«حركة شبابية» جديدة في السويداء لـ«كل السوريين»

مؤسسوها يريدون تجاوز الاستقطاب بين موالين للنظام ومعارضين له

TT

«حركة شبابية» جديدة في السويداء لـ«كل السوريين»

شكل عشرات الناشطين في السويداء، جنوب سوريا، حركة سياسية في الداخل السوري، تميزت بالوجود الشبابي فيها، حيث ضمت منذ الإعلان عن انطلاقها بمحافظة السويداء في شهر مارس (آذار) من هذا العام، حسب أحد المسؤولين عن الحركة، 46 شاباً وشابة من أصحاب الكفاءات العلمية والناشطين في المجتمع.
وقال أحد مؤسسي الحركة الشبابية السياسية في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة تأسست منذ عام، وسبقتها فترة من المشاورات بين الأعضاء المؤسسين لتوحيد الرؤية والأهداف، أهمها أن العمل السياسي ضروري جداً ومطلب رئيسي يتعلق به حل جميع المشكلات السورية، كما أن فئة الشباب لم تأخذ دورها السياسي الحقيقي في سوريا، سواء لدى الموالين أو المعارضين، وهي من أهم فئات الشعب السوري القادرة على التغيير، خصوصاً أن المجتمع يعاني من غياب الهويات السياسية والمجموعات المنظمة ذات الفكر التغييري، أمام كثرة الفصائل المسلحة ومنظمات المجتمع المدني المدعومة، والأجندات الخارجية في سوريا.
وأضاف أن مفهوم المعارض والمؤيد الذي درج في سوريا منذ عام 2011 هو من أسباب ضياع البوصلة السياسية، واختزال العملية السياسية بين نموذجين: المؤيد والمعارض، الأمر الذي أفرغ النشاط السياسي في سوريا من محتواه، وأدى لارتهان الكثير من الأطراف، معتبراً أن الطرح السياسي الإقصائي أساسه إلغاء الطرف صاحب النظرة المغايرة، ما أدى إلى تعميق الانقسام السياسي وزيادة تفاقم المشكلات السياسية السورية.
واعتبر المصدر نفسه أن غياب استقلال القضاء وهيمنة الأجهزة الأمنية على القرار السوري والقضائي، وغياب العدالة الاجتماعية في النواحي الاقتصادية، هي من أسباب الصراع في سوريا وتغييب الحياة السياسية وممارساتها التنظيمية في البلاد.
وأشار إلى أن الأطراف المؤسسة للحركة السياسية الجديدة تعمل من الداخل السوري، وأنها في مرحلة بناء التوافقات والتفاهمات مع القوى السياسية الفاعلة، سواء الموالية أو المعارضة، لتكوين جسم سياسي قائم على الحوار وتقبل الآخر، ثم البدء بخطوات أكثر فعالية. وأكد أن هناك استجابة مميزة لأهداف الحركة وتطلعاتها على كل المستويات، من منتسبين ومراقبين وداعمين، وأن الحركة الجديدة تشمل مختلف الفئات العمرية، والعديد من التوجهات السياسية، وهذا أمر أظهر مدى حاجة السوريين لحياة سياسية منفتحة، ومدى قابلية السوريين لتعاطي العمل السياسي الجامع وغير الإقصائي.
وتعد محافظة السويداء من المحافظات السورية التي لم تخرج عن سيطرة النظام السوري، وتشكلت فيها منذ انطلاق الأحداث السورية العديد من التكتلات السياسية والمجتمعية المناهضة للنظام في دمشق، كما تنتشر فيها فصائل مسلحة غير تابعة للنظام السوري وأخرى غير رافضة لوجوده في المحافظة، مثل حركة «رجال الكرامة». وتضم هذه التشكيلات متطوعين من أبناء الطائفة الدرزية في السويداء، وتعيش المحافظة حالة عشوائية، وتشهد انتشاراً للسلاح وفلتاناً أمنياً وعمليات قتل واغتيال، استهدف آخرها شاباً يافعاً من مدينة رساس في ريف السويداء الغربي، عثر عليه مقتولاً بالرصاص ظهر يوم الجمعة الماضي.
كانت إحصائيات محلية تحدثت عن ارتفاع مؤشر الجريمة في السويداء، وشملت الجرائم عمليات قتل وخطف وسرقة وترهيب.



«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.