ضغوط حوثية لإجبار سكان صنعاء على تمجيد قتلى الجماعة

يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
TT

ضغوط حوثية لإجبار سكان صنعاء على تمجيد قتلى الجماعة

يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)
يمنيان يسيران بشارع مطل على المدينة القديمة في صنعاء (رويترز)

أفاد سكان في صنعاء بنصب الجماعة الحوثية مجسما ضخما حول قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد، تحديدا في مكان الجندي المجهول بميدان السبعين، الأمر الذي عده مراقبون استهدافا جديدا للنصب التذكاري لما له من رمزية بالغة لدى اليمنيين لارتباطه بثورتهم الأم 26 سبتمبر (أيلول) 1962.
وأفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة الحوثية تواصل للأسبوع الثاني على التوالي إجبار مسؤولين خاضعين لها وموظفين حكوميين وسكان في صنعاء على تنفيذ زيارات يومية جماعية إلى قبر الصماد، الذي كان قتل في أبريل (نيسان) 2018 بضربة لتحالف دعم الشرعية.
وتحدثت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، عن ضغوط حوثية مورست قبل فترة ولا تزال بحق مسؤولين حكوميين ومحليين خاضعين للجماعة وموظفين بمؤسسات وهيئات في صنعاء لإجبارهم على تنظيم مثل تلك الزيارات.
ورغم تغاضي الجماعة للعام السادس عما يعانيه ملايين الموظفين بمدن سيطرتها جراء حرمانهم من الحصول على مرتباتهم بعد سرقة الميليشيات لها، أقامت الميليشيات فعاليات لإحياء مقتل الصماد خصصت لها ملايين الريالات بالتزامن مع إجبار التجار على دفع تبرعات لإحياء مثل تلك الفعاليات التي تمجد القتلى وتحض على الكراهية.
وبحسب المصادر، أسفرت الضغوط الحوثية عن قيام المؤسسات الحكومية الخاضعة تحت سيطرة الانقلابيين بتنظيم زيارات جماعية إجبارية لقبر الصماد طيلة أسبوع، إذ تزامن ذلك مع إعداد الجماعة برنامجاً خاصاً استهدف سكان الأحياء في صنعاء وريفها لتنفيذ مثل هذه الزيارات.
في سياق ذلك، اتهم سكان في صنعاء الجماعة بمواصلتها منذ أيام عبر مشرفيها استهدافهم بنطاق أحيائهم وإجبارهم على تنفيذ زيارات جماعية تحت اسم «رمضانية» لقبر القيادي السابق في الجماعة، وشكا البعض منهم لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار الضغوط والتعسفات الحوثية بحقهم. ولفت السكان إلى أن الميليشيات باتت حاليا تستهدف كل يوم سكان حي جديد في صنعاء وتجبرهم تحت الترغيب والترهيب على تنظيم زيارة إلى الضريح، وعدوا ذلك بأنه يأتي في سياق استمرار الجماعة حشد اليمنيين بالقوة إلى فعالياتها وأنشطتها خصوصا تلك التي تحمل الصبغة الطائفية.
وكشف أحد السكان من صنعاء اكتفى بالترميز لاسمه بـ«ع. ن» عن إجباره وسكان الحي الذي يقطنه في صنعاء قبل أيام من قبل مشرفي الحارات التابعين للميليشيات على الخروج بصورة جماعية من منازلهم في ظل ما يعانونه حاليا من أوضاع معيشية صعبة لزيارة ذلك الضريح.
وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مشرفي الجماعة هددوا في سياق ذلك الاستهداف السكان المتغيبين أو المتقاعسين عن تنفيذ تلك التوجيهات بإدراج أسمائهم ضمن قوائمهم السوداء، وبموجبها سيتم حرمانهم لأشهر من الحصول على غاز الطهي وبعض المساعدات الأخرى.
وقال إن الميليشيات نقلت عبر مشرفيها تباعا طيلة الأيام القليلة الماضية المئات من سكان صنعاء رجالاً ونساء وأطفالاً، إلى جانب استقدامها لمواطنين آخرين من قرى وأرياف متفرقة بمحافظة صنعاء على شكل دفعات من أجل تنظيم زيارة لضريح الصماد.
ويرجح مراقبون أن الميليشيات تسعى من وراء إجبار اليمنيين من مختلف الفئات على تنظيم زيارات جماعية لقبر الصماد إلى خداع وتضليل الرأي العام المحلي بوجود قداسة مزعومة لقتلى الجماعة وأنصارها.
وكانت الجماعة الحوثية اختارت في أبريل 2018 مكان النصب التذكاري القائم منذ عقود بميدان السبعين في صنعاء كرمز لشهداء الثورة اليمنية، كمكان لها لدفن الصماد ومرافقيه الستة، الأمر الذي أثار سخط اليمنيين.
ووصف ناشطون محليون ذلك حينها بأنه تعد وانتهاك صارخ بحق خصوصية ورمزية ذلك المكان، واعتبروا أن ذلك يندرج في إطار المحاولات الحوثية لطمس كل ما له علاقة بنضالات اليمنيين ضد الحكم الإمامي الذي ترى الجماعة نفسها اليوم امتدادا له وتسعى من جديد لإعادته لكن على الطريقة الخمينية.
يشار إلى أن معلم النصب التذكاري للجندي اليمني المجهول الواقع في ميدان السبعين يتكون من 6 أعمدة تجسد أهداف الثورة اليمنية، وجرت العادة في الأعياد الوطنية للثورة اليمنية من كل عام، أن يتم وضع إكليل من الزهور أمام الضريح من قبل وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش وقيادة الدولة في الحكومات اليمنية المتعاقبة.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).