«داعش» يقترب من «تدمر الآثرية» وأنباء عن اعدام 26 مدنيا

تخوف من أن تلقى آثارها المدرجة على لائحة التراث العالمي مصير آثار العراق

صورة تعود للرابع عشر من مارس 2014 تظهر رجل شرطة قرب المنطقة الأثرية في تدمر وسط البلاد (أ.ف.ب)
صورة تعود للرابع عشر من مارس 2014 تظهر رجل شرطة قرب المنطقة الأثرية في تدمر وسط البلاد (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يقترب من «تدمر الآثرية» وأنباء عن اعدام 26 مدنيا

صورة تعود للرابع عشر من مارس 2014 تظهر رجل شرطة قرب المنطقة الأثرية في تدمر وسط البلاد (أ.ف.ب)
صورة تعود للرابع عشر من مارس 2014 تظهر رجل شرطة قرب المنطقة الأثرية في تدمر وسط البلاد (أ.ف.ب)

واصل تنظيم داعش تقدمه في ريف حمص الشرقي واقترب من مدينة تدمر الأثرية في ظل استمرار المعارك العنيفة بينه وبين قوات النظام في المنطقة، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتمكّن مقاتلوه، يوم أمس، من السيطرة على منطقة المحطة الثالثة ومحطة كهرباء (الأبتر) الواقعة على طريق دمشق، وتقدموا على أطراف المدينة الشمالية، وحاصروا ضباطًا تابعين لجيش النظام وعوائلهم في مساكنهم بالهجانة شمال المدينة، وفق ما ذكر «مكتب أخبار سوريا»، قبل أن تتوارد الأخبار، عن إعدام التنظيم لـ26 مدنيًا، أمس (الخميس)، قرب تدمر التي يحاول التقدم إليها في محافظة حمص وسط سوريا، وأقدم عناصره على قطع رؤوس عشرة منهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد، إن التنظيم «قام بإعدام 26 مدنيًا على الأقل، وفصل رؤوس ما لا يقل عن عشرة منهم في قرية العامرية ومدينة السخنة قرب تدمر، بعد اتهامهم بـ(العمالة والتعاون مع النظام النصيري)».
واندلعت المعارك في مناطق في ريف حمص الجنوبي بين التنظيم الجهادي وقوات النظام السوري ليل الثلاثاء - الأربعاء. وتمكن التنظيم من السيطرة على بلدة السخنة الواقعة على طريق سريع يربط محافظة دير الزور (شرق)، أحد معاقل التنظيم، بمدينة تدمر الخاضعة لسيطرة قوات النظام.
وتسببت المعارك بمقتل أكثر من 125 عنصرًا من الطرفين بينهم سبعون من قوات النظام والمسلحين الموالين.
ولجأت إلى تدمر 1800 عائلة خلال الساعات الماضية، بحسب مصدر رسمي سوري، هربًا من المعارك التي تسببت بمقتل أكثر من 110 مقاتلين من الطرفين، بحسب المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «باتت تدمر مهددة من مقاتلي التنظيم الذين أصبحوا على بعد كيلومترين من المدينة» الواقعة في محافظة حمص، مشيرا إلى أن «الاشتباكات تدور حاليًا في محيطها من الجهة الشرقية».
وأضاف: «النظام السوري صدم بالتقدم السريع والمفاجئ لتنظيم داعش وسيطرته على السخنة ومناطق في محيط المدينة، ونخشى أن يكون مصير آثار تدمر كمصير آثار العراق، وأن يتم تدمير الحضارة السوريا كالذي شهدته الأراضي العراقية».
وذكر «مكتب أخبار سوريا» أنّ اشتباكات «عنيفة» دارت بمحيط مطار تدمر العسكري وسط قصف صاروخي شنّه مقاتلو التنظيم على المطار وعلى برج الإشارة المجاور له، مما تسبب باشتعال النيران في البرج، مشيرا إلى أن «داعش» فجّر سيارة مفخخة يقودها انتحاري على الحاجز الشرقي التابع للنظام والواقع عند أطراف بلدة السخنة التي سيطر عليها التنظيم، أول من أمس.
وأفاد بتعزيزات عسكرية «ضخمة» تابعة للقوات النظامية شوهدت تخرج من مدينة حمص متجهة نحو ريفها الشرقي.
وقال المكتب إنّ الطيران الحربي التابع للقوات النظامية شنّ صباح أمس، سبعة غارات مستهدفًا حي العامرية شمال مدينة تدمر بريف حمص الشرقي الذي سيطر عليه التنظيم أول من أمس محدثًا «دمارًا واسعا» بالحي. وكانت المعارك في المنطقة قد اندلعت بين «داعش» وقوات النظام ليل الثلاثاء الأربعاء. وتمكن مقاتلو التنظيم، أول من أمس، من السيطرة على بلدة السخنة التي تقع على طريق سريع يربط محافظة دير الزور (شرق)، أحد معاقل «داعش» بمدينة تدمر الخاضعة لسيطرة قوات النظام.
وأعلن التنظيم على مواقع إلكترونية «تحرير مدينة السخنة بشكل كامل (...) مما أدى إلى فتح الطريق الدولي بين ولايتي حمص والخير»، وهي التسمية التي يطلقها على محافظة دير الزور.
ونشر «داعش» صورًا تظهر مقاتلين منه في مواقع عسكرية قال إنها كانت لقوات النظام. كما نشر صورًا أخرى لأسلحة وذخائر وقذائف موضبة في صناديق أفاد بأنها «غنائم»، حصل مقاتلوه عليها بعد سيطرتهم على الحواجز العسكرية.
وقال محافظ حمص طلال البرازي إن «1800 عائلة من بلدة السخنة فرت إلى مدينة تدمر» إثر احتدام الاشتباكات أول من أمس»، مشيرًا إلى إيواء العائلات النازحة في ثلاثة مراكز في المدينة.
ارتفعت حصيلة القتلى في المعارك منذ اندلاعها، وفق المرصد، إلى سبعين عنصرًا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ستة ضباط، وما لا يقل عن أربعين عنصرًا من التنظيم بينهم قياديان تولى أحدهما قيادة الهجوم. ونعى التنظيم «الشيخ المجاهد أبي مالك أنس النشوان» الذي قال إنه قضى في معارك السخنة. وأشار المرصد إلى «إصابة مائة عنصر على الأقل في صفوف الطرفين بجروح».
وتعد آثار مدينة تدمر واحدة من ستة مواقع سورية مدرجة على لائحة التراث العالمي في عام 2006، أبرزها قلعة الحصن في حمص والمدينة القديمة في دمشق وحلب (شمال).
وقال المدير العام للمتاحف والآثار السورية، مأمون عبد الكريم، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها اللحظة الأصعب بالنسبة إلى منذ أربعة أعوام. إذا دخل تنظيم داعش إلى تدمر، فهذا يعني دمارها. إذا سقطت المدينة فستكون كارثة دولية».
وأضاف: «سيكون ذلك تكرارا للبربرية والوحشية التي حصلت في نمرود والحضر والموصل»، في إشارة إلى المواقع والآثار العراقية التي دمرها مقاتلو التنظيم في العراق في شهري فبراير (شباط) ومارس الماضيين.
وتعرض أكثر من 300 موقع ذي قيمة إنسانية للدمار والضرر والنهب خلال أربع سنوات من النزاع السوري، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة بناء على صور ملتقطة من الأقمار الاصطناعية.
ونجم جزء من هذه الأضرار عن المواجهات العسكرية بينما وقع بعضها الآخر نتيجة «عمليات تنقيب غير شرعية وأعمال جرف أحيانا»، على غرار ما حصل في ماري ودورا أوروبوس وأفاميا وعجاجة (شمال شرقي)، ووادي اليرموك في درعا (جنوب)، وحمام التركمان بالقرب من الرقة (شمال).



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.