مستشار للمفاوضين الإيرانيين: تبعات {أوكرانيا} ستجبر بايدن على الاتفاق معنا

المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا
المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا
TT

مستشار للمفاوضين الإيرانيين: تبعات {أوكرانيا} ستجبر بايدن على الاتفاق معنا

المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا
المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا

توقع مستشار للفريق المفاوض النووي الإيراني أن تؤدي تبعات الحرب الأوكرانية المتزايدة إلى «إجبار» الولايات المتحدة لإبرام اتفاق مع طهران، وذلك بعدما حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان من «إطالة» فترة توقف مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي.
وأبلغ المستشار السياسي في الفريق المفاوض الإيراني، محمد مرندي، وكالة «إرنا» الرسمية أمس أن الصراع الداخلي في واشنطن يعوق التوصل إلى اتفاق في فيينا، لافتا إلى أن «تبعات الحرب في أوكرانيا، ستجبر أميركا على إبرام اتفاق مع إيران في نهاية المطاف».
وتبادلت إيران والولايات المتحدة مسؤولية اتخاذ القرار لإنجاز مفاوضات فيينا التي توقفت الشهر الماضي، في لحظات حاسمة إثر عقبة روسية، قبل أن تشترط إيران إزالة «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وكرر مرندي الموقف الإيراني بشأن ضرورة اتخاذ القرار من واشنطن للتوصل إلى ما تصفه طهران بـ«الاتفاق الجيد». وقال «بحسب الأميركيين، تمكنت إيران من الحصول على تنازلات لافتة في فيينا، لهذا قدم بعض أعضاء الفريق المفاوض الأميركي استقالاتهم وغادروا الفريق للتعبير عن احتجاجهم». وأشار أيضاً إلى «الردود السلبية» في الكونغرس، في أعقاب إفادة للمبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي. وكان مرندي وهو نجل الطبيب الخاص بالمرشد الإيراني، من بين الوجوه الجديدة التي انضمت إلى الفريق المفاوض النووي، بعدما تولى المحافظ المتشدد، علي باقري كني رئاسة الفريق المفاوض بدلا من نائب وزير الخارجية السابق، عباس عراقجي.
وواكب مرندي الفريق المفاوض الإيراني منذ عودته إلى طاولة المفاوضات في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بعد خمسة أشهر من الغياب نتيجة تشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة إبراهيم رئيسي.
وأوضح مرندي «في الأيام الأخيرة كانت الأعمال تتقدم بسرعة، بشأن مختلف القضايا بما في ذلك التحقق وإلغاء العقوبات، والضمانات، وقضية الحرس الثوري، لكن الأميركيين أوقفوا العمل فجأة».
وبذلك، ألقى مرندي باللوم على «الخلافات الداخلية» الأميركية، لكنه أفصح عن توقعات لدى أجهزة صنع القرار في طهران، بأن «المشكلات المتزايدة للحرب الأوكرانية على الولايات المتحدة، ستضغط على بايدن لقبول ضرورة الاتفاق (مع إيران)».
طالب مشروعون أميركيون إدارة بايدن بعدم رفع «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب للتوصل إلى اتفاق مع طهران، للهروب من أزمة الطاقة جراء الحرب في أوكرانيا.
ويقول خبراء إن الفريق الحالي لم يذهب أبعد من القضايا المنصوص عليها اتفاق فيينا 2015، فيما يخص الخطوات النووية الإيرانية، لكن الحكومة تصر على شطب «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب، بينما تواجه انتقادات داخلية على تباطؤها في إبرام الاتفاق الذي بدا في متناول اليد عندما ترك الفريق المفاوض النووي برئاسة عراقجي طاولة المفاوضات في يونيو (حزيران) العام الماضي.
أتت مطالب طهران بتخفيف الضغط على «الحرس الثوري» بينما رفضت الحكومة الإيرانية إثارة ملف برنامجها للصواريخ الباليستية أو الأنشطة الإقليمية، في المفاوضات النووية.
وقال مرندي إنه «لا مشكلة في العواصم الأوروبية، ولا العاصمة الروسية والعاصمة الصينية ولا طهران، لكن يجب أن ننتظر القرار الذي سيتخذه بايدن».
وكان مرندي يكرر حرفيا ما ورد على لسان وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، في مكالمة هاتفية جرت بين مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.
وذكر بيان للخارجية الإيرانية أن الاتصال بين المسؤولين تناول المفاوضات النووية. وقال عبد اللهيان بحسب بيان للخارجية إن «المشاورات مستمرة» بشأن المفاوضات، وأضاف «لا يوجد أدنى شك في إدارة إيران للتوصل إلى اتفاق جيد وقوي ودائم». وأضاف على «البيت الأبيض أن يتخلى عن المطالب المبالغ فيها، والتردد، وأن ينتهج مساراً واقعيا للتوصل إلى حل».
لكن بوريل الذي يلعب نائبه، إنريكي مورا دور المنسق في محادثات فيينا، وجه تحذيرا إلى عبد اللهيان من أن إطالة فترة توقف المفاوضات «أمر غير بناء»، مقترحا اجتماعا بين منسق المحادثات وكبير المفاوضين الإيرانيين قريبا. وأشار بوريل إلى الحرب الأوكرانية، واصفا إياها بـ«الأزمة العالمية التي من شأنها أن تؤدي إلى تبعات سلبية».
وقبل اتصال بوريل، قال قائد البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني علي رضا تنغسيري، الخميس، إن إيران رفضت «عروضاً وتنازلات» من جانب واشنطن برفع العقوبات، مقابل أن تتخلى إيران عن خططها للثأر من مقتل الجنرال قاسم سليماني الذي قضى في غارة جوية أميركية أمر بها الرئيس السابق، دونالد ترمب.
وكانت تقارير قد ذكرت أن واشنطن رهنت رفع «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب بخفض التصعيد الإقليمي، والتخلي عن خططها الثأرية لمقتل سليماني، ما يوجه تهديدا مباشرا بعمليات ضد المسؤولين السابق في إدارة ترمب في عمق الأراضي الأميركية.
وردا على تصريحات تنغسيري، قال متحدث باسم الخارجية الأميركية «لن نتفاوض علانية، لكن إذا أرادت إيران رفع العقوبات على نحو أكبر من الوارد في خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، فعليها التصدي لمخاوفنا الأبعد من (التي تناولها) الاتفاق» وفقاً لرويترز.
وشدد المسؤول الأميركي «على العكس من ذلك، إذا لم يرغبوا في استغلال هذه المحادثات لحل القضايا الثنائية الأخرى خارج خطة العمل الشاملة المشتركة، فنحن على ثقة من أنه يمكننا التوصل سريعا إلى تفاهم بشأن الخطة والبدء في إعادة تنفيذ الاتفاق... ينبغي لإيران أن تتخذ قراراً».
ودفعت بعض الأوساط الأميركية - الإيرانية المؤيدة للاتفاق النووي باقتراح حل وسط يفضي برفع «الحرس الثوري» من قائمة الإرهاب، مقابل الإبقاء على «فيلق القدس» وهو ذراع التجسس الخارجية لـ«الحرس الثوري» الذي يسيطر على الميليشيات المتحالفة معه في الخارج.وأصدرت مجموعة من 40 مسؤولاً أميركياً سابقاً وخبراء في مجال الحد من الانتشار النووي، مذكرة تحذر من خطر إيران من امتلاك سلاح نووي، بحسب ما أوردت صحيفة «واشنطن بوست» الخميس الماضي.
قال نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق، علي مطهري، إن هدف إيران من امتلاك برنامج نووي هو «صناعة القنبلة بهدف تعزيز قوتها الرادعة، لكننا لم نتمكن من الحفاظ على سرية هذه القضية، وتم إفشاء التقارير السرية من قبل منظمة مجاهدي خلق».
وقال مطهري في مقابلة خاصة مع موقع «إيسكانيوز» المحلي إن «البلد الذي يريد امتلاك برنامج نووي سلمي، لا يبدأ إطلاقاً من تخصيب اليورانيوم، بل ينشئ مفاعلاً في البداية، وبعد ذلك يدخل مجال التخصيب، لكن أن نريد القيام بتخصيب اليورانيوم مباشرة يثير شبهات بأننا نريد صناعة قنبلة نووية».
وتابع مطهري: «إذا كان بإمكاننا أن نصنع قنبلة نووية سراً، ونقوم باختبارها لكن رادعاً للغاية». وأضاف: «الدول الأخرى تعول على القدرات النووية. أعتقد كان ينبغي أن نواصل العمل الذي بدأناه إلى النهاية».



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».