأي المشار إليه أن الأحزاب اليسارية يمكن أن تحصل على أقل من مائة مقعد في الندوة البرلمانية المقبلة. إلا أن هذا الاستطلاع لا يأخذ في الاعتبار احتمال تفاهم الأحزاب اليسارية، ما سيغير بطبيعة الحال النتائج المرتقبة.
على الطرف الثاني للخريطة السياسية، يبدو حزب «التجمع الوطني» الذي تقوده مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن متربصا. لوبن التي اجتذبت 13.30 مليون صوت «41.5 في المائة من الناخبين» تريد من هذه الانتخابات أن تمكنها من الحصول على كتلة وازنة وتنوي شخصيا الترشح مجددا في الدائرة التي تمثلها حاليا «بومون هينان» الواقعة شمال فرنسا. ويشير استطلاع «هاريس» إلى أن التجمع الوطني قادر على الفوز بعدد من المقاعد يتراوح ما بين 117 و147 نائبا بحيث يتحول إلى كتلة معارضة من الطراز الأول. وحتى اليوم ورغم الدعوات المتكررة التي أطلقها المرشح السابق إريك زيمور الأكثر يمينية وشعبوية، إلا أن لوبن ترفض انضمامه إليها لتشكيل «اتحاد اليمين القومي». ولكن لا شيء يمكن أن يحول من انضمام أعضاء في حزب زيمور إلى لوبن لأن الواقعية السياسية ستكون سيدة الموقف بحيث تدفع بعض المرشحين إلى الجهة الرابحة.
هكذا تبدو صورة المشهد السياسي الفرنسي اليوم: ثمة حالة تأهب شاملة. والرئيس الذي أعيد انتخابه يواجه مجموعة تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية و«لا فترة سماح» يتمتع بها. وإذا كان اليوم ينكب على رسم ملامح الحكومة الجديدة التي يريدها وبداية اختيار رئيسها (أو رئيستها) فإنه في الوقت عينه يتابع عن قرب شديد ملف الانتخابات والمرشحين لما لذلك من تأثير حاسم على ولايته الثانية.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.