جدل في تونس حول مرسوم رئاسي لتعديل نظام هيئة الانتخابات

رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي (إ.ب.أ)
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي (إ.ب.أ)
TT

جدل في تونس حول مرسوم رئاسي لتعديل نظام هيئة الانتخابات

رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي (إ.ب.أ)
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي (إ.ب.أ)

خلّف إمضاء الرئيس التونسي قيس سعيد مرسوماً رئاسياً سيعدل من خلاله القانون الأساسي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، جدلاً سياسياً وقانونياً حاداً في البلاد، في ظل انتقادات من أطراف سياسية واجتماعية وحقوقية للجوء إلى تعديل قانون الانتخابات خلال الفترة الانتخابية بما يمكن أن يؤثر، بحسب المنتقدين، على النتائج وعلى شروط الترشح للانتخابات البرلمانية المقررة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأصدر الرئيس سعيد أمس الجمعة مرسوماً يقضي باستبدال أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بسبعة أعضاء جدد عينهم بنفسه، في أحدث إجراء يقوم به بعد حله البرلمان الشهر الماضي.
وقال عادل البرينصي، عضو هيئة الانتخابات، في تصريح إعلامي، إن هيئة الانتخابات المخولة دستورياً بالإشراف على العمليات الانتخابية بأكملها لم تتلق أي معلومات حول التعديلات المزمع إدخالها، ولم تستشر ولم تتلق أي دعوة لإبداء الرأي في التعديلات.
من ناحيته، تساءل عبد اللطيف المكي، وزير الصحة السابق قيادي المستقيل من حركة «النهضة»، عن سبب تغيير رئيس الجمهورية قانون هيئة الانتخابات. وأضاف في نبرة غاضبة موجهاً كلامه للرئيس التونسي: «اختصر الطريق واقتصد في المال وعين أعضاء جدداً للبرلمان بمرسوم رئاسي».
وكان نبيل بفون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قد دعا إلى إعداد رزنامة واضحة للمواعيد الانتخابية المقبلة، في إشارة إلى الاستفتاء المزمع إجراؤه يوم 25 يوليو (تموز) المقبل والانتخابات البرلمانية المبرمجة نهاية السنة الحالية، وقال إن تلك الرزنامة لا يمكن الحديث عنها أو إعدادها في ظل غياب نص قانوني رسمي يفعل تلك المواعيد. وأضاف أن نشر نص قانوني في الرائد الرسمي (الصحيفة الحكومية الرسمية) مسألة ضرورية للبناء عليها في إعداد رزنامة تلك المحطات الانتخابية. وأكد بفون أن إعلان الرئيس التونسي عن تلك المواعيد الانتخابية كان ضمن تصريحات وهي غير كافية للبناء عليها في إعداد مواعيد ثابتة واتخاذ قرارات بصرف المال العام والاستعداد للعملية الانتخابية برمتها. وفيما يتعلق بمبادرة الرئيس سعيد لإجراء تغييرات على مستوى تركيبة الهيئة وتجديد ثلث أعضائها، تمسك بفون بضرورة الاعتماد على الحوار ومشاركة مختلف الأطراف السياسية التي ستشارك في العملية الانتخابية المقبلة قبل الإقدام على تغيير تركيبة الهيئة.
يذكر أن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد عبر عن استغرابه لاستقبال رئيس الجمهورية لنائبه فاروق بوعسكر فقط، معتبراً أنه كان من المفروض استقبال مجلس هيئة الانتخابات بأكمله. واعتبر بفون، في الوقت ذاته، أن اللقاء بين سعيد وبوعسكر أمر عادي وبروتوكولي، مشيراً إلى وجود مسائل عدة وجب طرحها مع رئاسة الجمهورية وهي تخص بالأساس مناخ الانتخابات ككل بدءاً بالقانون الانتخابي وطريقة الاقتراع وقانون تمويل الانتخابات وقانون الجمعيات علاوة على تنظيم مؤسسات سبر الآراء.
على صعيد آخر، قالت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، إن السلطات التونسية أعلمتها أمس بإحالتها على قاضي التحقيق من أجل شكوى تقدم بها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - مكتب تونس يتهمها بتكوين «وفاق إجرامي» ضده. وأضافت في مؤتمر صحافي عقدته أمس بمقر الحزب أن «الدولة أصبحت بطريقة رسمية تتستر وتحمي التنظيمات الإرهابية وتقوم بترهيب وتخويف الوطنيين والقوى المدنية التي تتصدى لهذه التنظيمات الخطيرة». واتهمت القضاء التونسي بتحريك الشكاوى المودعة ضد «اتحاد (يوسف) القرضاوي والأخطبوط التابع له، مقابل تحريك قضايا ضدها على خلفية مواقفها من (الرئيس) قيس سعيد».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.