«قارب موت» جديد في شمال لبنان واتهامات للجيش بالمسؤولية

قائد «البحرية» يؤكد القيام بتحقيق ويتحدث عن محاولات لتسييس القضية قبل الانتخابات

صورة وزّعها الجيش اللبناني لمركب المهاجرين قبل غرقه (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الجيش اللبناني لمركب المهاجرين قبل غرقه (أ.ف.ب)
TT

«قارب موت» جديد في شمال لبنان واتهامات للجيش بالمسؤولية

صورة وزّعها الجيش اللبناني لمركب المهاجرين قبل غرقه (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الجيش اللبناني لمركب المهاجرين قبل غرقه (أ.ف.ب)

مرّة جديدة تتكرّر المأساة أثناء هروب أشخاص بحراً من لبنان، وتحديداً في شماله؛ حيث بات فصل الربيع بمثابة موسم الهجرة غير الشرعية التي يلجأ إليها الفقراء في محاولة للخلاص من المأساة التي يعيشونها. لكن هذه المحاولة تحوّلت إلى كارثة ليل الأحد، مع الإعلان عن غرق زورق على متنه 60 شخصاً، بينهم عائلات بأكملها، نجح الجيش اللبناني في إنقاذ عدد كبير منهم، وعثر على 6 جثث، بينها طفلة، بينما لا يزال آخرون في عداد المفقودين.
وفيما طغت أخبار «قارب الموت» على ما عداه في لبنان، وأعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن حداد عام اليوم (الاثنين)، فإن القضية التي شغلت الرأي العام أمس (الأحد) كانت الاتهامات التي وجّهت إلى الجيش اللبناني من قبل ناجين لجهة تحميله مسؤولية ما حصل، وقول البعض إن القارب غرق إثر مطاردة قوة الجيش له، وهو ما نفاه الجيش، داعياً إلى «عدم تسييس القضية في موسم الانتخابات».
ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن أحد الناجين تأكيده أن القارب غرق بعد أن طارده الجيش، وقال خلال وجوده في ميناء طرابلس إن «زورق دورية اصطدم بقاربنا مرتين»، وذلك «قبل أن تطلب منه عائلات ناجين الصمت وتقتاده بعيداً»، بحسب ما ذكرت الوكالة.
وكان الصليب الأحمر اللبناني أول من أعلن عن غرق قارب على متنه 60 شخصاً في وقت متأخر من مساء السبت؛ حيث توجهت سيارات الإسعاف التابعة له إلى ميناء طرابلس، ونجحت في نقل 17 ناجياً إلى مرفأ طرابلس، وعثرت على جثة طفلة.
وصباح أمس، أعلنت قيادة الجيش، في بيان لها، أن القوات البحرية التابعة لها تمكنت من إنقاذ 48 شخصاً، بينهم طفلة متوفية كانوا على متن مركب تعرّض للغرق أثناء محاولة تهريبهم بطريقة غير شرعية، قبالة شاطئ القلمون – الشمال، نتيجة تسرّب المياه بسبب ارتفاع الموج وحمولة المركب ‏الزائدة.
ولفتت إلى أن القوات البحرية عملت بمؤازرة مروحيات تابعة للقوات الجوية على سحب ‏المركب وإنقاذ معظم من كان على متنه حيث قُدمت لهم الإسعافات الأولية، ونُقل المصابون منهم إلى مستشفيات المنطقة، فيما تواصل القوى عملياتها براً وبحراً وجواً لإنقاذ آخرين ما زالوا في عداد المفقودين. وقد تمَّ توقيف المواطن «ر.م.أ» للاشتباه بتورطه في عملية التهريب، فيما بوشرت التحقيقات بإشراف القضاء المختص.

جنود يحاولون تهدئة واحد من ذوي المفقودين (أ.ب)

- ردّ الجيش
قال قائد القوات البحرية في الجيش، العقيد الركن هيثم ضناوي، في مؤتمر صحافي عقده لشرح ملابسات ما حصل: «نقوم بتحقيق شفاف ونتحمل مسؤولياتنا وإذا أخطأ أحد منا لفظياً نحاسبه، ولكن بالأمور العملية لم يحصل أي خطأ تقني من قبلنا وهناك بعض الجهات التي تحاول تسييس هذا الموضوع لأنه موسم انتخابات». وأكد أن «المركب الذي غرق صغير وتعود صناعته إلى العام 1974 وطوله 10 أمتار وعرضه 3 أمتار، بينما الحمل المسموح له هو 6 أشخاص فقط».
وإذ لفت إلى أنه «لم تكن هناك سترات إنقاذ، ولا أطواق نجاة»، شدد على أن «الجيش حاول منع المركب من الانطلاق، ولكنه كان أسرع منا».
وقال: «حمولة المركب لم تكن تسمح له بأن يبتعد عن الشاطئ ولم يقتنعوا من عناصرنا الذين يعانون معاناتهم نفسها، وقائد المركب اتخذ القرار بتنفيذ مناورات للهروب من (الخافرة) بشكل أدى إلى ارتطامه بها». وأعلن أن «عدد الناجين بلغ 45 شخصاً، وهناك 5 جثث، إضافة إلى الطفلة التي توفيت أول من أمس، ومن الممكن أن يكون هناك مفقودون نحاول معرفتهم».
- مواقف سياسية
ولاقت الحادثة ردود فعل مستنكرة من قبل معظم المسؤولين والسياسيين، وتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري بأحرّ التعازي إلى ذوي الضحايا، متمنياً للجرحى الشفاء العاجل، وداعياً السلطات الأمنية والقضائية المختصة إلى «إجراء تحقيقاتها بسرعة وشفافية مطلقة، وكشف ملابسات هذه الجريمة المتمادية بحق أبناء الشمال، وعاصمتها الفيحاء طرابلس، وإنزال أقسى العقوبات بحق المرتكبين، ولا سيما أنها ليست الجريمة الأولى التي ترتكب، ويدفع ثمنها اللبنانيون غالياً على متن قوارب الموت، على أيدي المجرمين من تجار الأزمات».
وأضاف: «إن العزاء الحقيقي في هذه اللحظات الحزينة أن يسمع جميع المسؤولين في لبنان على مختلف مواقعهم، خاصة من هم في السلطة التنفيذية والوزارات المعنية، لصوت أبناء طرابلس والشمال المفجوعين بفلذات أكبادهم من أجل مقاربة حقيقية تضع حداً لحرمان هذه المنطقة العزيزة من لبنان وإنقاذ أبنائها الشرفاء والطيبين من مصيدة الموت المجاني هذه».
من جهته، كتب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على حسابه عبر «تويتر» قائلاً: «عندما تصل الأمور بالمواطن اللبناني للجوء إلى قوارب الموت هرباً من جهنم الدولة، فهذا يعني أننا أصبحنا في دولة ساقطة». وأضاف: «طرابلس اليوم تعلن بلسان ضحاياها هذا السقوط»، متوقفاً عند شهادات أهالي الضحايا بالقول: «الشهادات التي صرح بها ضحايا قارب الموت خطيرة».
وأضاف: «لن نقبل بأن تدفن في بحر المدينة. المطلوب تحقيق سريع يكشف الملابسات ويحدد المسؤوليات، وخلاف ذلك لنا كلام آخر».
بدوره، كتب رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط عبر «تويتر» معزّياً ضحايا غرق الزورق، مؤكداً أن «المطلوب تحقيق شفاف، على أمل أن نستعيد بلدنا من عبّارة الموت».
من جهته، أكد وزير الداخلية بسام مولوي أنه سيتابع التحقيقات وصولاً لكشف الملابسات، وقال: «نريدُ تحقيقاً شفافاً يرضي أهالي الضحايا، ونريدُ العدالة والمحاسبة. سنعمل من أجل إنصاف مدينتنا التي تعاني من حرمان مزمن والتي قدمت الكثير الكثير للوطن».
ومع الدعوات المستمرة لوقف الهجرة غير الشرعية من لبنان، تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن ما لا يقل عن 1570 شخصاً، من بينهم 186 لبنانياً، غادروا لبنان أو حاولوا المغادرة بشكل غير نظامي عن طريق البحر بين يناير (كانون الثاني) ونوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بعدما كان قد بلغ عدد المهاجرين عام 2019 نحو 270، بينهم 40 لبنانياً.
وفيما تشير المعلومات إلى أن أغلب المهاجرين هم من الجنسية السورية، مع تسجيل ارتفاع العدد في الفترة الأخيرة في صفوف اللبنانيين، فإن وجهة معظم هؤلاء هي جزيرة قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي التي تبعد 175 كيلومتراً عن سواحل لبنان.



بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
TT

بن مبارك: الحرب الاقتصادية الحوثية أشد أثراً من الصراع العسكري

رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)
رئيس الحكومة اليمنية خلال كلمة له أمام ممثلي التكتل الحزبي الجديد (سبأ)

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك تطلع حكومته للتفاعل الإيجابي مع التكتل السياسي الحزبي الجديد للقوى اليمنية الذي أُشهر من العاصمة المؤقتة عدن، وقال إن الحرب الحوثية الاقتصادية باتت أشد أثراً على معيشة اليمنيين من الصراع العسكري.

وكانت الأحزاب والقوى اليمنية قد أشهرت، الثلاثاء، تكتلاً حزبياً واسعاً في عدن هدفه العريض استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي والحفاظ على الجمهورية وفق دولة اتحادية.

بن مبارك تعهد بالاستمرار في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في حكومته (سبأ)

وقال بن مبارك: «ننظر لهذا التكتل على أنه صوت جديد، ورؤية متجددة، وأداة للتغيير البناء وجهد بارز في السياق الوطني يضاف للجهود التي تسعى لرص الصفوف وتهيئة السبل لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيا الحوثي».

وأضاف أن حكومته «تتطلع وبانفتاح كامل للتفاعل إيجابياً» مع هذا التكتل الحزبي وبما يقود لتوحيد الجهود لاستكمال استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب وتحقيق السلام.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تكاتف الجهود في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار، وتعزيز السيادة، وبناء يمن اتحادي موحد وقوي، وقال: «ندرك جميعاً التحديات، ونعلم أن الطريق لن يكون سهلاً، ولكن بإيماننا العميق بقضيتنا وبإرادة أبناء شعبنا، يمكننا أن نصنع الفارق».

حرب الاقتصاد

استعرض رئيس الحكومة اليمنية الحرب الاقتصادية الحوثية وقال إن آثارها التدميرية «تتجاوز الآثار الناتجة عن الصراع العسكري»، مشيراً إلى أنها أضرت بحياة المواطنين وسبل عيشهم، واستنزفت موارد البلاد، وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الخدمات الأساسية.

ورأى بن مبارك أن ذلك «يتطلب توحيد الصفوف ودعم مؤسسات الدولة، لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية وحماية الاقتصاد الوطني والتخفيف عن المواطنين الذين يتحملون أعباء كبيرة».

جانب من حفل إشهار التكتل الجديد للقوى والأحزاب اليمنية (سبأ)

وقال: «الحرب الاقتصادية المستمرة التي تشنها ميليشيات الحوثي، إلى جانب استهدافها المنشآت النفطية، أثرت بشكل كبير على استقرار الاقتصاد اليمني وأسهمت في التدهور السريع لسعر صرف العملة الوطنية، وتقويض قدرة الحكومة على الحفاظ على استقرار العملة، ونتيجة لذلك، واجه الريال اليمني انخفاضاً كبيراً في قيمته، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الملايين في جميع أنحاء البلاد».

وأكد بن مبارك أن إعادة تصدير النفط ورفد الخزينة العامة بالعملة الصعبة حق من حقوق الشعب يجب العمل على انتزاعه وعدم السماح للحوثيين باستمرار عرقلة الاستفادة من هذا المورد الذي يعد العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

وأوضح أن حكومته تمضي «بكل جدية وتصميم» لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مؤسسات الدولة، وإرساء ثقافة النزاهة واحترام القانون، وأنها ستقوم باتخاذ خطوات عملية لتقوية الأجهزة الرقابية وتفعيل آليات المحاسبة.

تكتل واسع

كانت القوى اليمنية قد أشهرت من عدن «التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» عقب سلسلة لقاءات تشاورية، توصلت إلى إعلان التكتل الجديد الذي يضم نحو 22 حزباً ومكوناً سياسياً وإقرار لائحته التنظيمية.

وتم التوافق على أن تكون رئاسة التكتل في دورته الأولى لحزب «المؤتمر الشعبي»، حيث سمى الحزب أحمد عبيد بن دغر رئيساً للمجلس الأعلى للتكتل في هذه الدورة.

وبحسب بيان الإشهار، يلتزم التكتل بالدستور والقوانين النافذة، والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمواطنة المتساوية، إضافة إلى التوافق والشراكة والشفافية والتسامح.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مع رئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر (سبأ)

كما يضع التكتل برنامجاً سياسياً لتحقيق عدد من الأهداف؛ بينها استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب وحل القضية الجنوبية بوصفها قضية رئيسية ومفتاحاً لمعالجة القضايا الوطنية، ووضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام.

ويؤكد برنامج عمل التكتل على دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على التراب الوطني كافة، ومساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات ورفع المعاناة عن كاهل المواطنين، وعودة جميع مؤسسات الدولة للعمل من العاصمة المؤقتة عدن.

وأكد بيان الإشهار أن هذا التكتل باعثه الأساسي هو تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب الحوثيين واستعادة الدولة، وأنه ليس موجهاً ضد أحد من شركاء العمل السياسي.