تقارب وشيك بين الصدر وخصومه عبر مشروع برلماني يجرّم التطبيع مع إسرائيل

صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي في مارس الماضي (إ.ب.أ)
صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي في مارس الماضي (إ.ب.أ)
TT

تقارب وشيك بين الصدر وخصومه عبر مشروع برلماني يجرّم التطبيع مع إسرائيل

صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي في مارس الماضي (إ.ب.أ)
صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي في مارس الماضي (إ.ب.أ)

أعلن رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، حسن العذاري، أن تحالف «إنقاذ وطن» يعتزم تقديم مشروع قانون إلى البرلمان قريباً يجرم التطبيع مع إسرائيل. وخلال مؤتمر صحافي، حضرته أطراف أكبر تحالف برلماني في العراق، وهما، بالإضافة إلى «الكتلة الصدرية» الفائزة الأولى بعدد المقاعد خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت أواخر العام الماضي 2021، «تحالف السيادة» السُنّي بزعامة خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، قال العذاري: «نعلن اليوم عن قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقطع الطريق أمام كل من يريد إقامة أي نوع من العلاقات مع هذا الكيان». وأضاف العذاري أن «(الكتلة الصدرية) مع الحلفاء في (إنقاذ وطن) رفعت مقترح مشروع القانون إلى رئاسة مجلس النواب»، موضحاً أن «مقترح القانون يتضمن 10 مواد؛ كل مادة تتضمن مجموعة من النقاط». وجاء الإعلان عن تقديم مشروع القانون هذا عقب تغريدة نشرها زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر مؤخراً أعلن فيها أن كتلته مع حلفاءها «سوف تعرض مقترح مشروع لتجريم التطبيع مع دولة الاحتلال للتصويت عليه في البرلمان». وأضاف الصدر أن «من أهم الأسباب التي دعتني إلى زج (التيار الصدري) في العملية الانتخابية مُجدداً، هي مسألة التطبيع والمطامع الإسرائيلية بالهيمنة على عراقنا الحبيب». ومع أن هناك مواد عقابية صارمة في قانون العقوبات العراقي تصل إلى حد الإعدام طبقاً لـ«المادة 201» من قانون العقوبات لكل من يروج «مبادي الصهيونية؛ بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها، أو ساعدها مادياً أو أدبياً، أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها» لكن لا يوجد قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل كدولة لا يعترف بها العراق أصلاً.
ورغم إعلان «الكتلة الصدرية» أنها تقدم مشروع القانون باسم تحالف «إنقاذ وطن» بركنيه السني والكردي؛ وطبقاً للمواقف المعلنة لا سيما للأطراف الشيعية الموالية لإيران والتي تملك أجنحة مسلحة تصنف على أنها مقاومة للاحتلال الأميركي ولإسرائيل، فإن المراقبين السياسيين في العراق يتوقعون أن يكون مشروع هذا القانون بمثابة تقارب شيعي ـ شيعي. وطبقاً لمصادر سياسية عراقية متطابقة؛ فإن الخطوة التي أقدم عليها الصدر بتقديم مشروع هذا القانون والتي تأتي قبيل أيام من نهاية مهلة اعتكافه، يهدف من خلالها إلى اختبار مدى تماسك تحالفه حيال قضية مختلف عليها شأنها في ذلك شأن الموقف من الاحتلال الأميركي. فعلى الرغم مما يبدو اتفاقاً عاماً بين كل أحزاب المكونات العراقية على عدم القبول ببقاء القوات الأميركية على الأراضي العراقية؛ فإنه حين قدم النواب الشيعة مشروع قرار للبرلمان العراقي يلزم الحكومة العراقية بإخراج القوات الأميركية في 6 يناير (كانون الثاني) عام 2020 بعد 3 أيام من مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، فإن النواب الشيعة البالغ عددهم 180 نائباً هم وحدهم من صوتوا، فيما رفض الكرد والسنة التصويت. كما أن أربيل عاصمة إقليم كردستان كانت احتضنت خلال شهر سبتمبر (أيلول) العام الماضي مؤتمراً دعا إلى التطبيع مع إسرائيل، ضم، بالإضافة إلى شخصيات كردية، عدداً من زعماء القبائل السنية في المحافظات الغربية من العراق، لا سيما محافظة الأنبار. وكان «مجلس القضاء الأعلى» أصدر إثر ذلك مذكرات توقيف بحق 3 أشخاص؛ هم نائب سابق وشيخا عشيرتين لمشاركتهم في المؤتمر المذكور.
وطبقاً للمصادر ذاتها؛ فإن خطوة الصدر، وبصرف النظر عن إحراجها حلفاءه من السنة والكرد الذين تتهم الكثير من قياداتهم الأوساط الشيعية إما بالتعامل المباشر مع إسرائيل مثل مسألة بيع النفط التي يتهم فيها «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، وإما بالتعامل مع شخصيات أو دول قطعت أشواطاً في التطبيع مع إسرائيل شأن الاتهامات الموجهة إلى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بالإضافة إلى اتهامات أخرى بات يوجهها إلى الحلبوسي بعض ممن جعلتهم أطراف شيعية بمثابة ضد نوعي له، وذلك بقيامه بتقديم تسهيلات لإسكان نصف مليون فلسطيني في صحراء الأنبار وطناً بديلاً لفلسطين... وطبقاً لما تعانيه العملية السياسية مما بات يسمى «انسداداً سياسياً كاملاً»، فإن خطوة الصدر التصعيدية باتجاه رفض التطبيع مع إسرائيل الذي لا يشكل أولوية؛ لأنه لا توجد خطوات ملموسة يمكن البناء عليها تأتي بوصفها مفتاح الانفراجة الموعودة لإيجاد حل لإشكالية تشكيل الحكومة العراقية. فطبقاً للوقائع السابقة؛ فإنه لا يتوقع أن يحظى مشروع قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل بحماس سني ـ كردي؛ نظراً إلى أنه ليس ضمن الأولويات الضاغطة في النهاية، لكن كل النواب الشيعة؛ سواء أكانوا ضمن «التيار الصدري» أم «الإطار التنسيقي» أم «النواب المستقلين»، سوف يصوتون لصالح تمرير القرار؛ الأمر الذي سوف يخلق حكماً تقارباً شيعياً ـ شيعياً يمكن أن يسهل من مهمة تشكيل الكتلة الكبرى أو التوصل إلى صيغة أقرب إلى ما توصل إليه مقتدى الصدر وهادي العامري عام 2018 حين تجاوزا الكتلة الكبرى على صعيد تشكيل حكومة عادل عبد المهدي، علماً بأن الاختناق السياسي آنذاك كان أقل بكثير مما هو حاصل اليوم.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.