اجتماع عربي ثلاثي بالقاهرة يشدد على ضرورة الهدوء في القدس

السيسي وعبد الله وبن زايد طالبوا باحترام الوضع القانوني والتاريخي للمدينة

السيسي يتوسط الملك عبدالله والشيخ محمد بن زايد في مطار القاهرة الدولي (أ.ف.ب)
السيسي يتوسط الملك عبدالله والشيخ محمد بن زايد في مطار القاهرة الدولي (أ.ف.ب)
TT

اجتماع عربي ثلاثي بالقاهرة يشدد على ضرورة الهدوء في القدس

السيسي يتوسط الملك عبدالله والشيخ محمد بن زايد في مطار القاهرة الدولي (أ.ف.ب)
السيسي يتوسط الملك عبدالله والشيخ محمد بن زايد في مطار القاهرة الدولي (أ.ف.ب)

شدد لقاء عربي ثلاثي مصري - أردني - إماراتي عقد في القاهرة أمس (الأحد) على ضرورة استعادة الهدوء في القدس.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية كلاً من الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة.وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن اللقاء شهد عقد مأدبة إفطار على شرف ضيوف مصر، تبادل خلالها المجتمعون التهاني بمناسبة قرب حلول عيد الفطر المبارك.
ووفق المتحدث أعرب السيسي عن التقدير للعلاقات الوثيقة والتاريخية التي تجمع البلدان الثلاثة على المستويين الرسمي والشعبي، مؤكداً تطلع مصر إلى تعزيز التعاون البناء بين مصر والأردن والإمارات، والانطلاق سوياً نحو آفاق واسعة من الشراكة الاستراتيجية التي تؤسس لعلاقات ممتدة وتحقق المصالح المشتركة، وتصب في خانة تعزيز العمل العربي المشترك، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي تموج بها المنطقة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن التطورات الإقليمية والدولية المتعددة.
ونقل البيان المصري، عن ضيفي مصر تأكيدهما على الروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدان الثلاثة، مؤكدين الحرص على الارتقاء بالتعاون مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وذلك لمصلحة الشعوب الشقيقة في الدول الثلاث، وبما يعظم استفادتها من الفرص والإمكانات الكامنة في علاقات التعاون بينهم، ويضيف مزيداً من الزخم إلى هذا التعاون المثمر في القطاعات المختلفة، فضلاً عن كون هذه العلاقات تمثل حجر أساس للحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي وإعادة التوازن للمنطقة، وذلك في ضوء الأهمية المحورية لمصر والأردن والإمارات إقليمياً ودولياً.
وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد التباحث حول تطورات مسارات التعاون المختلفة بين مصر والأردن والإمارات، حيث تم التوافق بشأن استمرار التنسيق والتشاور إزاء جميع القضايا والملفات ذات الاهتمام المتبادل، بهدف توحيد الرؤى والتحركات، ودعم العمل العربي المشترك وبذل الجهود اللازمة لصون الأمن القومي العربي. كما شهدت المباحثات كذلك استعراض آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة، خاصة تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، والتنسيق القائم بين الدول الثلاث في هذا الإطار، وذلك في ظل التطورات التي تشهدها مدينة القدس، مشددين على أهمية استدامة الجهود لاستعادة الهدوء في القدس، وضرورة احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم في الحرم القدسي الشريف، كما أكد الزعماء في السياق ذاته على احترام دور الوصاية الهاشمية التاريخية في حماية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، فضلاً عن أهمية وقف إسرائيل كل الإجراءات التي تقوض حل الدولتين وضرورة إيجاد أفق سياسي للعودة إلى مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق القانون الدولي.
وتم أيضاً تبادل وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الدولية، خاصة تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، والدور العربي في هذا الصدد من خلال لجنة الاتصال العربية، حيث تم التأكيد على أهمية تغليب لغة الحوار والحلول الدبلوماسية، والمساعي التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسياً بما يحافظ على الأمن والاستقرار الدوليين، وبما يضمن عدم تصعيد الموقف أو تدهوره، وتفادياً لتفاقم الأوضاع الإنسانية والاقتصادية وأثرها على المنطقة والصعيد العالمي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.