فلسطينيو 48 يسترجعون ذكرى النكبة بإقامة مهرجانات العودة.. في إسرائيل

عباس يدعو الحكومة الإسرائيلية الجديدة للعودة إلى المفاوضات على أسس واضحة

شاب يرفع علم فلسطين بمناسبة احتفال عرب إسرائيل بالذكرى السنوية الـ67 للنكبة الفلسطينية في تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
شاب يرفع علم فلسطين بمناسبة احتفال عرب إسرائيل بالذكرى السنوية الـ67 للنكبة الفلسطينية في تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
TT

فلسطينيو 48 يسترجعون ذكرى النكبة بإقامة مهرجانات العودة.. في إسرائيل

شاب يرفع علم فلسطين بمناسبة احتفال عرب إسرائيل بالذكرى السنوية الـ67 للنكبة الفلسطينية في تل أبيب أمس (أ.ف.ب)
شاب يرفع علم فلسطين بمناسبة احتفال عرب إسرائيل بالذكرى السنوية الـ67 للنكبة الفلسطينية في تل أبيب أمس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء أول من أمس، الحكومة الإسرائيلية الجديدة للعودة إلى مفاوضات السلام المتوقفة على أسس واضحة.
وقال عباس في كلمة بثها التلفزيون الرسمي بمناسبة الذكرى 67 للنكبة، إنه «رغم كل المؤشرات حول طبيعة وتركيبة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فإن موقفنا لن يتغير من أن العودة إلى المفاوضات تتطلب ثلاثة أمور أساسية هي، وقف النشاطات الاستيطانية، وإطلاق سراح الأسرى، ومفاوضات لمدة عام ينتج عنها تحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال خلال مدة لا تتجاوز نهاية عام 2017».
وأضاف عباس أن الجواب على هذه المطالب بيد الحكومة الإسرائيلية ورئيسها.. «ففي حال كانت الإجابة هي مواصلة النهج السابق، أي مواصلة الاستيطان وعدم إطلاق سراح الأسرى، فإننا سنواصل بالمقابل توجهنا لتدويل الصراع بكل ما يعينه ذلك من أبعاد».
ولم يصدر تعقيب فوري من الجانب الإسرائيلي على دعوة الرئيس الفلسطيني.
وعلى صعيد متصل، أحيا المواطنون العرب في إسرائيل (فلسطينيو 48) أمس، الذكرى السنوية الـ67 للنكبة الفلسطينية بعدة أنشطة جماهيرية وتثقيفية، امتدت على سائر البلدات المهجرة، وأقاموا عدة مسيرات ومهرجانات، توجت بمهرجان كبير في ساحة مهجورة من أرض قرية إجزم، الواقعة قرب الساحل شمال حيفا.
وشارك في هذه النشاطات فعاليات من مختلف الأحزاب والحركات السياسية والوطنية، للتأكيد على مركزية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وعلى حق العودة في أي حل سياسي، ورفض أي محاولة لوضع مسألة العودة على الرف، والتعامل معها على أنها عائق تجب إزالته من طريق الحل. كما اهتموا بإبراز جانب يتعلق بهم بشكل خاص وبمعاناتهم الطويلة، على اعتبار أنه يوجد في إسرائيل نحو 300 ألف مواطن يعتبرون لاجئين في وطنهم، بعد أن تم طرد آبائهم وأجدادهم وجداتهم من بيوتهم وقراهم، ونزحوا إلى بلدات مجاورة، لكنهم يمنعون حتى اليوم من العودة إليها. وقد قامت السلطات الإسرائيلية بهدم عدد كبير منها، واعتبرتها لفترات طويلة مناطق عسكرية مغلقة.
وبدأت الأنشطة التي حملت عنوان «من يوم النكبة إلى يوم العودة» بإلقاء الضوء على هذه المناسبة وشرحها لطلاب المدارس حتى لا ينسى أحد من الأجيال الصاعدة قضيته. وفي الليلة قبل الماضية أقيم «مهرجان العودة» في مدينة شفا عمرو، وذلك بعد مسيرة مشاعل ارتفعت فيها «المفاتيح»، رمزا لقصص الناس الذين لا يزالون يحتفظون بمفاتيح البيت حيثما يعيشون، سواء في الوطن أو في الشتات. كما ارتفعت أعلام فلسطين، ووضعت أكاليل الزهور عند النصب التذكاري لشهداء شفا عمرو عام 1948 بالقرب من دار البلدية، وبعدها أقيم المهرجان تحت شعارات «من أجل عودة اللاجئين إلى ديارهم».
وانطلق صباح أمس الآلاف في مسيرة العودة إلى إجزم، حيث أقيم مهرجان العودة المركزي الذي نظمته الحركة الإسلامية بمشاركة اللجنة العليا لمتابعة شؤون المواطنين العرب. وألقيت الكلمات وعرضت برامج فنية، كما أقيمت عدة محطات لتفسير وشرح حيثيات النكبة وأخرى عن التراث الفلسطيني. وبرزت بشكل خاص محطة الأدوات المنزلية التراثية والقهوة العربية التي أشرف عليها الحاج حافظ شكران، وعرض الحاج أحمد عبد الجواد الذي قدم فيه أدوات منزلية كانت تستخدم في المنزل الفلسطيني خلال فترة ما قبل النكبة. كما تم عرض صور التقطتها عدسات المصورين خلال جولة نظمتها الحركة الإسلامية إلى القرى المهجرة في قضاء حيفا خلال الشهرين الماضيين، ووثقت فيها لعشرات البلدات المهجرة. وبنفس المناسبة أيضا أقيم معرض خاص حول الأسرى الفلسطينيين، وخيمة تراثية بكل محتوياتها، ومعرض لرسم القرى المهجرة والتراث، وعرض أعمال حرفية لحرفيين من سكان القدس حول المدينة المحتلة والمسجد الأقصى المبارك.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.