إسرائيل تعيد فتح معبر «إيرز»

رجحت أن خلية تابعة لـ«حماس» أطلقت الصاروخ من لبنان

دورية «يونيفيل» في بلدة القليلة جنوب لبنان أمس (رويترز)
دورية «يونيفيل» في بلدة القليلة جنوب لبنان أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تعيد فتح معبر «إيرز»

دورية «يونيفيل» في بلدة القليلة جنوب لبنان أمس (رويترز)
دورية «يونيفيل» في بلدة القليلة جنوب لبنان أمس (رويترز)

قررت إسرائيل إعادة فتح معبر «إيرز» (بيت حانون) بعد يومين من إغلاقه، والسماح بدخول العمال والتجار الغزيين إليها بدءاً من صباح اليوم (الثلاثاء).
واجتمع مجلس الأمن الإسرائيلي المصغر، مساء أمس (الاثنين)، وقرر إنهاء الإغلاق الذي فرض رداً على إطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن القرار اتخذ في أعقاب تقديرات بأن حركة «حماس» معنية بالمحافظة على الهدوء في غزة. واستجاب المستوى السياسي الاسرائيلي لتوجهات أوساط في الجيش طلبت إعادة فتح المعبر لدخول العمال والتجار الفلسطينيين من قطاع غزة إلى إسرائيل باعتبار ذلك أمراً يساهم باستقرار كبير بالمنطقة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس ربط إعادة فتح معبر بيت حانون (إيرز) مع قطاع غزة، بعودة الاستقرار الأمني.
وأضاف أثناء جلسة تقييم أمني: «يجب على الفصائل ومثيري التحريض، أن يعلموا أنّ من يعاني من وضع اقتصادي ومدني وعسكري غير مستقر، سوف يتضرر كثيراً مع أيّ هزة». وهدد غانتس بأن إسرائيل تملك القدرة على مواصلة استخدام شتى الوسائل المتنوعة التي تمتلكها، في الوقت والطريقة اللذين تراهما مناسبين، كما أنها ستواصل تقديم دوافع اقتصادية ومدنية، فقط في حال الحفاظ على الاستقرار الأمني. وكان غانتس قد قرر السبت، إغلاق معبر بيت حانون (إيرز) وهو المعبر الوحيد المخصص لانتقال الأفراد من قطاع غزة إلى الضفة وإسرائيل، أمام العمال الفلسطينيين والتجار، كنوع من العقاب الاقتصادي رداً على إطلاق صواريخ من القطاع. واختار غانتس رداً اقتصادياً بدل العسكري. وأبقى غانتس المعبر مغلقاً، أمس، على الرغم من أن أوساطاً في الجيش الإسرائيلي طلبت إعادة فتح المعبر لدخول العمال والتجار الفلسطينيين من قطاع غزة إلى إسرائيل، باعتبار ذلك أمراً يسهم في استقرار كبير بالمنطقة.
ويختبر الأسبوع الأخير في رمضان الهدوء الحالي، وما إذا كان سيستمر، أم لا.
وفيما أبقت إسرائيل معبر إيرز مغلقاً، شنت حملة اعتقالات في الضفة. وقال نادي الأسير إن القوات الإسرائيلية قامت بمداهمات في مناطق مختلفة بالضفة، تمركزت في منطقتي الخليل وجنين، نتج عنها اعتقال 15 فلسطينياً جرى تحويلهم للتحقيق لدى الأجهزة الأمنية. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن القوات الإسرائيلية اعتقلت أشخاصاً على خلفية سلسلة من الهجمات الأخيرة.
وكانت إسرائيل قد أطلقت قبل أكثر من أسبوعين، عملية اعتقالات واسعة لنشطاء في الضفة الغربية. وكشف جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، أمس، أنه خلال هذه العملية، اعتقل خلية فلسطينية في جنين والقرى القريبة منها، مكونة من 7 أفراد، تم تجنيدهم من قبل حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة. وقال «الشاباك» إن الأجهزة المعنية أحبطت محاولة «الجهاد» إقامة بنية عسكرية في شمال الضفة الغربية كانت تخطط لتنفيذ هجمات.
وأظهرت التحقيقات أنه جرى تجنيد أفراد الخلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل ناشطي «الجهاد» العسكريين في غزة. وضمت الخلية امرأة في الأربعينات من عمرها وهي أسيرة محررة، لعبت دور الوسيط بين ناشط عسكري من غزة وأفراد الخلية في الضفة الغربية، وساعدتهم في تحويل أموال وأسلحة وذخيرة. وشكل اعتقال المرأة أملاً رئيسياً في فك رموز القضية والتوصل إلى أفراد الخلية التي تدربت على صنع عبوات ناسفة ونجحت في ذلك.
وتصاعدت التوترات بشكل حاد بين إسرائيل والفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة، على خلفية الهجمات المتكررة في المدن الإسرائيلية التي خلفت 14 قتيلاً، وخلال الفترة نفسها، قُتل 24 فلسطينياً في أنحاء الضفة الغربية.
وعلى جبهة أخرى، اشتعل تصعيد محدود كذلك. وقصف الجيش الإسرائيلي موقعاً في لبنان «رداً على إطلاق قذيفة صاروخيّة من الأراضي اللبنانية ليل الأحد/ الاثنين». وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنّه «رداً على إطلاق قذيفة صاروخيّة من لبنان في وقت سابق الليلة الماضية، قصفت قوّات المدفعيّة مناطق مفتوحة في جنوب لبنان، بالإضافة إلى المنطقة التي أُطلِقت منها القذيفة الصاروخيّة، مستخدمةً العشرات من قذائف المدفعيّة. كما تمّ قصف هدف واحد لبنية تحتيّة». وأضاف الجيش الإسرائيلي أنّ القذيفة الصاروخيّة التي أُطلِقت من لبنان لم تُسفر عن إصابات وسقطت «في منطقة مفتوحة قرب بلدة شلومي في الجليل الغربي، حيث لم يتمّ تفعيل الإنذار وفق سياسة الجبهة الداخليّة».
ولم تعلن أي جهة على الفور مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ من طراز «غراد»، لكن أوساطاً أمنية إسرائيلية رجحت أن تكون خلية تابعة لـ«حماس». وقال الناطق العسكري الإسرائيلي، ران كوخاف، للإذاعة العامة الإسرائيلية «كان»، إن «التقديرات تشير إلى أن فصيلاً فلسطينياً في لبنان أطلق القذيفة الصاروخية باتجاه شمال البلاد، الليلة الماضية، على خلفية شهر رمضان والأحداث في جبل الهيكل». وقالت أوساط أمنية إسرائيلية إن نشطاء ينتمون لحركة «حماس» يقفون خلف إطلاق الصاروخ من جنوب لبنان.
وذكرت القناة «12» العبرية أن التقديرات الأمنية تشير إلى أن عناصر خلية نائمة محسوبين على حركة «حماس»، هم من نفذوا الهجوم، في محاولة للتضامن مع الأوضاع في الأراضي المحتلة ورسالة ضد استمرار إغلاق معبر إيرز، والهدف هو عدم إدخال غزة في المعادلة. وقالت القناة إن السنوات الأخيرة شهدت تطوراً للخلايا النائمة التابعة لـ«حماس» في مخيمات لبنان، خصوصاً منطقتي صور وصيدا، وذلك بفضل القيادي رقم 2 في «حماس» بالخارج صالح العاروري.
وهذا الصاروخ هو الأول الذي يتم إطلاقه من الأراضي اللبنانية منذ أغسطس (آب) الماضي، عندما أطلق حزب الله أكثر من 20 قذيفة صاروخية باتجاه الجليل وهضبة الجولان المحتلة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.